شدد الشاعر الروسي ماياكوفسكي ساخرا على أن " من أن لوازم كتابة قصيدة معطف وغليون وفسحة مناسبة يتجول فيها الشاعر!" *في الوطن العربي واضح أنه لكي تكون مثقفا عليك أن تحترف صف الكلمات المنمقة على شكل شعر أو أقصوصات أو أي لون من الأدب أو النقد فحسب . مثقف : لايعود أو ينسب هذا المصطلح عندنا على الفنان التشكيلي أو ذوي التحصيل العلمي أو السياسي أو أرباب الفكر الإقتصادي أو الطبي أو القانوني أو الهندسي أو المهني أو الصحفي والإعلامي أو غيرها. * مهم للمثقف العربي أن يستخدم لغة مليانة بهارات وتشفيرات مبهمة وغامضة ومصطلحات أجنبية حتى يشعر القارئ أو المستمع أنه أقل وأدنى من هذا المثقف . *المثقف في العالم العربي من المهم أن يتخذ له طريقة في الكلام أو النطق أو ترديد عبارات هي لازمات أكثر من كونها ضرورة بين الوقت والآخر وله أسلوب كثيرا ما يكون مصطنعا في الحديث . * مهم جدا أن تتأفف كثيرا من أولئك الإسلاميين بكل أطيافهم , وأن تشعر بالتقزز من بساطة ردودهم وعدم عمقها وتأثرها بطروحات نيتشة وكذلك تتأفف من إستحضار هؤلاء لفضائل عمر و ابو بكر وبن رشد بدلا من جون بول سارتر و حواراته مع دولوز، والعروي و ردوده على رايمون آرون). * يجب أن تستحضر صراعا خلاقا بين حساسيتين فكريتين داخل اليسار العربي إحداهما مشرقية الهوى بلبوس قومي عروبي دوشنا بأسئلة الحداثة والنهضة و الآخر منشد للفكر الماركسي في إبدالاته الفرنسية . * يجب أن يمتلك ديناميكية في التموضع مع طرف سياسي معين له قدرة على اثارة الصخب الإعلامي ولكنه كما يقول المثقف العراقي سنان حقي: ليس بالضرورة أن يكتب أو يقرأ ما ينسجم مع عقيدته السياسية فتراه يتحدث عن الحركات الإشتراكية وقضايا السلام العالمي والديمقراطية وحرية الشعوب ولكنه لا يجد حرجا من أن يتمثل منهج توماس أليوت أو عزرا باوند أو جان بول سارتر أو ألبير كامو أو جان جينيه أو سيمون ديبوفوار أو كولن ولسن أو وليم فولكنرأو بوريس باسترناك أو كافكا أو غيرهم بحجة البناء الفني والأدوات المستخدمة واللغة الشعرية ولكنهم يتناسون أن شكل الأدب ما هو إلا تعبير عن مضمونه * يفضل بعض المثقفون أن يكونوا سليطوا اللسان والقلم حتى يظهروا أبطالا أو شهداء . * التدخين بشراهة سمة لا يجب أن نغفل عنها. * وأحلى حاجة أن يكون الشخص كثير التذمر والسخط أو الضجرحتى لو لم يكن هناك ما يدعو لذلك. * مهم عند هؤلاء المثقفين أن يحفظوا بضعة أسماء لكتاب أجانب أو شعراء ولكن يٌشترط فيهم أن أحدا لم يسمع بهم فكلما كانت الأسماء لمغمورين كان أفضل. * حين يكتبون مقالاتهم لابد أن يحشروا في كل سطرين إسم لشخص في رواية أو موسيقار الماني أو كاتب لاتيني بسبب أو بدونه , أغلب الأحيان لإستعراض ما قرأوه . * بعض المثقفين يعتقدون أنه يجب عليهم أن يحتسوا الخمرة يتأوهون ويتحسرون على أنفسهم كذاك العربي الغبي الذي ظل يزعج الخلق ببيت شعري "أضاعوني وأي فتى أضاعوا .......إلخ. *مثقفون يُحسنون تحسرهم على عدم انفتاح فرص أمامهم وهم لا يحركون ساكنا. *يزدادون حسدا يوما بعد يوم ويدفعهم حسدهم أن يسخفوا أي عمل أو نتاج. ** لكن هناك بالمقابل مثقفون حقيقون , يضحون باستمرار و لا يطالبون بشئ, بعضهم يُساقون إلى السجون والمنافي طوابير طوابير. ومثقفون يتصدون للظلم بصدور عارية وإرادة لا تُقهر. مثقفون ليسوا بطالة مقنعة يتعلمون كل يوم شيئا جديدا إما لغة جديدة أو فنا جديدا أو علما أو صنعةً أو أية معرفة لم يكونوا يعرفونها ومثقفون هم من أرفع ما أنتج الفكر ولكنهم متواضعون وغير متفيقهين أصبحوا يخجلون من إدراج ألقابهم وشهاداتهم العلمية بعد أسمائهم لفرط ما فرط المتثيقفون. ومثقفين هم ملائكةٌ تسير على الأرض من شدة نقائهم وصفائهم ونزاهتهم وحبهم لغيرهم ورفاقهم سواءُ كانوا من المثقفين أم من غير المثقفين.