رغم أن شبكات التواصل الاجتماعي (فيس بوك) كانت من أهم منطلقات ثورات الربيع العربي لا يزال أغلب الزعماء العرب بعيدين عن هذا العالم المفتوح الذي يتيح لهم التواصل مع عدد كبير من الشباب المولع بتطورات وتكنولوجيا العصر. وباستثناء عدد محدود من الزعماء الذين لهم مواقع رسمية على صفحات فيس بوك فهناك عدد كبير من الصفحات الوهمية التي تحمل أسماء الرؤساء وعدد آخر من الصفحات الساخرة التي تتندر بهم ويتخذ فيها الشباب فسحة للتمسخر بالرؤساء البعيدين عن شعوبهم وتداول النكات والطرائف والرسوم عنهم. وقد يعرف المتصفح عن رئيسه عبر صفحة الفيس بوك ما لا يتسنى له معرفته من غيرها، فضلا عن أن تلك الصفحات تكشف عن الشخصية الحقيقية والطبيعية لأصحابها وتمكن من التعرف على أرائهم وأفكارهم الشخصية ومستوى ثقافتهم وهي الأمور التي لا يمكن معرفتها من خلال ظهور الرؤساء أمام شاشات التلفزة والمواقف والتصريحات الرسمية والسياسية، وحتى وإن كانت إدارة هذه الصفحات مسندة إلى فرق إعلامية متخصصة. وبالنظر إلى زعماء الدول التي شهدت ثورات شعبية أفرزت رؤساء جددا نجد أن الغالبية منهم لم يهتموا –بعد- بعالم الفيس بوك رغم أن تلك الشبكات لعبت دورا غير قليل في خلع سابقيهم من الدكتاتوريين. صفحة مرسي: نموذج مصغر من وكالة الأنباء يعتبر الرئيس المصري محمد مرسي هو الزعيم الوحيد من بين رؤساء الثورات له صفحة رسمية ينشر فيها أنشطته ويتواصل من خلالها بالزائرين، يليه الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي الذي يمتلك صفحة لكنها غير مفعلة ولم يتجاوز معجبوها ال(400) شخصا فيما المؤشرون بالإعجاب على صفحة الرئيس مرسي يقاربون ال(600) ألف. وينشر مرسي في صفحته أنشطته وأخباره وصوره الخاصة ومعلوماته الشخصية وسيرته الذاتية لدرجة أنها أصبحت أشبه بوكالة أنباء رسمية ومصدرا معلوماتيا لوسائل الاعلام والباحثين والمهتمين.. ويزيد عدد المتحدثين عن الصفحة والمتفاعلين معها عن ال(100) ألف شخص من مصر ومن خارجها. صفحة هادي.. قوتنا في وحدتنا بالنظر إلى صفحة الرئيس هادي يبدو وكأنها طبق الأصل من صفحة الرئيس مرسي. والملخص التعريفي لصفحة مرسي هو (الصفحة الرسمية للسيد رئيس الجمهورية د.محمد مرسي ... قوتنا في وحدتنا) فيما جاء ملخص صفحة هادي "الصفحة الرسمية لسيادة رئيس الجمهورية. عبدربه منصور هادي..(قوتننا في وحدتنا)" ولم تخل تعريفية هادي من الخطأ المطبعي في كلمة "قوتننا". وإذا كانت صفحة مرسي تحظى بالتحديثات السريعة فأنه يلاحظ على صفحة هادي البطء الشديد في تحديث المشاركات. ويلاحظ على صفحتي مرسي وهادي عدم احتوائهما على أية عناوين للتواصل أو حتى بريد الكتروني. المرزوقي وعبدالجليل.. صفحات وهمية وإذا كان الرئيس التونسي الحالي منصف المرزوقي جاء بديلا عن أول زعيم خلع منذ حلول فصل الربيع العربي الذي ما يزال ممتدا، ولعب الفيس بوك دورا هاما في إشعال فتيل الثورة هناك؛ لكنه –أي المرزوقي- لا يملك صفحة مثل نظيره مرسي وهادي باستثناء صفحتي إعجاب يظهر أنهما وهمية، وصفحات أخرى غير رسمية. وهناك صفحة باسم الدكتور منصف المرزوقي وأخرى باسم "منصف المرزوقي" ليس فيهما أي أخبار عنه كرئيس لدولة تونس. والأمر ذاته مع رئيس المجلس الانتقالي الليبي المستشار مصطفى عبدالجليل، إذ ليس له صفحة رسمية باستثناء صفحات وهمية لا تتحدث عن أنشطته وأخباره. بشار الأسد.. الحضور لمواجهة الثورة الرئيس السوري بشار الأسد الذي يواجه ثورة مستمرة ومتصاعدة هو الآخر ليس له صفحة رسمية إلا أن هناك عددا كبيرا من الصفحات غير الرسمية التي تحمل اسمه. فهناك صفحة باسم (بشار الأسد للأبد) وأخريات باسم (بشار الأسد حبنا بدمنا للأبد.. بشار الأسد بالدم منفديك.. محبي بشار الاسد.. بشار الأسد) وصفحات ومجموعات أخرى كثيرة تحمل اسمه. ومقابل ذلك فهناك صفحات ومجموعات ثورية كثيرة فهناك مثلا صفحة (الثورة السورية ضد بشار الأسد) يزيد المعجبين فيها عن ال(600) ألف شخص وصفحات ومجموعات أخرى. أردوغان.. الأكثر ثقة بنفسه وشعبه تعد صفحة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على شبكة الفيس بوك هي الأشهر والأكبر والأكثر إعجابا، حيث يزيد عدد المعجبين بها عن المليون و(600) ألف ويتحدث عنها قرابة (39) ألف شخصا من جميع أقطار العالم، مع الإشارة إلى أن الصفحة ناطقة باللغة الانجليزية. أردوغان له صفحة أيضا على شبكة التواصل "تويتر" ينشر فيها أفكاره وآرائه وأخباره وأنشطته وصوره بصورة مستمرة لدرجة أنه ينشر بعض تفاصيل حياته ومواقفه الشخصية من عدد من القضايا والأحداث. وتتميز صفحة أردوغان بأنها تحتوي على البريد الالكتروني للتواصل معه وإرسال الرسائل بالإضافة إلى إمكانية مراسلته عبر رسائل الفيس بوك.. كما إنها تحتوي على عدد من مقاطع الفيديو الخاصة به وأكثر من (300) ملاحظة. أما الرئيس التركي عبدالله غول فهو الآخر له صفحة إعجاب على الفيس بوك ناطقة باللغة الانجليزية ينشر فيها كل جديد عن حياته وأنشطته الرسمية وغير الرسمية.. ويزيد عدد الأشخاص المعجبين بصفحته عن (530) ألف شخصا ويتحدث عنها أكثر من (13) ألف. الخلفيات المصورة تكشف الأمزجة يفضل الرئيس مرسي الخلفية "السادة" ذات اللون الأزرق وعلى يسار الشاشة الطير الجمهوري. أما الرئيس عبدالله جول فيفضل أن تكون الخلفية مشهدا سياحيا مفعما بالخضرة من تركيا. ويظهر أردوغان أكثر ميلا نحو الشكل الرسمي ليختار خلفية خفيفة عبارة عن صورة للبرلمان التركي. ويماثله في الميول الرئيس عبدربه منصور هادي الذي اختار صورة يظهر فيها وهو واقف متوسطا لأعضاء حكومته اللذين يمتدون من يمينه وشماله. ويبدو بشار الأسد نموذجا للزعماء البائدين وخلفية الصفحة أكثر من صورة مدمجة، ويبدو له فيها أكثر من لقطة وهو يلوح بيده للجماهير المنتشرة في الميدان من تحته، ولقطة بجانب الشاشة يظهر فيها مع بعض الجنود. كل من الرؤساء المشار إليهم سابقا يضع صورة شخصية له على جانب الخلفية، ويشذ بشار الأسد عن هذا الاتساق إذ يضع لنفسه صورة ومن حوله الحشود. كما تكتظ الشعارات والخطوط العريضة على الصورة الخلفية التي اختارها بشار. وهو ما يعكس طبيعة صفحته المختلفة عن صفحات البقية وهدفها الدعائي المواجه للثورة والرامي لاستمالة الجيش وتثبيته من حوله ومحاولة للتخفيف من حدة الانشقاقات المتتابعة.