بعد مضي اربعين سنة من عمره صلى الله عليه وسلم بعث ووصل إليه تكليفا بحمل رسالة الإسلام، بمعنى انه لم يكن رسولا قبل ان يوحى إليه وبمجرد ان أرسله الله رحمة للعالمين صار رسولا. اذا لدينا رسول ورسالة ونحن مكلفين بالإيمان بالرسول منذ أرسل وحمل الرسالة، اما ما قبل البعثه وقبل الرسالة ليس مطلوبا من احد اي إيمان، فمن غير المعقول ان تؤمن بما قبل الرسالة، فلا احد امرك بهذا الإيمان وليس لديك فيه من الله برهان ولا دليل لديك بان هناك ايمان برسالة لم تصل بعد. حكايات ما قبل البعثة النبوية مجرد قصص، وروايات، وسرد لا محل له من الرسالة، قد تكون العناية الإلهية اعدت الرسول من قبل تحمل الرسالة ليقوى على حملها، وهذا شأن لا نستطيع نقاشه ومحله علم الله وعنايته. جاءت المرويات لتروي لنا تفاصيل حياة الرسول قبل الرسالة، وهذا فيه سرد لتفاصيل حياته، لكن ليس هناك امر بالإيمان بالتاريخ وتفاصيله، الامر الواضح هو التسليم برسالة الرسول لا بتاريخه الشخصي قبل الرسالة. ليس المطلوب مثلا الايمان بانه رعى الغنم، او اشتغل بالتجارة، او تربى في بادية بني سعد، او وضع الحجر الاسود في موضعه، وكل تلك روايات تاريخية غير مطلوب الإيمان بها لانها خارج نص الرسالة. مولده وزواجه الأول من خديجة، وحياته في بيت جده عبد المطلب، ووفاة والديه مجرد تاريخ لمحمد الصادق الأمين قبل التكليف الإلهي غير منصوص ولا مخصوص بالرسالة التي امن بها الناس فيما بعد.. والضجيج الآن بمولده لايعني شيئا من اسلام سواء للمحتفلين او لغير المحتفلين، فإذا كان هناك من شيء يستحق الاحتفاء به فليكن تكليفه وتشريفه من الله بالرسالة وحمل الأمانة فقط. لكن الرسالة اليوم لا تعني البعض وكل ما يعنيهم سلالته وتاريخه الشخصي قبل الرسالة كواحد من سلالة قريش لا كنبي ارسله الله الى أفسد بيئة في الجزيرة العربية وربما في الارض كلها ليغيرها لانها استحقت التغيير الجذري!!. لو ان الباحثين راجعوا تاريخ الرسالات السماوية لتحققوا من الفرضية أعلاه " لمن يرسل الله رسله؟" ليجدوا اجابات متقاربة ليست بعيدة عن ان الله أرسل رسله لمن فسدت افكارهم واخلاقهم وفطرتهم وتحولوا الى حيونات لها وجوه بشرية، وبلغ بهم الشذوذ مبلغه. فلمن أرسل موسى عليه السلام؟ للطاغوت البشري، وفرعون العصر ولسفالة بني اسرائيل الذين سلموا له باستحياء نسائهم واستعبادهم. ولمن ارسل الله عيسى ابن مريم عليه السلام؟ لبني اسرائيل الشواذ المنحرفين عن دعوة موسى الذين عبدوا الرهبان من دون الله وتحايلوا على الواح موسى وصنعوا لأنفسهم قداسة ليبتزوا الناس بموجبها. ولمن ارسل لوط عليه السلام ؟ للشواذ الذين بلغ بهم الانحطاط درجات من السفالة والفحش لم يبلغ غيرهم فاتوا اللواط والسحاق وتناسوا الفطرة التي جبل عليها الانسان والحيوان والطير. ولمن أرسل الله ابراهيم عليه السلام؟ لقوم صنعوا اربابهم بأيديهم وفسدت فطرتهم وتحولوا الى تجار دين. ولمن أرسل الله محمد صلى الله عليه وسلم؟ لقريش الفجار الذين عبدوا اسرهم، وسلالتهم، وابائهم، واجدادهم، وتكبروا على الخلق بينما هم تائهين في الصحراء العربية القاحلة لا حضارة، ولا مدنية، مجرد قرية من حولها قرى سماها الله بام القرى ولم يذكر القرآن الكريم أي قرية ولا اصحاب قرية بخير .. يقتلون بناتهم ويقسمون اولاد الزنا بحسب الاقداح التي تشبه اليانصيب، يجتمع العشرة على تداول امرأة واحدة فان حملت ووضعت بنتا قبروها حية، وان وضعت ولدا كان اليانصيب هو من يسمي اباه. ولذا الاحتجاج بقريش انها كانت أشرف وأفضل العرب كلام سفيه بلا معنى اسالوهم لماذا أرسل لهم رسول من بينهم؟ واسالوهم لماذا كانوا اول المكذبين واخر المصدقين؟ ولماذا احتكروا الدين والحكم فيما بعد بأسماء قريش؟ من المهم اليوم اعمال العقل ان كان تبقى منه شيء لدحض شبهات قريش وللعودة الى الاصل وهي رسالة الرسول لا الى روايات تاريخه غير متفق عليها وحتى ان تم الاتفاق عليها فهي قبل التكليف ولا تعنى شيء في ميزان الرسالة.