بلا شك بأن سر نجاح رسالة محمد صلى الله وعليه آله وسلم يرجع لاختيار واصطفاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم - دون غيره - ليكون خاتم الرسل لآخر الرسالات السماوية. فمن رحمة الله علينا نحن البشر أن أختاره وذلك من أجل إنجاح الرسالة رغبة من الله عز وجل لإعلاء كلمة الحق ونصر البشرية ضد عدوها الأزلي ألا وهو إبليس وحزبه، وذلك رغم التحديات والصعوبات التي مر بها سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، كما أن نجاحه هو نجاة للناس أجمع، فتخيلوا لو أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم – لا قدر الله وحاشى نبيه - فشل في إتمام الرسالة وتأدية الأمانة! فكانت البشرية كلها ستفشل إلى يوم القيامة ،كونه صلى الله عليه وآله وسلم كان يمثل الفرصة الأخيرة في معركتها ضد الشيطان وأتباعه. ومن هنا يتضح لنا أهمية الاختيار السليم والصائب لأي منصب عام، لأن للنجاح والفشل تبعات يترتب عليه نجاح أو فشل أمر الأمة في ذلك المنصب، كون من سيتولاه إما سيقوم بإصلاح أمرنا فيه أو بإفساده، وهذه هي معضلة الدول العربية خاصة والإسلامية عامة. فمنذ زمن طويل وبعيد.. ونحن نمر من إخفاق إلى أسوء بسبب سوء الاختيار لتولي الوظيفة العامة وفساد معاييرها ،فتراجعنا سنوات وعقود بل وقرون عن دول العالم المتحضر رغم إننا نحن منبع تلك الحضارات ورقيها! فأصبح معيار التولية للمنصب العام إما للقرابة أو المصاهرة أو الانتماء للقرية أو القبيلة والعشيرة، وهذا بحد ذاته يدخلنا دومات متعددة ومتداخلة يصعب النجاة منها. فلا يمكن أن يستقيم حالنا إلا بتصحيح تلك المعايير الفاسدة قبل أي شيء، بحيث تكون الكفاءة والنزاهة والشرف والاقتدار على إدارة شؤون المواطنين مبتعدين عن المصالح والولاءات الضيقة، منطلقين نحو أفق أوسع لنا هو الوطن والإنسان، مبتعدين عن تقزيم أنفسنا في أطر ضيقة لأطر أكثر رحابة وأتساع. وأرى لحل هذه المعضلة في اليمن عن طريق تأسيس (هيئة عليا مستقلة ومعلنه ومنتخبة من مجلس النواب أسوة بهيئة مكافحة الفساد) ولتكن من الكفاءات والخبرات العليا والمرموقة النزيهة والشريفة والمشهود لها، مبتعدين عن الولاءات الحزبية والمناطقية والمذهبية والقبيلة..إلخ في اختيارها وخياراتها ، بهدف أن تتكفل هذه الهيئة في البحث عن الكفاءات وتزكيتها للوظائف العامة – وبحسب مصفوفة قانون التدوير الوظيفي المقره سابقاً - ومن ثم الرفع للجهات ذات الاختصاص بإصدار القرارات في هذا الشأن بعدد من الاختيارات ليتم التفضيل بينها بحسب الأنسب منهم وتعيينه وفق المصلحة العامة العليا للبلد. أخيراً أنوه بأن خطر تولي المفسدين علينا يجرنا جميعاً لانتشار وبائهم على علاجنا، وفشلنا جميعاً دون تفريق بين صالح أو فساد.. فالحسنة تخص والسيئة تعم. وفقنا الله وإياكم إلى ما ينفعنا وينفع الناس.. والله من وراء القصد..