ذات جرح وفي مثل هذا الشتاء قبل موت.. كان موسم الزراعة خصبا بالأحلام ..وكان الربيع مسبوغا بالحمرة .. كانت السماء أرض .. والأرض سماء..وكان التراب سحاب يمطر الضوء فوق تلال الحياة .. لكن !!! وبعد انتهاء الخريف تموت السنابل..على هامش الذاكرة. غير أن الإصرار على السهر خارج الروح .. داخل الجرح يجعل المطر أكثر إصرارا على الرقود بعيدا عن الارتواء .. قريبا من الجفاف الذي يتربص بعذارى الحروف المسرفة في القلق ، ويتامى البوح الموغل في الشجن.. بحر يتوضأ بالسراب ..ويقيم صلاة البقاء على أرواح النايات التي اختنقت بالشجن قبل الوصول إلى ظمأ الضفة.. وفي تصريح ل وجع البوح ، قالت دموع السفر : أن جثامين الموسيقى ستوارى مساء العمر في في عيون الأبد . مضى الضوء بعيدا ..بعيدا ..ويبقى البكاء .. لكن دموعك لن تحمي فؤادك ..قد تخترقه بصقة أي خائن على قارعة الوصول..لكن الذي أتوهم أنني متأكد منه هو أن تلك الدموع ستكون ذلك الضوء الآتي من الجرح ليضئ ليل الفجيعة ويساعد في إلتئام الحياة. المتشطرة أصلا وحدي أنا في الغياب لا أستطيع أن أبكي أو أتباكى كما يفعل الراحلون من الظلم إلى الظلام .. وتسألني !!! لماذا حزين ؟؟؟ربما لأنه لم يعد للحزن وجود ..إلا في وجودي .. أيها الأحياء .. كلكم يضحك منكم..وأنا الميت وحدي ..الذي يبكي عليكم إني أتدحرج عكس عقارب الهاويه..أرى المتساقطين فأخاف على نفسي من السقوط .. قوارير أحلامي تكسرت قبل الوصول ومرآتي لم تعد تعرفني.. وهكذا.. أتبعثر في فضائات الوجع ..أتلاشى في ضباب الجنون ..أمتزج مع عبثية التراب..لكن نموت لنعود .. عندما يموت الألم .. وقد أصبح الكثير منا عصافير أيها الفجر المحترق في لهيب السقوط .. أيها القدر الراقد على قارعة الألم وأرصفة السياسة والحرب .. أيتها القلوب المبعثرة كأشلاء البلور تحت أقدام القهر.. أيها الحلم الغارق في الظمأ.. أيها الراحلون ... أيها العابرون ... أيها الحالمون ... أيها الساقطون المتساقطون ...إلخ إلخ اعترفوا بالفشل سلبا وايجابا.. بالعجز .. ذهابا وإيابا ،، إن الحاضر أضعف من الماضي وأقوى من المستقبل .. أعرف أنكم جبناء ..لن يعترف أحد منكم بالهزيمة ... مرتزقة الليل يدعون النصر ويواصلون الظلم ... وأدعياء الصبح يزعمون الغلبة ويستمرون في الوهم ... وتبقي الحقيقة. الأماكن .. الأوقات .. المسائات .. الصباحات .. الزهور .. الألوان .. هي هي .. لا تختلف في نظر المرايا التي أدمنت الأرق والأوجاع .. دعوني أكون قريبا من الجرأة ..أغامر في ما يشبه الشجاعه وأعترف نيابة عن نفسي وأصالة عن قطيع الأموات ... أعترف أننا بحثنا كثيرا عن أشلاء وطن في ذاكرة الموت .. وكلما اقترب منا قليلا ..ابتعد عنا كثيرا ..كلما تراءى لنا من ثغرة جرح ..تلاشى منا في شهوة قبح .. نحاول عبثا تطهير أرواحنا وغسل قلوبنا من خطايا السقوط ورجس الخيبة بكلمة اعتذار وأغنية وفاء لملائكة الصبح الذين يرقبون قبحنا من وراء الشفق ويتألقون في حزنهم وحسرتهم على الحلم الذي أضعناه والفجر الذي رسموه لنا فلم نصل إليه ... وكأني بهم يقولون : صراخكم ودموعكم من أجلنا مجرد اسطوانه مروخه فقدت قيمتها ومعناها منذ وفاق .. فقط نتمنى من طفولة الآتي أن تسمع وتستمتع بهذه الأغنية التي يعزفها نزيف أحلامنا على أوتار الخلود .. لا تقولوا شهيدا إذا أخذتني الأماني بعيدا أنا في الحقيقة لا أستحق وساما كهذا لا تسألوني بحق دمي ودموعي لماذا أنا مثلكم يا رفاق المدى لست أدري ولي عند روحي الجريحة عذري أتدرون ماذا أنا في الهوى كنت حلما أموت على عرشها فاستوى كنت شيئا بدائي تطور حتى تحول روحا فدائي كنت قلبا يفتش في نبضه عن وطن كنت صبحا يسافر قبل الزمن ثم عاد إلى ليلة خبأت.. في يديها القرى والمدن ثم صب عليها من الجرح نهر عذاب فألقت به ليلة القهر في ليلة من غياب وظل يسافر ما بين روح تحلق فوق السحاب ومابين جرح يحاول أن يتحدى..الظلام ويأتي بصبح عجاب ومابين جسم تألق في هدأة الصمت تحت التراب إذن لا تقولون عني شهيدا وقولوا فدائي إلا إذا حقق الأصدقاء رجائي إذا انبعث الفجر من كبريائي إذا انتصرت ثورتي لدمائي وما أروع النصر يا أصدقائي.