في الوقت الذي لا تزال وزارة الزراعة في نوم عميق بعيدا عن قيامها بمساعدة وتشجيع المزارعين والنهوض بمستوى القطاع الزراعي وزيادة الإنتاج بما يلبي احتياجات السوق المحلية، عاود سعر الطماطم الأسبوع الجاري الارتفاع إلى 400 ريال بسبب نقص هذا المنتج الزراعي في الأسواق وفشل وزارة الزراعة في القضاء على حشرة "ابسلوتا" التي تلتهم محصول الطماطم. وبحسب التقارير فأن انتشار هذه الحشرة كبَّد الاقتصاد المحلي خسائر بقيمة 71 مليار ريال، ويبدو أن دمار هذه الحشرة سوف يستمر في الفترة المقبلة كون الوزارة تفتقر إلى المصائد والسموم الكفيلة بالقضاء على هذه الآفة المتسعة. ويواجه محصول الطماطم عدواً خطيراً يتمثل في دودة مدمرة ينتج عنها ارتفاع جنوني في أسعار الطماطم الآتية من المناطق المحصنة أو المستوردة من الخارج. وظهرت هذه الحشرة في اليمن مطلع العام الحالي وقضت على منتوج الطماطم بنسبة تزيد على 90%، وفقاً لإحصائيات رسمية. وتعد أمريكا الجنوبية الموطن الأصلي لحشرة "التوتا ابسلوتا" لكنها انتشرت في السنوات الأخيرة في أوروبا والبحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، وتم اكتشاف إصابة نباتات الطماطم في محافظات صنعاء والحديدة ولحج وأبين والبيضاء بهذه الدودة في يناير 2013. بالعودة إلى فترة ما قبل انتشار هذه الحشرة يلاحظ أن أسعار الطماطم كانت ترتفع بين الحين والأخر بسبب عدم وجود أي خطط لدى الوزارة لتأمين السوق المحلية. ولو أن وزارة الزراعة قامت بإنشاء مؤسسات لشراء المنتجات الزراعية من المزارعين وتوزيعها على السوق المحلي وإحالة ما تبقى منها إلى ثلاجات تبريد مركزية تحفظها حتى موسم انعدام تلك المنتجات بدلا من استيرادها من ثلاجات دول الجوار بأسعار مضاعفة، لخفف ذلك كثيرا من حدة هذه الأزمة. لم تقم الوزارة بتبني معالجات حقيقية تضمن من خلالها تلبية حاجة السوق المحلي من هذه السلع طوال العام، لاسيما إذا ما عرفنا أن أسعار المنتجات الزراعية ترتفع في غير موسمها إلى أكثر من 30 ضعف، كما يحصل في منتج الطماطم. ولا توجد سياسة تسويقية واضحة يمكن من خلالها تسويق البضائع التي تزيد عن حاجة السوق إلى الدول المجاورة، ودول عربية أخرى بصورة تضمن استفادة المزارعين من عملية التصدير بشكل كفؤ وعادل، وهو ما يؤدي إلى خسائر فادحة يتكبدها المزارعون باستمرار. وتبرز الحاجة لضرورة إعادة وزارة الزراعة النظر في سياسة التصدير من خلال وضع استراتيجية شاملة تتضمن تشجيع الاستثمار في إنشاء مراكز تسويق متكاملة المواصفات، ومصانع للتغليف، ومستودعات للتبريد والتخزين، مع مراعاة تحقيق الاكتفاء الذاتي من تلك السلع، وتوفيرها بسعر حقيقي يوافق رغبات المنتجين والمستهلكين كما يحدث في بلدان مختلفة من العالم. وحتى لا يطول الحديث عن الصادرات الزراعية التي ربما تتقلص فإن كل الدلائل تشير إلى أن هذه الوزارة مدفونة بفعل غياب الرقابة والانقسامات المجتمعية والسياسية التي أدت إلى انشغال الجميع بالعمل السياسي فليس من المعقول أن يتحول المزارع من منتج ومصدر للخضروات والفواكه المحلية إلى مستورد وبائع، ولو تمت المقارنة بين وضع المواطن كمنتج، وحجم الدخل الذي سيحصل عليه بما سيحققه من أرباح طفيفة أثناء تحوله إلى بائع للمنتجات الخارجية سنجد الفرق شاسعا وكبيرا. استمرار الوضع القائم يكبد الخزينة العامة خسائر فادحة فقط، وموازنات ضخمة يفترض أن يتم استثمارها لصالح المؤسسات والمشاريع الإيرادية، وما يجب أن تتنبه له الحكومة بشكل عاجل لإيقاف مزيدا من التدهور هو ضرورة استعادة وزارة الزراعة عافيتها من خلال لمساهمة في النهوض بالمجال الزراعي والإنتاجي لما لذلك من انعكاسات ايجابية على تحسين الوضع الاقتصادي بشكل عام والوضع المعيشي للمواطن بشكل خاص. وضمن أسباب فشل الحكومة في هذا الجانب هو عدم الاستفادة من المؤسسات الإعلامية التي تصرف عليها مليارات الريالات سنويا نتيجة عدم التنسيق في التوعية، فمثلا الفواكه والمنتجات الزراعية الخارجية ليس فيها عيوب نتيجة أخطاء الجني والتصدير، مثل المنتجات المحلية نظرا لجنيها عشوائيا وبطرق تعمل على إتلافها وانتهائها قبل وصولها إلى منافذ دول الجوار على الرغم من أن المنتجات المحلية ربما تتصدر في جودتها ومذاقها كل المنتجات على الساحة الإقليمية.