يرتبط الصائمون بالزمن ارتباطاً وثيقا، ويعيشون أجواء رمضان من خلال معرفة مضبوطة لخيطين دقيقين أحدهما أبيض لا يأبه له الكثير والآخر أسود ينجذبون نحوه بدافع غريزة الجوع، وقبل ذلك تطبيقاً للسنة النبوية التي حثت الصائمين على تأخير السحور وتعجيل الفطور. ما إن ينتهي الخيط الأبيض وتبدأ أجواء الخيط الأسود يتحلق الصائمون على موائد الإفطار انتظاراً لرفع أذان صلاة المغرب الذي يشكل فارقاً استثنائيا من حيث أهميته للصائمين الذين ينتظر الواحد منهم الأذان بفارغ الصبر تمر أثناءها الثواني والدقائق كأنها زمن طويل لا يشبهه أي زمن ولا تحبه وتتكيف مع لحظاته إلا البطون الجائعة التي تمتد إلى ما تجده أمامها من المأكولات المعدة للإفطار. اللافت للنظر في رمضان اعتماد العديد من الأسر اليمنية على بث أذان صلاة المغرب من قبل القنوات الفضائية التي تبث الأذان وفقاً للتوقيت المنشور عن وزارة الأوقاف، لكن الإشكالية القائمة هي عدم انضباط توقيت رفع الأذان المغرب ما بين قناة وأخرى؛ وقد يصل الفرق أحيانا إلى 20 ثانية وأكثر، ما يسبب حرجا للصائمين الذين يفطر كثيرهم بمجرد سماعه للأذان من أي قناة من تلك القنوات. قبل أن نتوجه بالسؤال للمختصين في القنوات المختلفة استطلعت "الأهالي" عينة من آراء الصائمين. كانت البداية مع ياسر علوان، الذي لا يرى في اختلاف توقيت بث الأذان مشكلة أو تأثير سلبي كبير على الصائمين والمصلين "وإن كانت تلك ظاهرة غير لائقة أن يكون هناك تفاوت في إطار المنطقة الزمنية الواحدة". ويضيف: لو عملنا استفتاء سنجد أن 95% من الناس لا يعتمدون على الأذان الذي يبث من التلفاز أو الراديو، وبالنسبة للمناطق المعزولة والمعسكرات البعيدة والجزر حيث لا مساجد وليس لديهم وسائل معرفة الوقت، فإنهم حتما سوف يلجئون للتلفاز وسيكونون في حيرة إلى أي قناة يتبعون للإفطار فلو اتبعوا القناة الرسمية وكانوا في منطقة بعيدة فحتما سيكون الفارق كبير وقد يفطرون بعد غروب شمسهم بساعة أو أكثر، وهنا عليهم الإفطار حسب المشاهدة أو حسب توقيت أقرب مدينه لهم". حد تعبيره. عمار عسكر، وصف اختلاف توقيت بث الأذان لدى القنوات المعنية بأنها "ظاهرة مزعجة للغاية"، ولا يدري ما هو السبب وراء ذلك، ويعتقد أن الاختلاف جعل الكثير من المواطنين -إن لم يكن جميعهم- يعتمد على البث الرسمي للإذاعة المحلية والابتعاد تماماً عن متابعة الأذان عبر تلك القنوات. علياء الحمادي، تقول: في الوقت الذي يربينا شهر رمضان على الانضباط والالتزام بالوقت نجد أن تلك الظاهرة تخالف هذا الأمر، وهو أمر مستغرب ويحتاج إلى حل لدى جميع القنوات". لا يعتقد جمال الأكوع، أن الناس يعتمدون على القنوات لمعرفة دخول وقت المغرب، وأن أكثر اعتمادهم هو على أقرب مسجد. بينما يرى جمال الأثوري، في ذلك وجوب اعتماد جهة واحدة "ولتكن الجامع الكبير كما هو معمول به، تفاديا للوقوع في مشكلة الإفطار في الوقت غير المناسب". يؤكد علي جباري، وقوعه في مشكلة الفرق في توقيت بث الأذان، وأنها حدثت معه أكثر من مرة وأدى ذلك إلى الإفطار قبل وقت الأذان، ونبه إلى ضرورة اعتماد توقيت محدد، متمنيا أن تقوم جميع القنوات العاملة في الساحة اليمنية باعتماد توقيت منظمة المؤتمر الإسلامي. تقويم موحد ومشكلة واحدة يؤكد الأستاذ خالد عليان، مدير البرامج في الفضائية اليمنية أنهم يعتمدون في الفضائية بث أذان المغرب في رمضان بناء على التقويم الصادر عن وزارة الأوقاف، والمعمم على جميع القنوات، وأن أذان المغرب يتم بثه بالتزامن مع بث الأذان عن إذاعة صنعاء، وأن الغرض من مزامنة الأذان مع إذاعة صنعاء هو لغرض ضبط التوقيت الصحيح للأذان، كون الإذاعة هي المعنية بضبط الأذان مع الجامع الكبير بصنعاء أكثر من أي جهة أخرى. عن أذان صلاة الفجر يقول عليان ل"الأهالي" أنه يتم بثه مباشرة من جامع الصالح، وينوه أنه لو حصل فرق في التوقيت فإنه يكون بسيط جدا على مستوى الثواني تزيد وتنقص. يشير الدكتور محمد قيزان، مدير عام قناة سهيل، إلى أن هناك فرق بين القنوات التي تبث بتغطية محلية والقنوات التي تبث من الخارج عبر الأقمار الصناعية. ويضيف قيزان ل"الأهالي" أنهم ملتزمون بالتقويم الصادر عن وزارة الأوقاف والمعمم على القنوات، وأنهم يقومون بضبط عملية بث الأذان بناء على جدولة مسبقة "وإذا حصل أي اختلاف في بث الأذان بين قناة سهيل وبقية القنوات فذلك بسبب تعارض جدولة البث المبرمجة مسبقا مع الأذان الفعلي الذي يتم رفعه عن الجامع الكبير بصنعاء، والتأخير لا يتجاوز بضع ثواني". حد قوله. يفيد الأستاذ جمالي أحمد حسن، مدير قناة معين، أنهم يتحرون في القناة سماع الأذان من أقرب مسجد موثوق، كي لا تحصل إشكالية لدى الصائمين الذين يعتمدون على سماع الأذان من خلال القناة، معترفا أنه قد يحصل تأخير "بسيط جدا في بث الأذان نظرا لاختلاف جدولة بث الأذان مع الوقت الفعلي". يشير الأستاذ توفيق الشرعبي، مدير إدارة الأخبار في قناة السعيدة، أنهم يعتمدون على التوقيت المعتمد من وزارة الأوقاف والمعمم على جميع القنوات، وأن التأخير لو حدث فإنه لا يتجاوز بضع ثواني. من رحاب الجامع الكبير يقول الأستاذ أحمد السوسوة، أنه فيما يخص التوقيت المحلي لصنعاء وضواحيها فإنهم في إذاعة صنعاء يعتمدون على بث أذان المغرب مباشرة من الجامع الكبير، وذلك ما هو متعارف عليه منذ عدة عقود، أما عن صلاة الفجر فإن البث يتم مباشرة من جامع الصالح، ولا توجد لديهم إشكالية تتعلق باختلاف التوقيت نظرا لكون البث يتم بصورة مباشرة وليس تسجيلا مسبقا. حد قوله. إشكالية قائمة تظل هذه الإشكالية قائمة إلى أن تعثر التكنولوجيا لها على حل موحد يعيد الثقة للصائمين الذين يعتمدون على سماع الأذان من خلال القنوات الفضائية، وهي الإشكالية التي تعني بدرجة أساسية وزارة الأوقاف أولا ووزارة الإعلام ثانيا. حسب التوقيت المحلي لصعدة مقابل تلك التوقيتات المتفاوتة لمواعيد الأذان؛ منعت جماعة الحوثي على أبناء محافظة عمران فور سيطرتها عليها اعتماد مواعيد أذان المغرب الذي تبثه وسائل الاعلام الرسمية بصنعاء، وفرضت الجماعة في اجتماع عقده القيادي الحوثي أبوعلي الحاكم مع خطباء وأئمة المساجد بعمران اعتماد توقيت أذان المغرب حسب التوقيت المحلي لمدينة صعدة وما جاورها الذي يبث عبر قناة "المسيرة" التابعة للحوثي.