الطريق الى سجن مدينة إب يمر عبر احياء سكانية ذات كثافة عاليه ولذلك ليس غريبا ان يطلق على الحي السكني الواقع غرب مدينة اب الى جبل بعدان بحي السجن.. حينما اتجه نشطاء المجلس الثوري لمعرفة تفاصيل حادثة إحراق السجن الساعة (3) عصر السبت 22-12 2012 كانا نعرف اننا بصدد التعرف على موضوع قديم جديد إذ ان حوداث شغب وتمرد كانت تكررت منذ شهرين وربما تكون هذه هي الرابعة، لكننا لم نكن نتوقع ان تكون التفاصيل اكثر ايلاما وما نحمله اكثر حرقة للقلوب..لطبيعة مدير السجن المعين حديثا ومدير الامن المنفتحة تجاة وسائل الاعلام والمنظمات الحقوقية وتلك الصراحة التي يتحلىان بها بصورة غير معهودة في عرض الوقائع والأسباب والاستعداد للتعامل مع ما يحدث بواقعية لا يتسم بها الضباط عادة من اخلال اجاباتهم على اسئلتنا وأسئلة الصحفيين كانت صادمة هي الأخرى لم يتنصل الرجلان عن مسؤوليات ما حدث وقادونا جميعا لمعرفة ما يجري ترافق زيارتنا بحضور رئيس النيابة والأمين العام للمجلي المحلي ومدير الامن جعل من التحرك داخل السجن مهمة شاقة وأكثر تعقيدا لكثافة الحضور وإعداد الجنود في عنبر القتله حدثت الكارثة، والعنبر بدروم تحت الارض في الجهة الجنوبية من السجن يتكون من عدد من الغرف لها نوافذ منخفظة الى مستوى الارض ولفت انتباهنا وجود باب للطورائ ايضا يقع في الجهة الجنوبية.. استمعنا للسجناء وشاهدنا ودونا بيانات وتفاصيل وتجولنا داخل اروقة السجن.. تبدو الحياة ضئيلة في عالم السجون هذا الوضع داخل السجن المركزي في إب يمثل نموذجاً مصغراً للفساد المتوغل داخل مؤسسات الدولة المختلفة، قل ما شاءت من أنواع الفساد الإداري المالي الصحي الإنساني الحقوقي البيئي نحن امام حالة من انعدام الوجود الانساني وشروطه البسيطة.. لا يوجد أدني مؤشر لحياة كريمة داخل هذا السجن، القفص هو العذاب بعينه ، تفاصيل ما رأينه اليوم لم يصدقه الكثير لكننا عايشناه حقيقة واقعة، وتمنيت أنا وزملائي أننا لم نطلع عليها لأننا نتحمل مسئولية نقلها للعالم بأمانة ، لا أنسي كلمات ذلك السجين منذ 15 عاماً وهو يقول بلغوا عنا العالم "نحن منسيون داخل هذا العالم". أسباب المشكلة تمتد جذورها لفترة سابقة وتتعدد أسبابها ، فقد حدثت نفس الإشكالات هي أربع خلال شهرين، وقطع بعض السجناء اصابعهم وأذانهم وأرسلت قبل أسبوعيين لبعض المنظمات والمهمتين بحقوق الإنسان، وكان من أبرز نتائجها تغيير مدير السجن إلا أن هناك قضايا أساسية لم يتم حلها.. داخل هذا السجن الذي يحشر فيه أكثر من (1200) سجين على ذمة مختلف القضايا، وترصد الدولة ميزانية شهرية لا تكفي ليوم وأحد قال مدير السجن الجديد أنها (240) الف ريال وهي بحسب قوله لا تكفي للمحروقات فضلاً عن التغذية والنظافة و... إلخ.. مبني السجن قديم ومتهالك مثل رجل خبيث مسن والبوابات الحديدية الداخلية ضعيفة وصدئه ومتهالكة مثل ارواح من حشروا هناك، وخلال اعمال شغب الشهر الفائت تمكن بعض السجناء من كسر بعضها.. 1200 سجين في علبة كبريت مليئة بالأوساخ لا بد وان يقود الي تداعيات اخرى،البدروم الذي حصل فيه الحريق لا يصلح حتي زريبة حيوانات ولا تتوفر اقل مقومات والحياة حتى الباب الوحيد للطوارئ مقفل بقفلين من الخارج وملحم بأسياخ حديدية. ضيق المبني الحالي يقود الي الخلط بين السجناء فلا يوجد فرق بين محكوم عليه بإعدام وبين سارق "ملوج"، وبين "عاصي والدية كلهم في عنبر واحد ليتخرجوا مجرمين محترفين عن طريق نقل الخبرات واكتساب المهارات في هذه البقعة المنسية من الجمهورية اليمنية نحن أمام تسجيل حي لتبادل معارف سيئة وحشر وخلط لكل امل في اصلاح وتربية نازلي السجن.. أما الخدمات الأساسية داخل السجن فهي شبه منعدمة، فالسجناء يعشيون داخل السجن بملابسهم العادية ولا تكاد تفرق بين زائر لهم وبينهم، وشاهدنا السجناء داخل المصحة النفسية يحكون جلودهم من كثرة تراكم الأوساخ على أجسادهم (وسيكون لنا تقرير خاص عن المصحة النفسية فهي مأساة لوحدها). المضحك المبكي ان ثمة تجارة مزدهرة داخل السجن تتوزع بين السجائر والقات وكل ما يحتاجها السجناء، ويقال بان هذه التجارة كانت أحد أهم الأسباب التي وفرت الجو للشغب وإحداث المشاكل، بل اصبحت كنوع الحقوق التي تعود عليها المفسدون المتنفذون منذ 12 عاماً داخل السجن. تفاصيل الأحداث الأخيرة يوم السبت 22- 12 2012م "بدأت بحريق" هكذا اكدت جميع المصادر التي تحدثت إلينا، وتضيف بأن مجموعة مكونة من سبعة أفراد هي من قامت بالحريق اختزلت في النهاية في شخص عبدالكريم راشد البعداني مع اثنين من زملائه، وهو أحد المحكوم عليهم بالإعدام لقتله أحد الأشخاص في مدينة إب حارة أبلان وقد سبق له أن شارك في أحداث الشغب السابقة وأحيل للبحث الجنائي بحسب تصريح مدير أمن المحافظة ولكن لماذا لم يتم السيطرة على الحريق؟ ولماذا لم يتم اتخاذ إجراءات إطفاء الحريق بعد أحداث الشغب الأولى عندما تم إحراق الإرشيف الخاص بالسجناء؟ ولماذا تم إعادة السجين لنفس المكان بدون اتخاذ أي إحتياطات؟ هل السجين أشعل الحريق من تلقاء نفسه أم هناك أيدٍ خفية تريد الإطاحة بالمدير الجديد للسجن من خارج السجن أو من داخلة ؟ هل كان الأمر اعتباطيا من السجين نفسه ؟ لماذا تم توفير كافة أدوات الحريق داخل السجن؟ تاريخ المسجون يقول أنه من أخطر السجناء داخل السجن كما أكد لنا أكثر من سجين وبعض الحراس العاملين في السجن فلماذا ترك له الحبل على الغارب ليعبث داخل السجن؟ إدارة السجن ما تزال تسير بنفس العقلية السابقة ولم تحدث جديد داخل السجن، وما زال الطاقم الذي يدير السجن هو نفسه، بعض العاملين في السجن لهم 12 عاماً ويعرفون كافة تفاصيل السجن مما يسهل لإحداث مشاكل وقلاقل لدى كل تغيير. أضف لذلك أن الحراسة والعاملين في السجن لم يخضعوا لأي برنامج تأهيلي في مجال حقوق الإنسان فضلاً عن حقوق السجناء ، ويعمل بعضهم لفترات طويلة داخل السجن ، ويتعاملون بقسوة مفرطة مع السجناء. ولم تحرك ساكناً فأكثر من (200) سجين باتوا في العراء بعد يوم الحادث بدون فراش برغم أن مخزن السجن مكدس بالبطانيات والفرش . نتائج الأحداث الأخيرة القسم الذي تم فيه الحريق هو البدروم (القسم أ) من السجن ويتواجد بداخله أكثر من (250) سجين أغلبهم من المحكوم عليهم بالإعدام وبحسب تصريح مدير السجن فإن الذين تم انقاذهم من الحريق (200) سجين والذين توفوا جراء الحريق (لم يبين اي تقرير حتى الآن هل كانت الوفاة بسبب الإختناقات، أم بسبب التفحم من الحريق؟). والدفاع المدني لم يحضر إلا بعد في تمام الساعة (4.10) بحسب شهادات شوهد موثقة لدينا، والذين تدخلوا لإنقاذ السجناء هو زملائهم المساجين بدون أداني أدوات السلامة ، لكن الذي قضوا نحبهم (8) و(3) جراحي حالة أحدهم لا زالت خطيرة حتى اللحظة، وأسمائهم كما يلي: من مديرية القفر: إسماعيل صالح المظل ومجاهد الموسمي من مديرية العدين : صادق علي مهدي المليكي، محمود عثمان الحذيفي، فيصل محمد قائد جباح، أزير غالب صالح. من بعدان : اسماعيل البعداني وهو الوحيد الذي غير محكوم عليه بالإعدام بل بقضية "طاعة" وعلي أحمد على السلاط غير معروف مديريته فيما أصيب " نور الدين عبد المغني، عصام احمد حزام الرفاعي، عبده ناجي سعيد علي". المعلومات التي وصلتنا أكدت أن (5) من المتوفين هم من المصابين عقليا وكونوا من رواد المصحة النفسية التي تقع داخل السجن المركزي نفسه. النتيجة النهائية لمحصلة الأحداث خلال شهرين في السجن : 8 قتلي، 7 جرحي، إحراق الأرشيف كاملاً ، تلف كامل للبدروم. *التقرير للمرصد الشبابي لمراقبة السياسات العامة التابع للمجلس الثوري