مع حلول شهر رمضان المبارك تتصاعد أسعار المواد الاستهلاكية بشكل مفاجئ خاصة المواد التي يزداد الطلب عليها من قبل المستهلكين. وفيما بعض المستهلكين يرجع ارتفاع الأسعار إلى غياب الرقابة يرى البعض الآخر أن جشع التجار وضعف ضمائرهم هو السبب، وهناك من يرى أن استغلال التجار لضعف الدولة هو السبب. ومن الواضح عدم وجود أي تفاعل من قبل الجهات المختصة مع قضية ارتفاع الأسعار، وهو الأمر الذي يضع الحكومة وتحديدا وزارة التجارة أمام مسئولية خاصة في مثل هذه الظروف، ولا تزال آثار الأحداث التي شهدتها البلد منذ مطلع العام الماضي تؤرق المواطنين. ويشكو المواطنون من ارتفاع أسعار الدقيق والسكر وبعض أنواع الأرز وبعض أنواع الزيوت والحبوب كما ارتفعت أسعار مواد غذائية أخرى كالفوستر جيلي وكريم الكراميل ومع أن الغالبية يعتبرها مواد استثنائية للمواطن وليست ضرورية إلا أن هناك استياء من استغلال الموسم وارتفاع أسعارها وقت ارتفاع الطلب عليها. يأتي هذا الارتفاع في الوقت الذي تعهد فيه وزير الصناعة الدكتور سعد الدين بن طالب بعدم حدوث أزمة تموينية في شهر رمضان، وقال إن المخزون في السوق جيد ويكفي لمدة ثلاثة أشهر قادمة، بالإضافة إلى أن وزارته شكلت لجنة لمتابعة توفير المواد التموينية والحيلولة دون احتكارها. وأكد أن شهر رمضان المبارك سيكون معياراً حقيقياً لقدرة وزارته في الرقابة على الأسعار وقال: لدينا أدوات رقابية فعالة وسنختبرها في رمضان»، مشيراً إلى أنه لم يعد بإمكان أي تاجر استغلال شهر رمضان وأن سعر الدجاج سينخفض بهذا الشهر الكريم، منوهاً إلى أن صناعة البيض حصل انهيار في مرتكزاتها. ونفى بن طالب أن يكون هناك أي احتكار لاستيراد أي من السلع الأساسية باستثناء ما وصفه بمحدودية المستوردين للقمح والدقيق وانحصارها في سبع جهات بسبب قلة من يمتلكون صوامع لتخزين هذه المادة وعمل الوزارة هو مراقبة هؤلاء المستوردين حتى لا يحتكروا هذه المواد، منوهاً إلى أن هناك مخزوناً غذائياً جيداً لمدة 3 شهور على الأقل. وأوضح الوزير في مؤتمر صحفي عقد الأسبوع الماضي في ختام دورة تدريبية ل20 صحفياً اقتصادياً أقامتها مؤسسة حرية للحريات الإعلامية والتطوير بصنعاء، أوضح أنه ولمزيد من الحرص على تأمين احتياجات المواطنين اتفق مع المؤسسة الاقتصادية على أن يرفدوا السوق بمزيد من المواد الأساسية لكسر الاحتكار في السوق. وقال بن طالب إن وزارته حريصة على منع دخول السلع الفاسدة والمغشوشة عبر المنافذ الجمركية عبر تفعيل آليات الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس، لكنه عبر في عجزه عن الحيلولة دون تهريب تلك البضائع عبر الحدود الواسعة للبلاد، مشيراً إلى جهود كبيرة تبذلها الوزارة لإعادة الثقة وبناء مصداقية هيئة المواصفات والمقاييس الذي قال إنه يحتاج إلى وقت. وأشار إلى 400 طن تمور فاسدة دخلت اليمن كمعونة من السعودية وتم إرجاعها - حسب تعبيره. وفيما شدد على ضرورة استغلال القطن، فقد أشار إلى الحاجة لإدارة جديدة تحتاج هي الأخرى لاستثمارات وقال إن جمرك حرض لم يتوقف عدا أن السلطات السعودية وضعت صعوبات أمام تصدير اليمن للفواكه وغيرها. جشع وبضائع مغشوشة وانخفض سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية في فبراير الماضي عما كان عليه في العام الماضي، ورغم اختلاف الأوضاع الأمنية والظروف التي عاشتها البلد خلال الفترة الماضية، لا تزال أسعار المواد الغذائية والسلع بنفس السعر التي كان عليه في العام الماضي، الأمر الذي يثير الاستغراب عن أسباب عدم انخفاض الأسعار على خلفية انخفاض سعر صرف الدولار. وارتفعت أسعار المواد الغذائية والسلع مطلع العام الماضي على خلفية الأحداث التي شهدتها البلاد والتي استغلها التجار لجني المكاسب الكبيرة في ظل عدم وجود رقابة رسمية، كما أن ارتفاع أجور النقل بسبب أزمة المشتقات النفطية التي تسبب بها رموز النظام البائد خلال تلك الأحداث ساهم في ارتفاع الأسعار للمواد الأخرى، وبالتالي فإن المواطن هو من تحمل أعباء ما خلفته تلك الأحداث وجشع التجار وتحديدا الموالين للنظام البائد أو من تربطهم به علاقات مصالح وشراكة والذين كان لهم دور كبير في اختلاق أزمة انعدام السلع والخدمات استجابة لرغبات رأس النظام حينها في تأزيم الأوضاع لإخضاع القوى الثورية وإرغامها على التوقف دون مواصلة الثورة ضده، وهو الهدف الذي لم يتحقق، وتحمل الجميع تلك الأزمة التي أثرت على حياتهم اليوم بسبب انعدام الاحتياجات الضرورية إيمانا بعدالة قضيتهم. وعلى الرغم من أن استمرار ارتفاع أسعار السلع والخدمات هو الضرر الرئيس الذي يعاني منه المجتمع بمختلف شرائحه إلا أن هناك مشاكل أخرى تزيد من حدة المعاناة وتتمثل في بيع مواد غذائية ليست مطابقة لمواصفات الجودة ومقلدة لمنتجات تعود المستهلك على شرائها أو قد أشرفت على الانتهاء حث يتم بيعها في الشوارع وعلى الأرصفة وتتعرض للشمس بنفس أسعار المنتجات التي ليست مزيفة ومضرة أو مع تخفيض طفيف في أسعارها ويرجع البعض أسباب إقبال بعض المستهلكين على شراء مثل هذه الأغذية إلى تدهور الأوضاع المعيشية وضعف الدخل اليومي الناتج عن انعدام فرص العمل وارتفاع أسعار المنتجات الغذائية ذات الجودة وأسباب أخرى أنتجها الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلد منذ سنوات. ويستغرب محللون اقتصاديون من موقف الشركات التجارية التي تسيطر على سوق المنتجات في البلد، ففي الوقت الذي بادرت فيه تلك الشركات إلى رفع أسعار منتجاتها كافة في العام الماضي 2011م متذرعة بارتفاع الدولار عقب الثورة الشبابية في اليمن، فإنها مؤخرا وبعد أن انخفض الدولار ووصل إلى 217 ريالا لم يطرأ أي تغيير في أسعارها.