اليوم في صنعاء تتأزم الأحداث يوماً تلوا الآخر وينساب الوضع الأمني أكثر وأكثر في ضل عجز الجهات الرسمية من احتواء الموقف تزامناً مع التصعيد الذي تعمد إليه جماعة الحوثي لإثارة البلبلة والقلاقل داخل البلاد حتى تتمكن من السير على طريق أقل خطراً يمكنها من الوصول إلى أهدافها التي تطمح إليها على مدى عقودٍ من الزمن،يتواكب هذا مع تواجد الكثير من الشقوق والتصدعات داخل الدولة في أكثر من جانب سواء على الصعيد السياسي أو العسكري وكذالك الجانب الاقتصادي كأمثلة توضيحية لصورة الواقع اليمني. التسمية الحقيقة لجماعة الحوثي أنها جماعة إرهابية تمارس أعمالاً إرهابية على الأرض اليمنية –وإن اختلفت المفاهيم والتسميات للجماعة-،دعونا أولاً نتطرق إلى المفهوم العام والأكثر تداولاً للإرهاب؛يعرف الإرهاب بأنه حمل السلاح أو التشهير به من قبل أي جماعة كانت،هذا فقط تعريف مبسط للتعريف العام للإرهاب،فهل تتوافر هذه السمات في جماعة الحوثيين في اليمن لنطلق عليها جماعة إرهابية أم لا؟دعونا نرى! جماعة الحوثي تسيطر اليوم على محافظتين يمنيتين في الشمال هما (عمران،صعده)وتخوض حرباً في محافظة الجوف مع قوات الجيش ورجال القبائل،كما أنها تسعى بكامل قواها لإحكام سيطرتها على العاصمة اليمنيةصنعاء بعدما حشدت أنصارها إلى داخل العاصمة وعلى تخومها في مشهد يعيد لأذهان اليمنيين ما حدث في عقد السبعينات من القرن الماضي عندما حاصر الإمامييون صنعاء في ما أسمي بحصار السبعين؛كما أن الجماعة تحمل السلاح وتقتنيه بكل أنواعه وتشهره في وجه الدولة والمواطنين وتفرض الضرائب والإتاوات على مواطني المناطق التي تسيطر عليها إجبارياً دون أي مسوغ قانوني يسمح لها بممارسة هذه الإعمال؛أضيف إلى ذالك أن الجماعة رفضت رفضاً قاطعاً التحول إلى حزبٍ سياسي وتسليم أسلحتها للدولة. هذه الدلائل الواقعية تتعدى التعريف العام لمفهوم الإرهاب ما يجعلنا نؤمن أن جماعة الحوثي أكثر من أن تكون جماعة إرهابية تهدد اليمن والمنطقة بشكل عام وتنطلق من فكرٍ طائفي خالص يقودها للنيل من خصومها السياسيين والدينيين في البلاد تحت قوة السلاح؛أود الإشارة بسرعة إلى الواقع اليمني هذه الأيام في صنعاء وإلى أين وصلت قافلة المفاوضات مع الحوثيين.في الخطاب الأخير لزعيم الجماعة "عبد الملك الحوثي"قال إن الجماعة لديها ثلاث مطالب لا غير وعلى رئيس الجمهورية تلبية هذه المطالب لمعرفة النوايا الحقيقية لجماعة أنصار الله،بهذا النص الصريح تحدث زعيم الجماعة ما يشير إلى تناقض واضح وعلني بين ما قاله زعيم الجماعة وما يدور خلف الكواليس.الرئيس اليمني الذي قال أنه سيدرأ المشاكل عن البلاد وسيضرب بسيف السلم في إشارة منه إلى الاستمرارية في الحوار والمفاوضات مع الحوثيين دون اللجوء إلى خيارات عسكرية،الرئيس نفذ مطالب الحوثيين بخفض سعر المشتقات النفطية وتغيير الحكومة وطلب من الجميع التكاتف والاصطفاف لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني كون هذه هي المطالب العلنية للحوثيين؛لكن المفاجأة التي ظهرت أما الرئيس هادي كحجرة عثرة في طريق المفاوضات هي تنصل الحوثيين عن وعودهم وشروعهم في مشروع جديد من المطالب التي كشفت النوايا الحقيقية للجماعة،المطالب الجديدة لجماعة الحوثي تمثلت في إنهم يريدون من الدولة السماح لهم بفتح مكاتب لحزب الله اللبناني في اليمن أسوة بحركة حماس وعدم مطالبة الدولة لهم بتسليم السلاح وإعطائهم ميناء بحرياً في إقليم "أزال" الذي يضم الغالبية الزيدة في اليمن وهي المذهب الذي تنتمي إليه الجماعة،هنالك العديد من المطالب الأخرى "الجديدة"التي راحت اليها جماعة الحوثي بعدما أغلقت في وجهها كل السبل بالطريقة السلمية التي عمد اليها الرئيس اليمني الانتقالي؛لكن المهم في الموضوع أن النقاش في ماهية جماعة الحوثي سيوصلنا إلى فكرة علمية يؤمن بها الكل من جانب علمي دقيق هي أن الجماعة إرهابية تمارس العنف وتشهر السلاح وتقاتل الأحزاب التي تتعارض معها عقائدياً ومذهبياً وتحارب الدولة والجيش،وتسعى لبسط سيطرتها على البلاد تحت مبررات وذرائع واهية لا تمت إلى واقع الجماعة ونواياها الخفية بأي صلة؛لكنها تستخدمها كشماعة أو كعبائة تتستر بها لتتمكن من الوصول إلى مبتغاها وهو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء والانقضاض على النظام والقانون في البلاد ومآرب أخرى داخلية وخارجية لا يتسع المقام للشروع في سردها. الخطر الحوثي لا يهدد اليمن فحسب بل يصل تأثيره إلى المنطقة برمتها خاصة دول الخليج الملتحمة مع اليمن جغرافياً وتاريخياً وحضارياً وثقافياً،وفي ضل استمرار التصعيد بهذا الشكل دون الوصول إلى طريقة توقف هذا الزحف الطائفي فإن الخطر سيبلغ ذروته وستسوء الأمور أكثر فأكثر لتنزلق بالبلاد إلى هاوية لن يُعرف أين هو قعرها.