يستمر عمل اللجان الشعبية في القيام بدور الأجهزة الرسمية في محافظة أبين وتحديدا دورا الأجهزة الأمنية، ولخطورة ذلك فقد تتابعت التحذيرات من استمرار ممارسة تلك اللجان لدور السلطة لما لذلك من انعكاسات سلبية قادمة. وبغض النظر عن دور اللجان الشعبية في مساندة الجيش في مواجهاته مع القاعدة خلال العام الماضي إلا أن بقاءها كقوة مسيطرة يدق ناقوس الخطر من تحولها إلى مليشيات مسلحة تأقلمت على العنف ولا تستطيع أن تعيش دون ممارسة هوايتها. وبحسب تقديرات فإن الفترة الزمنية منذ توقف المواجهات منتصف العام الماضي وحتى اللحظة ربما تكون كافية لتحول تلك اللجان إلى مليشيات مسلحة خاصة وأن محافظة أبين أصبحت تربة خصبة لظهور أي قوى تحاول السيطرة نظرا لغياب الدولة وكون المنطقة شهدت حرب كدست فيها مختلف أنواع الأسلحة. وكانت جماعة أنصار الشريعة سيطرت على مناطق واسعة في محافظتي أبين وشبوة إلا أن قوات الجيش واللجان الشعبية في منتصف العام الماضي تمكنوا من طرد تلك الجماعة المسلحة، خصوصا من مدينة زنجبار وجعار ولودر ومودية. ونشرت تقارير إعلامية في يناير الماضي تقديرات لعدد الأسماء الوهمية في كشوفات اللجان الشعبية بما يزيد عن20 ألف وأشارت إلى أن إحدى دول الجوار تقدم مليار ريال شهرياً لدعمها وأن الحديث عن الدعم خط أحمر. اللجان تتمتع بإمكانيات استخباراتية مؤشرات سيطرة اللجان الشعبية على أبين وبسط نفوذها بدلا من وجود الدولة يبدو واضحا من خلال الأخبار التي تنشر بين الحين والآخر على غرار أن اللجان ضبطت أشخاص وأحبطت عمليات وتمكنت وسيطرت على مواقع وكشفت.. وغيرها من المهام. ولوحظ خلال الأسابيع الماضية أن وسائل الإعلام المحلية نشرت معلومات تقول إن اللجان الشعبية حبطت مخطط إرهابيا وهو الأمر الذي يلفت الانتباه إلى أن اللجان الشعبية مسيطرة على المحافظة أمنيا كونها تمارس العمل والمهمات المسندة إلى الأجهزة الأمنية، وباتت تتمتع بقدرات استخبارايتة. ونشرت وسائل الإعلام قبل أيام أن 4 أشخاص على الأقل قتلوا وجرح آخرون في اشتباكات بين اللجان الشعبية وقبائل في منطقة الحصن بعد مقتل أحد أفراد القبيلة قبل 3 أشهر في إحدى النقاط التابعة للجان الشعبية بمحافظة أبين. في السياق ذاته نشرت معلومات في 22 مارس الماضي عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة ثمانية آخرين في تجدد اشتباكات المسلحة بين اللجان الشعبية والعناصر المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة بمحافظة أبين. وفي 8 ابريل الماضي نشرت اللجان الشعبية معلومات في وسائل الإعلام تشير فيها إلى أنها ضبطت قياديا سعوديا ينتمي لتنظيم القاعدة وأنها كشفت وكرا سريا لخلية من تنظيم القاعدة. وهي المعلومات التي تؤكد أن اللجان الشعبية تقوم بصفة الضبطية والكشف وهي من مهام الأمن في المقام الأول. كما وردت معلومات في الخبر تؤكد أن رئيس اللجان الشعبية بمديرية زنجبار بمحافظة أبين محجوب محمد نمي أعلن عن تمكن اللجان من كشف ومداهمة وكر سري لتنظيم القاعدة في منطقة القرنعة بالقرب من مدينة الكود. القيام بدور السلطات المحلية تتباين المعلومات حول تواجد السلطات المحلية في أبين ففي الوقت الذي يرى البعض أن السلطات المحلية غائبة وإن كان لها دور فهو ضعيف، يرى البعض الآخر أن اللجان الشعبية والسلطات المحلية تتنازعان السلطة. وإضافة إلى قيام اللجان الشعبية بمهام الأجهزة الأمنية تؤكد الأخبار التي تدولها وسائل الإعلام أنها تقوم بدور السلطات المحلية والأمنية معا وأبرزها المعلومات التي نشرت في منتصف مايو المنصرم وجاء فيها أن اللجان الشعبية توسطت لإطلاق مختطفين أجانب. ومن أهم الأدوار التي كان يفترض أن تتبناها السلطات المحلية والأمنية بالمحافظة هو ما قامت به اللجان من الإفراج عن أجانب مختطفين حيث أكد قائد اللجان الشعبية بمحافظة أبين في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية نجاح اللجان في تحرير 5 رهائن كانوا محتجزين لدى قبيلة المراكشة وأنه تم إطلاق سراح 3 موظفين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بينهم سويسري وكيني. تصرفات تثير قلق المواطنين منذ اندلاع المواجهات في محافظة ابين بين الجيش وعناصر القاعدة شكلت اللجان الشعبية وأعلنت مساندتها للجيش في الحرب على القاعدة وبعد انتهاء المواجهات -وتحديدا خلال الفترة الشهور الأخيرة- تدفقت المعلومات حول قيام اللجان ببعض التصرفات التي أثارت قلق المواطنين وخلقت نوعا من الخلافات لأسباب مختلفة أبرزها ما نشر في 21 مارس الماضي عن مقتل شخصين من أعضاء اللجان الشعبية وإصابة آخر أثناء مداهمتها لقرية "وفر" يشتبه بتواجد عناصر القاعدة بمديرية باتيس -بحسب مأرب برس. وفي 12 مايو المنصرم تداولت وسائل الإعلام شكوى مواطن من احتجاز وتعذيب تعرض له على يد مسلحي اللجان الشعبية في محافظة أبين إضافة إلى نهب أمواله حيث قال رأفت عبدالله في مقطع فيديو بثه الصحفي الحقوقي موسى النمراني إن مسلحي اللجان الشعبية اعتقلوه في منطقة الكود أثناء ما كان متجهاً إلى مدينة جعار ونقلوه إلى سجن بعد أن ضربوا قيداً على يديه ونهبوا عليه مبلغ 160 ألف ريال وأنه أصيب برصاصة في يده. وفي ابريل الماضي لقي شخصان مصرعهما أحدهما من أقارب رئيس اللجان الشعبية عبداللطيف السيد في منطقة باتيس بمديرية خنفر محافظة أبين بعد مهاجمة سيارة نوع صالون تابعة لقبيلة "آل سعيد" يافع لنقطة تابعة للجان في المنطقة على خلفية مقتل أحد أبنائها. وفي 12مارس الماضي لقي 12 شخصا من مقاتلي اللجان الشعبية مصرعهم وأصيب نحو 20 آخرين في تفجير سيارة مفخخة في لودر بمحافظة أبين. مخاوف من تحول اللجان إلى مسار العنف يرى محللون سياسيون أن دور تلك اللجان قد انتهى بخروج القاعدة، وأن استمرارها بالنشاط مع كونها غير منظمة أو مؤهلة يهدد بتحول مسارها إلى العنف، خاصة وأنها تملك السلاح. في حين يرى مسئولون محليون وقادة في اللجان ضرورة بقائها كون خطر القاعدة لم ينته بعد. وتشير المعلومات إلى أن لعب اللجان الشعبية دوراً إضافيا غير ضروري كونه جاء أثناء ضعف وانقسام القوات المسلحة ولم يعد ذلك الدور ضرورياً الآن وأنه يفترض أن لا تستمر تلك الجماعات في العمل إلى ما لا نهاية إذ سيكون من الضروري بعدئذ البحث عن دور آخر لها بعد انتهاء دورها الأول وأنها تعد مجاميع وظيفية تنتهي مهامها بانتهاء الوظيفة التي شُكلت من أجلها. وخلال الفترة الأخيرة برزت تحذيرات من بقاء اللجان الشعبية تمارس مهامها بعد انتهاء المواجهات أبرزها تلك التحذيرات التي أطلقها الباحث في الحركات الإسلامية نبيل البكيري والذي حذر فيها من بقاء اللجان الشعبية وذلك لتجنب إمكانية تحولها لجماعات عنف مسلحة تضر بالمجتمع وأمنه واستقراره خاصة وأن اليمن يمر بظروف خطيرة حيث ثمةً قوى دولية وإقليمية تسعى لإيجاد نفوذ واسع لها باليمن وهذا سيجر البلاد لمنزلق خطير ما لم يتم التنبه إليه كونها سوف تسعى إلى اختلاق أدوار لها بأي ثمن كان ما لم يتم استيعابها في إطار مؤسسات الجيش والأمن وضرورة دراسة مستقبل تلك اللجان قبل أن تتحول لجماعات عنف. وكانت الإعلامية الايرلندية ومراسلة صحيفة ذي لندن تايمز في اليمن ايونا كريغ قد كتبت في يونيو من العام الماضي قد زارت ابين وكتبت تقريرا حذرت فيه من مخاطر تسليح اللجان الشعبية مستقبلا قالت فيه: يبدو واضحاً وضوح أشعة الشمس على الأرض العواقب السلبية على مدى البعيد لإستراتيجية توسيع نطاق أو تبنى نموذج لودر في أنحاء الجنوب رجال لودر والقرى المجاورة يتمتعون الآن ويبتهجون بانتصاراتهم ويعتبرون أنفسهم قوة لا يستهان بها. قوة قتالية قهرت عدو والآن واثقة من نفسها بأنها في حالة قررت مواجهة – لاحظوا أنني لم اقل هزيمة – طرف آخر كالقوات الشمالية القمعية بحسب تعبيرهم. انتشرت الدعوة والمطالبة بتسليح ودعم شباب الجنوب لمقارعة القاعدة. وأضافت: المصادر الدبلوماسية الغربية والمسؤولين اليمنيين يشجعون إشراك قبائل الجنوب في المواجهات ضد القاعدة. لكنهم تجاهلوا أمر هام، أو أنهم قرر تجاهله عمداً: ما هي عواقب هذه الاستراتيجية على المدى البعيد؟ ربما القيادات العليا تعي خطورة الموقف وقررت تقبل مخاطر بناء وتسليح القوات البالية (مقالتين من هنا وهناك) التي قد تنقلب على مؤسسيها. القائد خارج نطاق التغطية أثناء كتابة هذا اتصلنا بالأخ عبداللطيف السيد قائد اللجان الشعبية بمحافظة أبين عصر الجمعة للاستفسار منه حول الدور الذي تقوم به اللجان الشعبية حاليا خاصة وأن المواجهات التي أنشئت من أجلها اللجان قد انتهت؟ وكذا لمعرفة رأيه حول حقيقة المعلومات التي تنشر بشأن التصرفات الخاطئة للجان مع المواطنين ورد على الاتصال وحدد موعدا هو مساء الجمعة إلا أنه تتلفونه عند الموعد المحدد كان مغلقا أو خارج نطاق التغطية.