يتكرر مشهد ارتفاع الأسعار سنويا قبيل شهر رمضان، وحتى وإن كان هذا العام بشكل خفيف لكنه مؤثر بشكل قوي على المستهلكين خاصة ذوي الدخل المحدود لأن جزء من السلع والخدمات لم تعد أسعارها إلى ما كانت عليه قبل الثورة، وبالتالي لو حاول التجار رفع الأسعار ولو قليلا فإنها كارثة لأن الأسعار مرتفعة أصلا في بعض السلع والخدمات منذ عدة شهور. وحتى يكون الأمر أكثر وضوحا وبعيدا عن المبالغة والخيال فإن المقارنة بين أسعار بعض المواد الغذائية والاستهلاكية في مطلع الشهر المنصرم وبين سعرها الحالي يتضح جليا أن هناك زيادة مرت مرور الكرام دون أن يتحرك ساكن للجهات المعنية أو الحزبية أو أي جهات لها علاقة بالاقتصاد والمستهلكين مثل جمعية حماية المستهلك وغيرها، وهو الأمر الذي يثير المخاوف من استغلال التجار والمستوردين لهذا الجمود عبر رفع أسعار بعض السلع قبيل شهر رمضان، خاصة وأنهم يستعدون لهذه المناسبة الدينية وما يرافقها من إقبال المستهلكين على شراء السلع بصورة تختلف تماما عن بقية شهور السنة. ومن الواضح عدم وجود أي تفاعل من قبل الجهات المختصة مع قضية ارتفاع الأسعار، وهو الأمر الذي يضع الحكومة وتحديدا وزارة التجارة أمام مسئولية خاصة في مثل هذه الظروف، ولا تزال آثار الأحداث التي شهدتها البلد منذ 2011م وحتى اللحظة تؤرق المواطنين. ويشكو المواطنون من بدء ارتفاع أسعار الدقيق والسكر وبعض أنواع الأرز وبعض أنواع الزيوت والحبوب، كما ارتفعت أسعار مواد غذائية أخرى كالجيلي وكريم الكراميل، ومع أن الغالبية يعتبرها موادا استثنائية للمواطن وليست ضرورية إلا أن هناك استياء من استغلال الموسم وارتفاع أسعارها وقت ارتفاع الطلب عليها. ومثلما تعود التجار في كل عام مضى أن تنتعش الحركة التجارية قبل حلول شهر رمضان بأسبوعين ولذلك فإن مخازن التجار تمتلئ بالمواد الغذائية والاستهلاكية قبل هذه الفترة استعدادا لجني المكاسب الكبيرة في حال نقصت أو اختفت بعض المواد المخزنة لديهم من الأسواق وبالتالي يتم احتكارها ورفع أسعارها بالقدر الذي يرونه مربحا لهم متناسين مدى قدرة المواطنين على الشراء بهذا السعر. ومع حلول شهر رمضان المبارك تتصاعد أسعار المواد الاستهلاكية بشكل مفاجئ خاصة المواد التي يزداد الطلب عليها من قبل المستهلكين. وفيما يرجع بعض المستهلكين ارتفاع الأسعار إلى غياب الرقابة يرى البعض الآخر أن جشع التجار وضعف ضمائرهم هو السبب، وهناك من يرى أن استغلال التجار لضعف الدولة هو السبب. لا يوجد الآن أي مبرر لرفع الأسعار بعد أن تغيرات الأوضاع الأمنية عن العامين الماضيين بشكل كبير، فالجميع يأمل أن الاستقرار الذي حصل حتى وإن لم يكن بصورة كاملة يشكل عاملا مهما في إيقاف ارتفاع الأسعار لما له من أهمية في إيقاف التدهور الاقتصادي. والكل يعرف أن أسعار المواد الغذائية والسلع كانت قد ارتفعت خلال العامين الماضيين على خلفية الأحداث التي شهدتها البلاد والتي استغلها التجار لجني المكاسب الكبيرة في ظل عدم وجود رقابة رسمية، كما أن ارتفاع أجور النقل بسبب أزمة المشتقات النفطية التي تسبب بها رموز النظام البائد خلال تلك الأحداث ساهم في ارتفاع الأسعار للمواد الأخرى، وبالتالي فإن المواطن هو من تحمل أعباء ما خلفته تلك الأحداث، وجشع التجار وتحديدا الموالين للنظام البائد أو من تربطهم به علاقات مصالح وشراكة والذين كان لهم دور كبير في اختلاق أزمة انعدام السلع والخدمات استجابة لرغبات رأس النظام حينها في تأزيم الأوضاع لإخضاع القوى الثورية وإرغامها على التوقف دون مواصلة الثورة ضده، وهو الهدف الذي لم يتحقق، وتحمل الجميع تلك الأزمة التي أثرت على حياتهم اليوم بسبب انعدام الاحتياجات الضرورية إيمانا بعدالة قضيتهم. ويستغرب المحللون الاقتصاديون من موقف الشركات التجارية التي تسيطر على سوق المنتجات في البلد، ففي الوقت الذي بادرت فيه تلك الشركات إلى رفع أسعار منتجاتها كافة في 2011م متذرعة بارتفاع الدولار عقب الثورة الشبابية في اليمن فإنها مؤخرا وبعد أن انخفض الدولار ووصل إلى 215 ريالا لم يطرأ أي تغيير في أسعارها مما يؤكد أن هذه الشركات وهؤلاء التجار يستغلون الموقف ويسعون إلى الحصول وجني ثروة من الأرباح على حساب المواطنين. سلع مغشوشة بأسعار مغرية على الرغم من أن استمرار ارتفاع أسعار السلع والخدمات هو الهاجس الرئيس الذي يهدد المجتمع بمختلف شرائحه إلا أن هناك مشاكل أخرى تزيد من حدة المعاناة وتتمثل في بيع مواد غذائية ليست مطابقة لمواصفات الجودة ومقلدة لمنتجات تعود المستهلك على شرائها أو قد أشرفت على الانتهاء حيث يتم بيعها في الشوارع وعلى الأرصفة بصورة متزايدة وتتعرض للشمس بنفس أسعار المنتجات التي ليست مزيفة ومضرة أو مع تخفيض طفيف في أسعارها ويرجع البعض أسباب إقبال بعض المستهلكين على شراء مثل هذه الأغذية إلى تدهور الأوضاع المعيشية وضعف الدخل اليومي الناتج عن انعدام فرص العمل وارتفاع أسعار المنتجات الغذائية ذات الجودة وأسباب أخرى أنتجها الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلد منذ سنوات. وعلى خلفية تزايد السلع المغشوشة دعت الجمعية اليمنية لحماية المستهلك الحكومة لعقد اجتماع استثنائي لمناقشة قضية السلع المغشوشة والمقلدة والمنتهية التي تغرق الأسواق واتخاذ قرارات وإجراءات حازمة وملزمة لجميع الأجهزة المختصة المعنية بحماية المستهلك والنهوض بمهامها وتعزيز الدور الرقابي لها في الأسواق والمنافذ الجمركية، وكذا تعزيز دور السلطة المحلية في جميع المحافظات على السلع المغشوشة والمقلدة والمنتهية الصلاحية والمخالفة للمواصفات، والإعلانات المضللة والخادعة. ودعت الجمعية إلى أن يكون للنيابات وأجهزة الضبط القضائي مشاركة فاعلة في كبح جماح هذه الظاهرة التي تغرق الأسواق وخصوصا مع قدوم شهر رمضان وتساهم في انتشار الأمراض وتدمير صحة وبيئة المستهلكين والاقتصاد الوطني. وكانت إحصائية أصدرتها الجمعية اليمنية لحماية المستهلك في وقت سابق كشف فيها عن وجود الكثير من صور وأساليب مختلفة من الغش التجاري ومنها الغش في أوزان السلع الغذائية والمعلبات المستوردة وتمديد تاريخ صلاحيتها. وقد امتدت صور الغش إلى مواد البناء والمعادن الثمينة وعقود التوريد والغش الصناعي والمقاولات والعقارات والتمور والأدوية والملابس الجاهزة ومساحيق التجميل والشامبوهات وخلط زيوت صالحة بأخرى فاسدة وبيعها في الأسواق إلى جانب بيع الكثير من السلع قريبة الانتهاء وبأسعار رخيصة بهدف التخلص منها قبل الانتهاء. أزمة مفتعلة لتحقيق مكاسب سياسية الأسبوع الماضي انعدمت مادة البنزين من معظم محطات الوقود بأمانة العاصمة على خلفية احتجاز مجاميع مسلحة لقاطرات النقل في الطرق المؤدية إلى صنعاء. ومع أن تلك الأزمة انتهت بعد ساعات إلا إنها أثارت الهلع في نفوس الجميع حيث كان البعض يرى أنه تدشين للأزمة قبيل شهر رمضان. وبغض النظر عن تباين التصريحات والمعلومات بشأن تلك الأزمة التي استمرت لساعات إلا أن توقيتها يلفت الانتباه إلى أن هناك أطراف ربما تستغل سرعة اندفاع المواطنين للغضب في هذا الظرف وقبيل شهر رمضان لتحقيق مكاسب سياسية كون اللحظة مواتية لامتعاض المواطنين من أي أزمة أو أي تطور سلبي في الجانب الاقتصادي يمس الحياة المعيشة للمواطنين. وعلى خلاف ذلك كان مصطفى نصر رئيس مركز الإعلام الاقتصادي قد أكد في تصريح صحفي أن حالة الاستقرار التي تشهدها السوق اليمنية خصوصا قبيل رمضان، وما حصل من توفر واستقرار في القيمة الشرائية قبيل شهر رمضان لهذا العام والعام الماضي هو نتاج لسياسة ناجحة لحكومة الوفاق. وقال: «لقد تمثلت تلك السياسة الناجحة في التعامل الجيد مع مشكلة اختفاء وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية قبل شهر رمضان ومنها المشتقات النفطية وبالأخص الغاز المنزلي، واعتبر أن ما قامت به الحكومة من بيع صكوك للبنوك وفق الصكوك الإسلامية و تغطية السوق بالمشتقات النفطية بما فيها الغاز المنزلي أسهم في غياب الأزمات قبيل شهر رمضان مشيرا إلى أن استقرار الجانب الاقتصادي مرتبط بالجانب السياسي، وأن الشعب اليمني يتطلع إلي ما سيخرج به مؤتمر الحوار الوطني من مخرجات طيبة وتوافقية تنعكس إيجابيا على الجانب الاقتصادي. واعتبر رئيس مركز الإعلام الاقتصادي أن اختفاء معظم السلع الاستهلاكية وارتفاع أسعارها قبل شهر رمضان أحيانا يرجع إلى الاستغلال لدى بعض التجار نتيجة زيادة الطلب. جدول يوضح الفرق بين أسعار بعض السلع الشهر الماضي وسعرها حاليا م السلعة السعر في 1 يونيو السعر الحالي 1 كيس دقيق أحمر 50 ك 5000 5300 2 كيس دقيق أحمر 25 ك 2500 2700 3 قطمة رز مزة الديوان 10 ك 3000 3500 4 قطمة رز مزة الديوان 5 ك 1500 1800 5 قطمة رز مزة الأرض الطيبة 10 ك 2800 3200 6 قطمة أرز الفخامة 10 ك 2800 3200 7 قطمة أرز الفخامة 5 ك 1500 1800 8 كرتون محلبية فوستر الأصلي 7000 8000 9 كرتون كريم كرملا رويال 8000 8500 10 كرتون كريم كرملا فوستر 7500 8000 11 كرتون جيلي فوستر 12000 12500 12 زيت 8 لتر 2000 2200 13 زيت 4 لتر 1100 1200 *الصورة تعبيرية