والحوار الوطني الشامل يمضي قدماً، فإن علينا جميعاً أن نضع نصب أعيننا تجارب اليمنيين السابقة بشفافية تامة وموضوعية كاملة بغية تجاوز كل سلبيات بل ومآسي الماضي القريب والبعيد حتى لا نقع ثانية في مآسي ومخازي تلك التجارب. وعليه لابد من الوضوح في معرفة أسباب وجذور البلية في هذه القضية أو تلك بهدف الوصول إلى المعالجة الصحيحة: إذا ما الجرح رُمَّ على فساد تبين فيه إهمال الطبيب فعلى سبيل المثال حين نتحدث عن جذور وأسباب التوتر في صعدة التي قادت إلى ستة حروب فإننا يجب أن نسأل بوضوح هل ما يزال هناك جماعة ترى لنفسها الحق الإلهي في الحكم وأن على الشعب اليمني أن يخضع ويسلم لتلك الجماعة بالأحقية الإلهية في الحكم وألا ينازعوهم في شيء منه، مادام أن الحكم لا يجوز أن يكون من خارج البطنين، بل ويفضلون حتى أن يكون من الحسينيين باعتبار أمهم فارسية ولا تعجبوا فالهادي عند مجيئه إلى اليمن بعد فشله في طبرستان إنما كان يستقدم الفرس لدعمه.. وهكذا فعل من جاء بعده حيث كان يقدر عليه هؤلاء بخيلهم ورجلهم حتى غدت المسألة عند هؤلاء مجرد (طلبة الله) ثم العودة إلى بلادهم بعد جمع ما تيسر من الغنائم.. ويبدو اليوم أن التاريخ أخذ يكرر نفسه ومن فارس أيضاً. خرج الهادي على الدولة العباسية بهدف معلن وهو أن يقيم حكماً وينشئ دولة تبسط العدل وتنشر الرخاء فإذا الأيام تكشف أنه لم يكن خروجاً على العباسيين بل كان خروجاً على اليمنيين الذين سفكت دماؤهم ونهبت أموالهم واستبيحت أرواحهم في خروج لأئمة توالوا في الخروج ولكن لسفك دماء اليمنيين ومرة أخرى يكرر التاريخ نفسه متستراً هذه المرة بالصرخة ضد الأمريكان واليهود والضحية دماء اليمنيين. لقد أصّل فكر الهادي وفقهه الخروج لكل من ظن في نفسه القدرة على الخروج ولذلك لا تعجب أن يخرج ثلاثة وربما خمسة أئمة في وقت واحد وكل يدعي أنه الأحق بالإمامة ويكون ضحية هذا الصراع أرواح اليمنيين وأمنهم واستقرارهم. فهل لنا أن نسأل أين تقف هذه الحروب الستة -التي اتخذت كقميص عثمان- من مبدأ الخروج لتحرير الحكم من القحطانيين الذين لا يجوز لهم التطاول -بحسبهم- على الحكم منذ ثورتي سبتمبر وأكتوبر؟ أوليس عبدالله بن حمزة أشهر سفاحي اليمن من الأئمة هو القائل عندما سئل عن جواز إمامة القحطاني إذا توفرت لديه الأهلية والشروط اللازمة من الكفاءة والعلم وغيره فرد قائلاً : يا قوم ليس الدرُّ قدراً كالبعر ولا النضار الابرزي كالحجر واليوم تلك المدرسة أو ذلك الفكر ما يزال يسمي جماعته قناديل فيما يسمي السواد الأعظم من الشعب اليمني زنابيل ويرون أنه لابد من استرجاع ما يزعمونه الحق الإلهي في الحكم.