يعد قطاع النفط من أكثر القطاعات والموارد فسادا نظرا للإجراءات العشوائية التي تتعامل بها الجهات المتعاقبة مع هذا القطاع، فأرقام الإنتاج متضاربة ولا يوجد رقم حقيقي للإنتاج حتى اللحظة، ولا توجد شفافية في التصريحات المتعلقة بإيرادات النفط والتعامل الرسمي مع الشركات العاملة في هذا الجانب، الأمر الذي يؤكد تجذر الفساد في هذا القطاع بشكل ربما يفوق التوقعات لجسامة عمليات النهب المنظم التي تمارس الإهدار لإيرادات النفط وحرمان خزينة الدولة من مبالغ ضخمة تكفي لإنشاء مشاريع عملاقة وتنمية مستدامة يستفيد منها أبناء الشعب وليس أفراد أو عائلة بعينها. شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج إحدى الشركات النفطية التي عشعش الفساد فيها حيث كشف تقرير تقييم تقرير الأداء المالي والإداري لشركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج للفترة من 15/11/2005م وحتى 31/12/2008م عن جملة من المخالفات المالية والإدارية في أداء الشركة وبالمقارنة بين نفقات شركة صافر ونفقات المشغل السابق للقطاع (شركة هنت)، فقد لوحظ تضخم النفقات وتزايدها من عام إلى آخر خلال السنوات الثلاث (2006، 2007، 2008) من قبل شركة صافر، وفي المقابل تراجع الإنتاج وبنسب كبيرة جدا عند المقارنة مع إنتاج المشغل السابق (شركة هنت). وبالمقارنة مع المشغل السابق (شركة هنت)، أكد التقرير تضخم في جانب النفقات مع ما كان يخصم كنفط كلفة «تشغيل»، وهذا يتعارض مع سياسة ترشيد الإنفاق في ظل انحدار كمية الإنتاج وتناقصه بشكل مستمر والذي يؤدي إلى زيادة تكلفة إنتاج البرميل من النفط. مؤكدا على ارتفاع التكلفة الفعلية الفصلية لاستخراج وإنتاج البرميل الواحد من النفط الخام وبنسبة كبيرة في إدارة شركة صافر، وذلك بالمقارنة مع تكلفة استخراج وإنتاج البرميل الواحد أثناء إدارة المشغل السابق (شركة هنت)، حيث بلغ الحد الأعلى للنفقات الكلية مبلغ (14،06) دولار أثناء إدارة شركة صافر خلال الفترة (2006 -2008) في حين أن النفقات الكلية مبلغ (5،67) دولار أثناء إدارة المشغل السابق (شركة هنت) خلال الفترة (2003 -2005). يذكر أنه تم إنشاء شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج بموجب القانون رقم (18) لسنة 1997م بغرض القيام بأعمال الاستكشاف والإنتاج في مجال صناعة النفط والغاز، وبدأ النشاط الفعلي للشركة ابتداء من تاريخ 15 نوفمبر 2005م حيث تولت عمليات التشغيل والإنتاج في القطاع رقم (18) بمنطقة مأرب بعد انتهاء اتفاقية مشاركة الإنتاج مع المشغل السابق شركة يمن هنت بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (330) لسنة 2005م. وتعمل الشركة حاليا وفقا للإجراءات المتبعة من قبل المشغل السابق ولم يتم تحديد رأس مالها بشكل قانوني حتى الآن. أكد التقرير أن الزيادة في إجمالي النفقات الفعلية بين عامي (2006 -2008) بلغت (62،388،706) دولار وبنسبة (45%) تقريبا، وبلغت حصة نفقات التشغيل والإنتاج من تلك الزيادة مبلغ (12،100،649) دولار وحصة نفقات الاستكشاف والتنمية مبلغ (50،288،057) دولار في حين أن تلك الزيادات لم تحسن أو تحافظ على إنتاجية القطاع حيث أظهرت البيانات وجود نقص في كمية الإنتاج ولنفس الفترة بكمية (4،728،722) برميل وبنسبة (19%) تقريبا كما هو موضح في الجدول. قال التقرير إن البيانات المالية للشركة لا تعكس المركز المالي التجميعي لها بما في ذلك إظهار رأس مالها الحقيقي منذ إنشائها نظرا لاتباع الأساس النقدي في معاملاتها نتيجة عدم تطبيق قانون الهيئات والمؤسسات والشركات العامة رقم 35 لسنة 1991م على الرغم من أن قانون إنشاء الشركة رقم 18 لسنة 1997م قد أكد على ذلك بحسب المادة رقم(1). ومن ضمن الجوانب السلبية التي ذكرها التقرير إعطاء مجال للمقاولين بالتصرف في معداتهم دون دفع ما عليهم من رسوم جمركية أو ضرائب بما يؤدي إلى حرمان الدولة من تلك الإيرادات بحسب القانون رقم (18) لسنة 1997م الخاص بإنشاء الشركة الفقرة (ب) من المادة رقم (4): «يجوز للمقاولين والمقاولين من الباطن بيع أية مواد ومعدات أو بضائع تلفت أو استعملت وأصبحت غير صالحة للاستعمال وصنفتها الشركة أو شركاتها التابعة أو مقاوليها أو مقاوليها من الباطن بأنها خردة أو نفاية دون دفع أية رسوم جمركية أو ضرائب شريطة تعميد وزارة النفط لذلك لعرضها على الجهات المعنية الأخرى». أشار التقرير إلى تأخر الشركة في تقديم مشروع القانون الجديد الخاص بتنظيم مهام واختصاصات الشركة الذي تم إعداده منذ تسلم الشركة من المشغل السابق ومشروع هذا القانون تم الوقوف على بعض مواده وتم وضع الملاحظات عليها والمتمثلة في أن مشروع القانون لم يشمل على تكوين وتنظيم الشركة وان الشركة تحصل على نسبة من نفط المشاركة تتراوح بين (15% -30%) ويتم خصم هذه النسبة من النفط الصافي بعد خصم نفط الكلفة والإتاوة، وهو نفس الإجراء الذي كان يحصل عليه المشغل السابق، في الوقت الذي تعتبر الشركة وحدة اقتصادية مملوكة للدولة ويمكن أن تحصل على نسبة معينة من الإنتاج لمواجهة (نفقات التشغيل والنفقات الرأسمالية وهامش ربح) كإيرادات لتسيير أعمال الشركة وان الشركة تمنح نفس الإعفاءات والامتيازات التي كانت تمنح للمشغل السابق لقطاع (18) وهذه الامتيازات تتمتع به الشركات النفطية العاملة في هذا المجال وتعتبر لشركة صافر حافز لتطوير نشاطها وأيضا لا تخضع الشركة وشركاتها التابعة ومقاولوها والمقاولين من الباطن لدفع حصة الدولة في الأرباح التجارية والصناعية بعد خصم ضريبة صافي الأرباح، وهذا مخالف لقانون ضرائب الدخل فيما يخص الشركة والشركات التابعة، أما مقاوليها والمقاولين من الباطن يتم إخضاعهم وفقا لما هو معمول به في الشركات النفطية العاملة في الوطن. ومن الملاحظات التي أوردها التقرير على مواد مشروع القانون الجديد يكون لوزارة النفط والمعادن الحق الحصري في القيام بالتدقيق للحسابات الخاصة بالشركة وفقا لما هو معمول به مع الشركات البترولية العاملة في الجمهورية اليمنية. كما تقوم الشركة بتعيين مدققين عالميين للقيام بالتدقيق الداخلي للحسابات. بالمخالفة للمادة رقم (32) من قانون الجهاز رقم 39 لسنة 1992م والقانون المالي رقم 8 لسنة 1990م وقانون الهيئات والمؤسسات والشركات العامة رقم 35 لسنة 1991م. وذكر التقرير عدم قيام الشركة باتخاذ الإجراءات المناسب لتنفيذ ما تم إعداده من قبل الشركات الاستشارية (دحمان، سي آسي، ميرك) والذي تم التعاقد معها من قبل شركة صافر لإعداد (سياسة وإجراءات الموارد البشرية -إعادة الهيكلة -إعادة تصنيف وتقييم الوظائف) على التوالي وقد أنفقت على تلك الدراسات مبالغ كبيرة وفي حال عدم الاستفادة من هذه الدراسة يعتبر إهدار لموارد الشركة. كشف التقرير قيام الشركة بشراء أرض لبناء مقر لها ولم تتضح الإجراءات القانونية التي اتبعتها الشركة بهذا الشأن وفقا لقانون الاستملاك للمنفعة العامة رقم (1) لسنة 1995م وأيضا عدم قيام الشركة بحصر وتقييم أصولها الثابتة ومشاريعها الرأسمالية التي تم استلامها من المشغل السابق كما لم تسجل نفقاتها الرأسمالية كأصول ثابتة وتعتبرها نفقات تشغيلية تستعيضها من الاعتماد المقدم من وزارة المالية والتي لم تظهر ضمن القوائم المالية للشركة وما يترتب عليه عدم إظهار المركز المالي للشركة بصورة حقيقية وعدم مسك الشركة لسجلات رقابية لأصولها الثابتة والرأسمالية والجرد السنوي، وهذا يضعف نظام الرقابة الداخلية على أصول وممتلكات الشركة وقد يعرضها للضياع، بالإضافة إلى سحب موازنة الشركة طرف البنك المركزي وتحويلها إلى بنوك تجارية، ما يترتب عليه عدم التعامل مع البنك المركزي بالسحب بحسب ما تتطلبه بنود النفقات، وهذا مخالف للقانون المالي ولائحته التنفيذية وقرار مجلس الوزراء بهذا الشأن.