تعتزم الحكومة الاسبانية برئاسة خوسي لويس رودريغيث سبتيرو طلب توضيحات من واشنطن حول لجوء مكتب التحقيقات الفيدرالي (اف بي آي) إلى استعمال صورة زعيم سياسي إسباني بارز هو غاسبار جامساريس في رسم صورة تقريبية لزعيم القاعدة أسامة بن لادن ومطلوبين آخرين.وجامساريس هو أكثر السياسيين الاسبان عداء للسياسة الخارجية الأمريكية.وتنشر المخابرات الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي بين الحين والآخر صورا لمطلوبين في ملفات إجرامية وإرهابية، وهي إما صور حديثة أو صور تقريبية يقوم موظفوها باستحداثها وفق تقنيات معينة تحاول الاقتراب من شكل الشخص المطلوب برصد آثار مرور الزمن عليه. ويعتبر زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، المطلوب رقم واحد لمختلف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والعسكرية الأمريكية. ووضع 'إف بي آي' منذ ثلاثة أيام صورة مفترضة لهيئة الملامح التي قد يكون عليها أسامة بن لادن في الوقت الراهن. وبينما كان العالم يتأمل في صورة الشخص الذي تنسب إليه تفجيرات 11 ايلول/سبتمبر 2001، بدت أجزاء من هذه الصورة مألوفة لكثير من الإسبان، ولم يخطئ حدسهم، إذ أن مصمم الوجوه في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي استعار شعر الأمين العام السابق لحزب اليسار الموحد غاسبار جاماساريس ووضعه على رأس أسامة بن لادن.وإذا كانت الصدفة قد لعبت دورا في رسم ملامح الصورة الأولى، فمن الصعب قبول الصدفة مرة ثانية لتبرير استعمال مكتب التحقيقات الفيدرالي لشعر وعيني جاماساريس في رسم ملامح صورة ثانية تتعلق بالليبي عطية عبد الرحمن الذي تلاحقه واشنطن بتهمة الإرهاب. فقد عثرت جريدة 'الموندو' الاسبانية على الصورة الثانية في موقع هذا الجهاز الأمني على النت. وعندما سألت الجريدة مكتب التحقيقات، كان الجواب ان كل شيء 'حدث صدفة ولم نكن نعرف نهائيا شخصا اسمه جاماساريس'. وأثار هذا الجواب الاستهجان لأن الاسبان لا يستوعبون كيف يمكن لجهاز من حجم 'إف بي آي' استعمال صورة شخص من شبكة الإنترنت دون التحقق من هويته وفي الوقت نفسه يدعي عدم معرفته بأحد أكبر المناهضين لسياسة واشنطن.من جهته يستبعد غاسبار جاماساريس عامل الصدفة، وقد طلب من الشرطة ووزارة الداخلية الإسبانية فتح تحقيق من شأنه أن يصل إلى مقاضاة المسؤولين الأمريكيين عن هذا العمل. كما طلب من حكومة سبتيرو تقديم احتجاج رسمي وطلب توضيحات من البيت الأبيض، وهو ما أعلنت مدريد أنها ستقوم به رغم أن عددا من المسؤولين الأمريكيين اتصلوا بجاماساريس لتقديم الاعتذار له وإبلاغه بسحب الصور.ويرى جاماساريس أن الخلط متعمد وينسبه إلى مواقفه من سياسة واشنطن. ويعتبر جاماساريس من أكبر المعادين في أوروبا لسياسة واشنطن الخارجية والعسكرية، فقد تزعم في اسبانيا مظاهرات الاحتجاج على غزو أفغانستان والعراق، وتقدم باقتراحات في البرلمان الإسباني وحزبه اليسار الموحد في البرلمان الأوروبي لفتح تحقيق بشأن رحلات الطيران السرية التي استعملت فيها المخابرات الأمريكية مطارات أوروبية. ويرى محللون والكثير من التعليقات في مواقع وسائل الإعلام على شبكة الإنترنت، خاصة في اسبانيا، أن حادثة جاماساريس تزيل ما تبقى من مظاهر أسطورية زائفة حول سطوة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأمريكية مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي و'سي آي إيه'. وقال أحد المعلقين ان 'الأجهزة الأمريكية ليست متفوقة، إنما تحصل على معلوماتها من الاتفاقيات الكثيرة التي تجمعها بأجهزة في مختلف دول العالم (..) بل بعضها في العالم العربي وأوروبا الشرقية تحولت إلى فروع في خدمتها طيلة الوقت'.