تضاربت المعلومات حول الدوافع التي ادت إلى سحب "الرياض " و" المنامة" و" أبو ظبي " سفرائهم من العاصمة القطرية "الدوحة" ومع ذلك فأن ثمة معطيات تجسد حقيقة أن في السياسة ليس هناك صداقة دائمة ولا عداوة دائمة بل هناك دائما مصالح دائمة فقطر التي تبنت زعامة ما يسمى ب" الربيع العربي" منذ العام 2006م واستقبلت رواد وزعماء التغير من الشباب في الوطن العربي وكانت وراء التفاهم الإخواني _ الإمريكي وسخرت قناة "الجزيرة" لزعزعة استقرار أنظمة الوطن العربي ونجحت في أكثر من دولة مثل تونس , ليبيا , مصر , اليمن , غير أن اليمن استوعبت الأمر والمؤامرة فتم تطويقها عبر انتخابات رئاسية مبكرة بحسب "مبادرة الخليج واليتها المزمنة" فيما مصر تداركت الأمر بثورة 30 يونيو التي اطاحت بحكم الإخوان وكل هذا حدث بفضل الصمود الاسطوري لسورية الجيش والقيادة والشعب فالأزمة السورية كشفت حقيقة زيف "الربيع العربي " واثبتت إنه " ربيع عبري" بامتياز , وهنا تداخلت الأوراق واصطدمت قطر بكثير من العوائق التي حالت دون نجاح السيناريو الذي تزعمته بما في ذلك داخل الدول التي استطاعت قطر اسقاط انظمتها واقصد بها تونس والجماهيرية لينقلب سياسيا " ربيع قطر " إلى " خريف عليها " تمثل في صمود سورية وسقوط نظام حلفائها في مصر .. حدث هذا مع صراع نشب بين أطراف شاركت وبفعالية في الانتصار لخيارات "الربيع " المزعوم واقصد بهذه الأطراف " تركيا والسعودية " اللتان واجهتا توسع في نطاق الصراعات الجيوسياسية ليأخذ مدى لم يكون في حسبانهما ولتثبت روسيا والصين ودول البريكس إضافة إلي سورية والمقاومة وايران كل هذه المفاجئات سحقت تطلعات قطر التي وجدت نفسها تواجه السعودية وتركيا اللتان استأثرتا بالمشهد العربي السوري بالتنسيق مع الكيان الصهيوني ورعاية أمريكية _ أوروبية , فيما حدة الانتقادات المصرية دفعت قطر لإعادة النظر في حساباتها وعلاقتها الجيواستراتيجية فكانت " طهران" نافذة الأمل وبوابة الانقاذ التي هرولت إليها الدوحة لتفتح ومن خلال البوابة الإيرانية نافذة نحو " دمشق " فيما يبدوا لخلق جدار حماية يقيها شرا مستطيرا من الرياض التي لا تريد قطر دولة فاعلة بل تريدها " تابعة " كما تريد الرياض دوما وأبدا حلفائها , عوامل كثيرة ايضا كانت وراء توجه قطر نحو طهرانودمشق , وهو ما أثار غضب الرياض التي وحسب المعلومات كانت قد وقعت تفاهما مع قطر منذ أكثر من 3شهور ،وبحسب المعلومات _ التي وردت لي من صديق عربي _ قام أمير الكويت بمحاولة وساطة بين المملكة العربية السعودية وبين قطر، لإصلاح ذات البين ، ولإعادة المياه إلى مجاريها بين السعودية وقطر ، فقام أمير الكويت باصطحاب أمير قطر الجديد (تميم) إلى الرياض في زيارة غير معلنة إلى قصر العاهل السعودي، وفي هذا الاجتماع الثلاثي المغلق ، قام العاهل السعودي بتوبيخ حاكم قطر بشدة بسبب ما يقوم به من محاولات التدخل في شئون الدول الأخرى وزعزعة الأمن والاستقرار بها وخصوا ما تفعله قطر في الشأن المصري ، وقد انتهى الاجتماع بكتابة وثيقة وقع عليها الأمير القطري ، وشهد عليها أمير الكويت ، وقد تعهد الأمير القطري في هذه الوثيقة بما يلي : - توقف قطر عن دعم الاخوان في مصر وجبهة النصرة وتنظيم داعش في سوريا - توقف قطر عن دعم الحوثيين في اليمن والتي تساندهم ايران - توقف قناة الجزيرة التابعة للنظام القطري عن ترويج الشائعات ضد ثورة 30-6 للشعب المصري -توقف قطر عن تشويه الدولة المصرية والنظام المصري الجديد - توقف قطر عن دعم كل تيارات الاسلام السياسي في العالم العربي كله . وتم إعطاء أمير قطر مهلة زمنية مدتها ثلاثة شهور لتنفيذ بنود هذا الاتفاق ، ولما لم تلتزم قطر بما وقع عليه تميم ، وقد انتهت مهلة ال 3شهور المتفق عليها ، قامت الدول الثلاث (السعودية والامارات والبحرين) بسحب سفرائها من قطر . وفي نفس السياق تقوم الآن دولة الكويت بعرض الآن نفس القرار علي البرلمان الكويتي ، بعد أن شعر أميرها بأن أمير قطر قد ورطه ووجه إليه إهانة شخصية بعدم التزام بالتعهدات المنصوص عليها في الاتفاق ،خاصة وقد وقّع هو بنفسه عليها مع الأمير القطري بصفته شاهدا وضامنا له . وقد قالت مصادر خليجية متعددة أن خطوة سحب السفراء هي خطوة أولى علي طريق تصعيدات اقوى وأخطر ضد النظام القطري من جانب هذه الدول خاصة أن ذهبت قطر بعيدا في مواجهة نظام ال سعود في المسرح الجيوسياسي العربي تحديدا ..الأيام القادمة كفيلة بكشف وتوضيح الكثير من الغموض في مواقف دول الخليج وأزمة قطر .. مع أن الرواية التي تسربت عن تفاهم قطري إيراني سوري دقيقة فأن هذا يعتبر شرفا لقطر لتكفر عن ذنوبها تجاه الأمة برمتها .. قادم الأيام كفيلة بكشف الملابسات والغموض في كل هذه التداعيات