قامت وكالة الأنباء الرسمية "سبأ" بحذف مقاطع من خطاب الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي الذي ألقاه في الكلية الحربية. وأجرت الوكالة عدد من التعديلات والحذف والإضافة على الخطاب. وقد قامت الوكالة بحذف مقاطع كبيرة من خطاب هادي وخصوصا ما يتعلق بقضية التدخل الإيراني في شئون اليمن. وقد بثت الفضائية اليمنية أمس الأربعاء محاضرة هادي التي ألقاها في الكلية الحربية بصنعاء بمناسبة انتهاء العام الدراسي وبدء الإجازة السنوية. ووفقا لما بثته الفضائية فقد هدد هادي بإتخاذ إجراءات صارمة ضد التدخل الإيراني في شئون بلاده وقال أن الرد على التدخلات سيكون "قاسيا". هكذا قال هادي بالحرف الواحد: "نقول بالمفتوح لهم برسالة واضحة.. على أشقائنا في إيران أن ترفع يدها من اليمن.. على أشقائنا في إيران بأن يرفعوا يدهم من اليمن.. وأن اليمن صعب.. وأن اليمن لن يكون كما يفكرون، مهما دفعوا من فلوس ومهما عملوا مع ضعفاء النفوس.. ونقول لهم كفى لديهم خمس قنوات تتحدث عن اليمن 24 ساعة، فاكتفوا بالقنوات ما لم سنتخذ إجراءات، وستكون إجراءات صعبة ومرة عليهم". وأضاف: "نقول لهم من الكلية الحربية يا أشقائنا في إيران ارفعوا أيديكم عن اليمن، فاليمن لن يكون ألعوبة بأيديكم وستدفعون الثمن غالياً إذا استمريتم في تصرفكم غير المسئول.. عندنا وثائق وأشخاص مضبوطين، وغرف عمليات، وسنفضحها أمام العالم، وعندها نستطيع أن نرد برد مؤلم عليهم، ونحن لا نتدخل في شؤون أي دولة، نحن نريد أن نعيش في بلدنا آمنين مستقرين، ونقول للآخرين لا تتدخلوا في شؤوننا الداخلية وإلى هنا ويكفي". لنلاحظ كيف أوردت سبأ ما قاله هادي فيما يتعلق بموضوع إيران: "نأمل من أشقائنا في إيران عدم أي تدخل في شؤون اليمن ومراعاة الظروف الدقيقة التي تمر بها اليمن في هذا الظرف الدقيق والحساس واليمن لم يتدخل يوما في شؤون أي دوله قريبة أو بعيدة.. ونقول للجميع من هنا من الكلية الحربية, اتركوا اليمن وشأنه وإلى هنا وكفى". هذه السياسة تبرز الحاجة إلى ضرورة السماح لوسائل الإعلام المختلفة بتغطية خطابات الرئيس وحضور فعالياته وأنشطته. ما تقوم به الوكالة باعتبارها المزود الوحيد لمختلف وسائل الإعلام الرسمية وغير الحكومية يعد انتقاصا من "قدسية" خطابات الرئيس باعتباره رئيسا.. فضلا أن ذلك يتنافى مع قواعد وأخلاق المهنية الصحفية. هذه السياسة تشجع الرئيس على الاهتمام بخطاباته والركون إلى "القصقصة" في تسوية أي نزوات أو أخطاء، مع أن مكانة الرئيس توجب أن تكون خطاباته مدروسة ودقيقة وواضحة ومكتوبة على اعتبار أنه يمثل شعبا كاملا ويتحدث باسمه ولسانه. فضلا عن أن المغالاة في ممارسة هذه السياسة تفتح المجال أمام "الإجتهادات" الشخصية ويمكن البعض من توظيف الخطاب وتوجيهه "عكسيا" على غير ما أراد الرئيس وتقويله ما لم تنطق به لسانه. ومع أن هذه السياسة قد تسيئ إلى الرئيس بحذف رسائل معينة أراد توصيلها فأنها تشوش وتمنع عن الشعب حق معرفة ما يقوله الرئيس وتضلل على الإعلام ورجال السياسة وتتسبب في تناقض نقل وتغطية الخطابات والأخبار الخاصة بالرئيس، إنها تمنع حق الحصول على المعلومة. كما أنها "أخطاء" تؤسس لأخطاء متلاحقة من قبل المحللين والباحثين ومراكز الدراسات والبحوث والرصد والمتابعة. ما تقوم به الوكالة يعيد إلى الأذهان حرص الرئيس السابق علي عبدالله صالح على إتلاف وحرق وسحب كافة تسجيلات خطاباته التي كانت تحتفظ بها الفضائية اليمنية. وجرت العادة سابقا أن تقوم وسائل الإعلام الرسمية وعلى رأسها وكالة سبأ بتعديل وتصحيح خطابات صالح الذي عرف عنه هوسه في أن تكون ارتجالية. ومنذ توليه الرئاسة التزم هادي بالخطابات المكتوبة، إلا أنه أمس تحدث ارتجاليا.. تلك الإرتجالية وفرت فرصة لوكالة سبأ كي تعاود تجربتها مع صالح بحذف وإضافة وتعديل خطاب هادي لدرجة الإخلال ببعض أو معظم مضامينه وتم إخراجه في صورة مختلفة.