يوم واحد يفصلنا عن العيد ، الازدحام يتركز الآن في أسواق ومداخل المدن . الاسواق حيث حركة شراء حاجيات العيد. والمداخل حيث حركة المغادرة للمدن صوب الريف لقضاء اجازة عيد يصفه اليمنيون بالعيد الكبير. الاستعجال واضح في حركة الناس لكن امورا اخرى تبدو اكثر وضوحا في معالم الوجوه: لامبالاه، ارهاق ، وغياب كامل للفرح، وهي امور بات المواطن اليمني متعودا عليها كأسلوب وحيد لاستقبال الاعياد والمناسبات الاجتماعية.من الطبيعي ان ينعكس الوضع الاقتصادي المتدهور سلبا على مجمل الاوضاع الاجتماعية ، لذلك تستطيع ان تلحظ كيف تحولت استعدادات الناس للعيد الى نوع من الاستعداد لمعركة غير سارة بتاتا. وحين ينشط التسوق في فترة ما قبل العيد فإن ذلك لا يشير الى رفاه اجتماعي، وكل ما في الامر ان الثقافة والاعراف الشعبية هنا تحرك الجميع صوب استهلاك نمطي تجد الاسر نفسها ملزمة به، على اساس من هذه الثقافة، لكن في الحدود التي يسمح بها الوضع المالي لكل اسرة على حدة، والوضع العام للاسر لا يسمح بأي نوع من انواع الترف بما فيه "الترف الضروري". الاسواق الشعبية هي التي تشهد اقبالا اكبر، والسلع التي تعرضها هي دوما الاقل جودة وبالتالي الاقل سعرا، وثمة ظاهرة تشهد ازدهارا في هذه الاسواق هي ظاهرة البضائع المهربة والسلع الغذائية القريبة من انتهاء الصلاحية ، والباعة المتجولون يملؤون الاسواق ببساطتهم التي تعرض هذه البضائع ويقبل عليها المتسوقون بشكل كبير ولافت بسبب اسعارها الرخيصة نسبيا، وكل هذه البضائع تقريبا متعلق بالعيد اذ هي اصناف غذائية "بسكويتات، حلويات، مكسرات،عصيرات" إضافة الى الأجبان وعلب الصلصة والسردين والبهارات، وقبل هذا هناك المواشي "ابقار، أغنام" المهربة من الدول الافريقية التي تحظى باقبال المشترين الباحثين عن الارخص دوما. وبالنسبة للملابس فان الاسواق تزخر بمنتوجات اسيوية رديئة بعضها من ذلك النوع الذي يستخدم مرة واحدة فحسب، لكن الناس يقبلون على شرائها لنفس السبب الاقتصادي. بالمقابل فان تلك الاسواق التي تعد راقية تشهد ركودا ملحوظا، وحركة التسوق فيها لا يمكن مقارنتها بتلك الحركة في نظيراتها الشعبية، بل ان كثيرا من هذه الاسواق ، كما هو حال سوق شارع جمال في العاصمة صنعاء ، تحولت تدريجيا الى اسواق شعبية كما ان عددا من المعارض الكبرى اصبحت تبيع نفس المنتوجات التي تبيعها المعارض الشعبية الصغيرة والباعة المتجولون وتشير هذه الظاهرة الى حقيقة الغياب شبه الكامل للطبقة المتوسطة التي يعتبر افرادها الزبائن التقليديين للاسواق الراقية. مغادرة المدن صوت الارياف لا تعد هي الاخرى مؤشرا على رفاه اقتصادي يدفع بالناس الى قضاء اجازات مريحة خارج المدن، الالتزام الاجتماعي مرة اخرى هو السبب حيث غالبية سكان المدن اليمنية ينتمون في الاساس الى الريف ، وهم يعودون الى قراهم ومناطقهم الريفية كلما حل العيد لزيارة الاهل والابقاء على روابط اسرية متينة. موقع "الشورىنت"