تعيش شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج النفطي منذ ما يقارب ست سنوات حالة فساد مخيفة ربما ستودي بها إلى التوقف عن العمل بشكل نهائي -حسب المعلومات التي أوردتها وثائق رسمية- بسبب الاعتداءات المتكررة على المنشئات النفطية والعاملين في القطاع 18 والفشل الأمني في الحماية وما هذه الأسباب التي وردت في رسائل المدير العام التنفيذي للشركة في مارس الماضي وابريل الجاري إلا جزء من الأسباب والإشكاليات المتراكمة. مؤخرا كشفت معلومات عن حجم الفساد المالي والإداري الذي عاشته الشركة في جوانب عدة، ففي ما يتعلق بشراء أرضية للشركة خلال الفترات الماضية أشارت المعلومات إلى قيام مدير الشركة بشراء أرضية لبناء مقر للشركة بمبالغ مضاعفة عن السعر الحقيقي للزمان والمكان ولم تتضح الإجراءات القانونية التي اتبعتها الشركة وفقا لقانون الاستملاك للمنفعة العامة رقم 1 لسنة 1995م حيث وإن موقع الأرضية في مكان بعيد من حوض صنعاء ويحضر فيه البناء ولا تصلح الأرضية لشركة وإنما مزرعة او مكان لنصب كسارة للأحجار وما تزال عليها مشاكل كبيرة والصرفيات الأمنية لم تتوقف بحسب المعلومات. وفيما يتعلق بالهيكل الهرمي للشركة تم عمل عدد من العقود مع أفراد وشركات مختلفة لعمل هيكل جديد بدلا عن هيكل شركة هنت التي انتهت اتفاقية مشاركتها في الإنتاج في 2005م وفي كل مرة كانت تصرف مبالغ ضخمة على إعداد الهيكل الإداري حيث يتم الإعادة لأسباب تتعلق بالنتائج التي لم تكن ترضي طموح المسئول على الشركة بالاستفراد على الشركة حيث كانت البداية بالتعاقد مع خبير بريطاني وقضى فترة ثم رحل بعد أن أخذ نصيبه ثم جاءت شركة ميرك التي تعاملت مع الموضوع برؤية مصلحية واستغلت الوضع وأخذت ما تريد إلا أن الخلاف اشتد بينها وبين المسئول على الشركة عند القسمة وهددت ميرك بمقاضاة شركة صافر وتم السفر إلى دبي وإنجاز اتفاق مع ميرك بدفع مبالغ كبيرة ولم يصدر الهيكل الهرمي إلى الآن رغم خروج هنت في نوفمبر2005م. كما كشفت المعلومات عن تلاعب كبير في المشتريات والوظائف حيث تم توظيف عدد كبير من المقربين كما تم فصل مهندس يمني متخصص في مجال تقنية المعلومات والاتصالات ولديه خبرة كبيرة في تخصصه ويعتبر من أكبر الخبرات العربية في مجال تقنية المعلومات وأدار مشاريع كبيرة في شركات عملاقة مثل (أي بي ام، ابل، نتسكيب)، لأنه رفض الرشاوى والفساد الذي تعج به الشركة وقامت الجهة التي فصلته باستقدام بريطاني متخصص في التصوير الفوتغرافي للمجلات والجرائد للعمل بدلا عنه ولا توجد لديه خبرة في مجال تقنية المعلومات. وفي يوم 18 مارس الماضي سيطر ما يقارب 30 شخصاً على ميناء النفط العائم بمنطقة (راس عيسى) وقامو باحتجاز طاقم العمل من يمنيين وأجانب ومنعوا عنهم المواد الغذائية والطبية بالتزامن مع قيام يقارب 200 شخص بمحاصرة محطة تخفيف الضغط في منطقة (راس عيسى) حيث وصلوا بواسطة عدد من الباصات مزودين بعدد من الخيام والميكرفونات والمواد الغذائية والتموينية وهي إمكانات لا تتناسب مع أحوال أهل المنطقة وأظهرت تصرفات المجموعتين المحاصرة للمحاطة والتي تقرصنت حول الميناء العائم أن الهدف هو تعطيل الميناء عن العمل وقطع عملية تصدير النفط الخام بدعم من جهات نافذة ومن قيادات عسكرية حيث انضم إليهم أفراد الكتيبة المكلفة بحماية المحطة والتي تم تعيين قيادة لها من الحرس الجمهوري وشارت المعلومات إلى أن التموينات الغذائية تصل إلى تلك المجاميع بانتظام وحركة السيارات والباصات المرافقة لهم لا تعاني من أي نقص في الوقود أو التموين علما أن منطقة راس عيسى منطقة عسكرية لا يتم الدخول إليها إلا بتصاريح. ويستقبل ميناء (راس عيسى) العائم إنتاج خمس شركات نفطية بكمية تساوي 120 ألف برميل يوميا للتصدير إلى الخارج ولتموين مصافي عدن بالنفط الخام والشركات الخمس هي (صافر، جنة هنت، كالفالي، اوكسي، او ام) وتقدر كمية النفط السنوية لهذه الشركات بحولي 6 مليار دولار وفي حال حدوث كارثة للميناء العائم صافر فإن الأضرار المادية والبيئية. وشركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج هي إحدى الشركات النفطية التي عشعش الفساد فيها حيث كشف تقرير تقييم تقرير الأداء المالي والإداري لشركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج للفترة من 15/11/2005م وحتى 31/12/2008م عن جملة من المخالفات المالية والإدارية في أداء الشركة، وبالمقارنة بين نفقات شركة صافر ونفقات المشغل السابق للقطاع (شركة هنت) فقد لوحظ تضخم النفقات وتزايدها من عام إلى آخر خلال السنوات الثلاث (2006، 2007، 2008) من قبل شركة صافر وفي المقابل تراجع الإنتاج وبنسب كبيرة جدا عند المقارنة مع إنتاج المشغل السابق (شركة هنت). وبالمقارنة مع المشغل السابق (شركة هنت) أكد التقرير تضخم في جانب النفقات مع ما كان يخصم كنفط كلفة "تشغيل" وهذا يتعارض مع سياسة ترشيد الإنفاق في ظل انحدار كمية الإنتاج وتناقصه بشكل مستمر والذي يؤدي إلى زيادة تكلفة إنتاج البرميل من النفط. يذكر أنه تم إنشاء شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج بموجب القانون رقم (18) لسنة 1997م بغرض القيام بأعمال الاستكشاف والإنتاج في مجال صناعة النفط والغاز، وبدأ النشاط الفعلي للشركة ابتداء من تاريخ 15 نوفمبر 2005م حيث تولت عمليات التشغيل والإنتاج في القطاع رقم (18) بمنطقة مأرب بعد انتهاء اتفاقية مشاركة الإنتاج مع المشغل السابق شركة يمن هنت بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (330) لسنة 2005م وتعمل الشركة حاليا وفقا للإجراءات المتبعة من قبل المشغل السابق (شركة هنت) ولم يتم تحديد رأسمالها بشكل قانوني حتى الآن. تهديد بالتوقف في 3 ابريل الجاري وجه المدير العام التنفيذي للشركة صافر محمد حسين الحاج إلى وزير النفط رسالة قال فيها: "إن الوضع الأمني خطير للغاية على امتداد مواقع ومنشئات الشركة من مأرب إلى راس عيسى وسنضطر في أي لحظة إلى وقف جميع أنشطة القطاع 18 وسيترتب على ذلك وقف إنتاج الغاز المنزلي للاستهلاك المحلي ووقف مصفاة مأرب التي تزود مشتقات البنزين والديزل والمازوت للاستهلاك المحلي ووقف تزويد الغاز لمحطة كهرباء الغازية ووقف إمداد الغاز لمنشئات تسييل الغاز الطبيعي ببلحاف وإخلاء العمالة المحلية والأجنبية من المنشئات حافظا على أرواحهم. وأكدت الرسالة على أن الاعتداءات المتكررة على آبار النفط والعاملين في القطاع 18 أسفرت عن عدم إنتاج النفط حوالي 100 ألف برميل يوميا لمدة 214 يوم خلال عام 2011م و94 يوم من العام الجاري من القطاع 18 والقطاعات الأربعة المستخدمة لضخ نفطها عبر خط إنبوب تصدير النفط إلى ميناء راس عيسى النفطي. كما أشارت الرسالة إلى أن شركة صافر خسرت منذ منتصف مارس 2011م وحتى ابريل الجاري أكثر من 12.16 مليون برميل نفط تقدر قيمتها 1.216 مليار دولار وحوالي 3.08 مليون برميل غاز منزلي تقدر قيمتها بحوالي 154 مليون دولار كما خسرت الشركات المستخدمة لخط إنبوب النفط حوالي 18.48 مليون برميل تقدر قيمتها 1.85 مليار دولار. وأوردت الرسالة 45 اعتداء بتفصيل مكان ونوعية الحادث من تفجير لخط إنبوب النفط وآبار النفط والغاز وسرقة النفط وتهديد العاملين وحصار الميناء العائم والمنشئات الذي تزايد حتى وصل إلى منشئات تصدير النفط بالحديدة خلال الفترة من 5 أكتوبر 2011 وحتى 3 ابريل الجاري. وأكدت الرسالة على أن التباطؤ المتبع لمعالجة الوضع الأمني المتدهور أدى ويؤدي إلى تكبد شركة صافر والشركات المستخدمة لمنشئاتها خسائر فادحة يصعب تعويضها وأن القطاع 18 يحتضر وعرضة للتوقف الكامل في أي وقت وأن الشركات المستخدمة للقطاع 18 واقفة عن الإنتاج منذ أكتوبر 2011م.