نصر الدين الدجبي-لاهاي يعتبر أرنود فان دورن، السياسي السابق في حزب الحرية الهولندي الذي يتزعمه خيرت فيلدرز المعادي للإسلام والمسلمين، أن تجربة أول رمضان بالنسبة له بعد إسلامه تشكل اكتشافا جديدا في حياته نحو عالم لم يكن يراه، وإن كان يسمع عنه القليل. ويقضي الهولندي فان دورن (47 عاما) أول رمضان له بعد أن غرَّد بالشهادتين باللغة العربية، معلنا إسلامه في فبراير/شباط الماضي عبر صفحته على موقع تويتر. وأثار إشهار إسلامه ضجة إعلامية داخل هولندا وخارجها، وسلسلة تعليقات ومناقشات بين المشكك في حقيقة إسلامه والمؤيد لحقه الشخصي، خاصة أنه عرف أثناء وجوده في حزب الحرية بعدائه للإسلام والمسلمين. أول رمضان وبيَّن فان دورن في حوار مع الجزيرة نت أن أول رمضان له يعد اكتشافا لقدرته على التحمل والصبر لم يعرفها في نفسه من قبل، متابعا القول "تحس بشعور كنت تسمعه من الآخرين وتقرؤه في الكتب حول توحد مشاعر المسلمين في الجوع والعطش والإفطار، لأعيشه الآن بنفسي". وأوضح فان دورن الذي استقال من حزب الحرية المعادي للإسلام عام 2011 أن أجمل اللحظات في الصيام عنده هو الانتظار الجماعي للحظات الإفطار، حيث يتقاسم فيها الجميع الجوع والعطش ثم يأتي الإفطار فيتقاسم الجميع الطعام والشراب. ويصوم مسلمو هولندا حوالي 19 ساعة يوميا، كما قامت العديد من البرامج المرئية والمسموعة والمقروءة في هولندا بإعلام الهولنديين بانطلاقة فريضة الصوم عند المسلمين. وتابع فان دورن أن رمضان يجعله يفكر في كل بطن جائع في العالم ولا تجد ما يشبعها، قائلا "نحن نصوم لنفطر بعد ساعات، ولكن نعايش في هذه الساعات القليل ما يعانيه الفقراء والجوعى في العالم ولا أمل لهم في طعام يسد رمقهم". وحول الطريقة التي يقضي بها رمضان، أوضح أن كثيرا من سمات رمضان وجدها في نفسه، حيث إنه معتاد على الاستيقاظ مبكرا وممارسة الرياضة كل صباح، وهو ما يتابعه الآن أيضا في رمضان. وأضاف أن الوقت الطويل يوفر له فرص القراءة والبحث والنوم خلال اليوم للتفرغ لأشياء رمضانية أخرى بالليل. وبيَّن أن حضوره في الإفطارات الجماعية وأداء الصلوات في المسجد يخفف عنه وحدته في عائلته، ويفتح له فرصة ليوسع علاقته بالمسلمين من أصول أجنبية. ويتزامن رمضان هذه السنة في هولندا مع العطلة الصيفية، حيث إن أغلب المسلمين من أصول أجنبية يقضون رمضان في دولهم الأصلية. فان دورن أعلن إسلامه عبر موقع تويتر في فبراير/شباط الماضي (الجزيرة). وحول موقف المحيطين به من إسلامه وصيامه، أوضح فان دورن الذي يعمل الآن في المجلس البلدي لمدينة لاهاي الهولندية أن هناك صعوبة في الانفراد بعبادات وشعائر لا يتقاسمها معك الجميع، قائلا إنه يجد نفسه في كل مرة يوضح "ما يجوز وما لا يجوز، ويعتذر عن هذا ويقبل ذاك". واستدرك قائلا "عائلتي سعيدة بتحولي للإسلام، لأن الإسلام غيَّر الكثير في تصرفاتي نحو الأفضل وهو ما لمسوه في الواقع"، مضيفا أنه وجد تحولا ملحوظا يتسم بالتفهم الكبير لدى زملائه ومعارفه في تعاملهم معه واحترام خياراته.
يذكر أن مناوئيه روجوا بعد إعلانه الإسلام أنه كان مروجا للمخدرات بين الشباب ومالكا لقطعة سلاح، وسربوا وثائق سرية لوسائل الإعلام. وقال فان دورن إن الأشهر التي مرت عليه وهو مسلم خففت من حدة ردود الأفعال المتشنجة والمخوّنة، قائلا "أجد الآن نوعا من التفهم والقبول لخياراتي عوض كيل التهم التي سادت في بداية إسلامي"؛ دون أن ينفي وجود ردود بين الحين والآخر من بعض الهولنديين الذين يحاولون السخرية، لكنه يقابلها بالتجاهل "لأنهم لا يبحثون عن الحوار". وتابع في حواره مع الجزيرة نت أنه يحمّل نفسه مسؤولية إقامة حوار بين المسلمين وغيرهم، قائلا "يوجد نوع من التعايش بين الإسلام والقيم والمبادئ الغربية إن تخلى الجميع عن الأحكام المسبقة والصور النمطية". وأعرب عن ابتهاجه بموجة الهولنديين الشباب المتزايدة المقبلة على الإسلام، قائلا "كل المؤشرات توحي إلى بداية عهد جديد، حيث الشباب مقدم على الدخول في الإسلام أكثر من أي وقت مضى". المصدر:الجزير نت