المحطات التاريخية الكبرى تصنعها الإرادة الوطنية الحرة    مهام العليمي وبن مبارك في عدن تعطيل الخدمات وإلتقاط الصور    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    حرب غزة تنتقل إلى بريطانيا: مخاوف من مواجهات بين إسلاميين ويهود داخل الجامعات    ضوء غامض يشعل سماء عدن: حيرة وتكهنات وسط السكان    العدالة تنتصر: قاتل حنين البكري أمام بوابة الإعدام..تعرف على مراحل التنفيذ    أتالانتا يكتب التاريخ ويحجز مكانه في نهائي الدوري الأوروبي!    الدوري الاوروبي ... نهائي مرتقب بين ليفركوزن وأتالانتا    متصلة ابنها كان يغش في الاختبارات والآن يرفض الوظيفة بالشهادة .. ماذا يفعل؟ ..شاهد شيخ يجيب    في اليوم 216 لحرب الإبادة على غزة.. 34904 شهيدا وأكثر من 78514 جريحا والمفاوضات تتوقف    قوة عسكرية جديدة تثير الرعب لدى الحوثيين وتدخل معركة التحرير    لا وقت للانتظار: كاتب صحفي يكشف متطلبات النصر على الحوثيين    الحوثي يدعو لتعويض طلاب المدارس ب "درجات إضافية"... خطوة تثير جدلا واسعا    مراكز مليشيا الحوثي.. معسكرات لإفساد الفطرة    ولد عام 1949    الفجر الجديد والنصر وشعب حضرموت والشروق لحسم ال3 الصاعدين ؟    فرصة ضائعة وإشارة سيئة.. خيبة أمل مريرة لضعف استجابة المانحين لليمن    هموم ومعاناة وحرب خدمات واستهداف ممنهج .. #عدن جرح #الجنوب النازف !    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    باذيب يتفقد سير العمل بالمؤسسة العامة للاتصالات ومشروع عدن نت مميز    أمين عام حزب الشعب يثمن موقف الصين الداعم للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة مميز    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    منذ أكثر من 70 عاما وأمريكا تقوم باغتيال علماء الذرة المصريين    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    الخارجية الأميركية: خيارات الرد على الحوثيين تتضمن عقوبات    رئيس مجلس القيادة يكرّم المناضل محمد قحطان بوسام 26 سبتمبر من الدرجة الأولى    تضرر أكثر من 32 ألف شخص جراء الصراع والكوارث المناخية منذ بداية العام الجاري في اليمن    المحكمة العليا تقر الحكم بإعدام قاتل الطفلة حنين البكري بعدن    اعتدنا خبر وفاته.. موسيقار شهير يكشف عن الوضع الصحي للزعيم ''عادل إمام''    الأسطورة تيدي رينير يتقدم قائمة زاخرة بالنجوم في "مونديال الجودو – أبوظبي 2024"    تصرف مثير من ''أصالة'' يشعل وسائل الإعلام.. وتكهنات حول مصير علاقتها بزوجها    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و904 منذ 7 أكتوبر    وفاة الشيخ ''آل نهيان'' وإعلان لديوان الرئاسة الإماراتي    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    امتحانات الثانوية في إب.. عنوان لتدمير التعليم وموسم للجبايات الحوثية    5 دول أوروبية تتجه للاعتراف بدولة فلسطين    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ميونخ ويواجه دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا    أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية اليوم الخميس    تصاعد الخلافات بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر والأخير يرفض التراجع عن هذا الاشتراط !    بعد وصوله اليوم بتأشيرة زيارة ... وافد يقتل والده داخل سكنه في مكة    جريمة مروعة تهز مركز امتحاني في تعز: طالبتان تصابا برصاص مسلحين!    قصر معاشيق على موعد مع كارثة ثقافية: أكاديمي يهدد بإحراق كتبه    دوري ابطال اوروبا .. الريال إلى النهائي لمواجهة دورتموند    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    البدعة و الترفيه    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أباطرة القمح في اليمن «ملف خاص»
نشر في الأهالي نت يوم 02 - 01 - 2013

تحتكر 7 شركات محلية استيراد القمح الذي تستورده من أكثر من 17 دولة منذ سنوات، وتحقق ثراء فاحشا بامتصاصها الجزء الأكبر من دخول ومدخرات الأسر والأفراد التي تنفق جل مدخولاتها على السلع الأساسية. ويحظى "أباطرة القمح" بامتيازات كبيرة لا تقتصر على الإعفاء الجمركي والضريبي الرسمي الممنوح لهم منذ 2010م.
في إبريل 2012م خاضت الحكومة صراعا مريرا مع القطاع الخاص حول ضريبة المبيعات التي فشلت الحكومة في فرضها على سلاطين المال والأعمال الذين قدموا حفنة من الملايين ك"رشوة" لشراء رضوخ الحكومة لأطماعهم المتغولة في منع تطبيق الضريبة.
وفي لقاء جمع ممثليهم برئيس الحكومة الانتقالية محمد سالم باسندوة أعلن القطاع الخاص التبرع ب97 مليون ريال لمساعدة نازحي أبين. وسجل "أباطرة" القمح- حضورا خاصا وأعلنت مجموعة الرويشان تبرعها ب3000 كيس دقيق وقمح وإسمنت فيما قدمت مجموعة الحباري 10 ملايين ريال.
وفي معترك ذلك الصراع كان رجل الأعمال يحيى علي الحباري وهو أحد أكبر موردي القمح وعضو في مجلس الشورى قد دعا القطاع الخاص (الاثنين 30 إبريل 2012م) إلى تنفيذ قانون "الضريبة العامة على المبيعات" وعدم إضافة قيمة جديدة على الأسعار السائدة يومئذ.
تستثمر تلك البيوت في القوت الأساسي لليمنيين المتمثل في القمح والدقيق كسلع أساسية، وأعلنت الحكومة في 2010م إعفاء "مفتوحا" لتلك الشركات من الرسوم الجمركية وضرائب المبيعات.
في هذا الصدد، تحدث مصدر غير رسمي بالضرائب ل"الأهالي" عن أن كثيرا من تلك الشركات لا تلتزم بسداد الالتزامات الضريبية والزكوية والجمركية، مشيرا إلى أن هناك دعاوى قضائية مرفوعة من قبل الحكومة ضد إحدى تلك الشركات بسبب تهربها من الالتزامات القانونية.
الاستحواذ على أكثر من 90% من السوق
تشير المعلومات إلى احتكار أكثر من 7 شركات لسوق القمح بمختلف أنواعه بالإضافة إلى المؤسسة الاقتصادية اليمنية التي دخلت السوق في 2007م، مقابل تجار آخرين حركة استثماراتهم محدودة. تستحوذ تلك الشركات على أكثر من (95%) من سوق القمح.
وتتصدر الشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة التابعة لرجل الأعمال (محمد فاهم) قائمة أكبر المحتكرين لسوق القمح. تليها الشركة الوطنية لصوامع الغلال المحدودة التابعة لرجل الأعمال (محمد علي العودي وأولاده) التي تأسست عام 2002م مقرها الرئيسي في ميناء الحديدة.
وفي المرتبة الثالثة تأتي الشركة اليمنية الدولية للصناعات الغذائية المحدودة (ييفيكو) التابعة لمجموعة الحاج علي محمد الحباري وأولاده، تأسست عام 1997م كشركة مساهمة خاصة وتتمركز في ميناء الصليف ويزيد حجم الاستثمار المنفق عليها عن 65 مليون دولار، وتنتج "دقيق الجزيرة" الأبيض بعبوات مختلفة، كما تنتج "قمح السمهار" أمريكي أبيض و"قمح مطحون السمهار".
تليها مجموعة شركات هائل سعيد أنعم إحدى المجموعات المستوردة للقمح. وبالإضافة إلى شركة السعيد للتجارة المحدودة، تمتلك المجموعة الشركة اليمنية للمطاحن وصوامع الغلال في كل من الحديدة وعدن. وتأسست شركة السعيد للتجارة المحدودة عام 1993، فيما بدأت الشركة اليمنية للمطاحن وصوامع الغلال في إنتاج الدقيق مطلع العام 2000.
وتنتج المجموعة أنواعاً من الدقيق والقمح بأحجام مختلفة أهمها: (السنابل، البركة، الطاحون) بالإضافة إلى دقيق السنابل الخاص بالأفران و"نخالة الغلال" لتغذية الحيوانات والدواجن و"سميد الحفلات" الذي يستخدم في صناعة الحلويات والمكرونة وبعض المأكولات.
وتأتي المؤسسة الاقتصادية اليمنية في المرتبة الخامسة، تليها شركة صوامع ومطاحن عدن التابعة لمجموعة الرويشان التجارية وتأسست في يوليو 1998م كشركة مساهمة مغلقة، وبدأت الإنتاج التجريبي في مارس 2003م والإنتاج التجاري في 2003م، وتعمل الشركة في ميناء المنطقة الحرة بالمعلا. وتنتج نوعين من الدقيق: المنتج الرئيسي (المميز) دقيق أبيض بأحجام مختلفة.. دقيق (الحقول) أحمر مخلوط بأحجام مختلفة. كما تنتج قمح (الحقول) ونخالة القمح وسميد القمح.
وهناك شركات أخرى تعمل في استيراد القمح كشركة مطاحن البحر الأحمر للدقيق المحدودة التي يملكها عبدربه محمد عبدربه عبد الرحمن الرميش، ومجموعة شماخ التابعة لرجل الأعمال سالم شماخ.
توجد في اليمن 7 مطاحن، 4 منها في الحديدة و3 في عدن، وتبلغ إنتاجياتها 3760 طنا في اليوم، مقابل 8 صوامع، 5 منها في الحديدة وصومعتان في عدن وصوامع صغيرة في عدن تتبع المؤسسة الاقتصادية تتسع ل600 ألف طن.
تستحوذ تلك الشركات على النسبة الأكبر من دخول الأسر والأفراد وتجني مليارات الدولارات بفعل تلاعبها بالجودة والأسعار واحتكار التمويل وخلق الأزمات السوقية واستغلال حاجة المستهلك لقوته الضروري واستعداده دفع أي ثمن نظير ذلك وفي أحلك الظروف.. تستحوذ تلك الشركات على حصة اليمن من القمح وتسحق أية محاولات تنافسية في السوق المحلي مع أن الحكومة تركت أبواب الاستثمار في توريد القمح مفتوحة على الجميع محاولة لكسر ذلكم الاحتكار القاتل.
ويقلل رئيس مصلحة الضرائب أحمد أحمد غالب في حديث مقتضب مع "الأهالي" من شأن فتح مجال الاستثمار في توريد القمح، ويعتبر أن الواقع يؤكد وجود الاحتكار في السوق، وأن تلك البيوت اشترت حصة اليمن من القمح الخارجي وأنها تسحق أي منافس قادم مع أنه "من المفترض أنه لا يوجد احتكار".
امتصاص الدخول
ينفق اليمنيون سنويا عشرات المليارات من دخولهم على القمح الذي يستحوذ على النسبة الأكبر من الاستهلاك، فيما تستورد اليمن 82% من احتياجاتها من الخارج.
وبلغ حجم ما أنفقته الأسر على شراء القمح خلال العام 2003م (82) مليار و(437) مليون و(342) ألف ريال وبلغ إجمالي استهلاكها (74) مليار و(811) مليون ريال -وفقا للتقديرات الرسمية.
وتشير الإحصاءات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن القمح المستورد يستحوذ على أكثر من (35%) من إجمالي إنفاق الأسر ونسبة (33.45%) من إجمالي استهلاكها السنوي.
ووفقا لتلك الإحصاءات فقد أنفقت الأسر اليمنية على شراء الدقيق خلال 2003م مبلغ (59) مليار و(876) مليون و(178) ألف ريال بنسبة (25%) من إجمالي الإنفاق وبلغ إجمالي استهلاكها خلال ذات الفترة (53) مليار و(196) مليون و(176) ألف ريال بنسبة (23%) من إجمالي الاستهلاك السنوي.. كل تلك المبالغ تذهب كأرباح خيالية لصالح تلك الشركات.
وتشير التقديرات إلى أن الإنفاق على القمح يستحوذ على الجزء الأكبر من ميزانية الأسرة ويفوق ما تدفعه الأسر سنويا (200) مليار ريال ويتركز الجزء الأكبر من الاستهلاك في الأرياف.
ويمثل إجمالي الإنتاج المحلي السنوي من القمح (10%) في حين يتم تغطية النسبة الباقية (90%) عن طريق الاستيراد. تستفيد تلك البيوت التجارية من الارتفاع المستمر لما تستورده اليمن من القمح سنويا على حساب تراجع الإنتاج المحلي.
وبلغ إجمالي ما استوردته اليمن من القمح خلال العام الماضي 2011م نحو 205 مليارات و660 مليونا و712 ألف ريال، مقابل 154 مليارا و862 مليونا و908 ألاف ريال في العام 2010م.
ومقابل تضرر اليمنيين من اكتساح القات للجزء الأكبر من الأراضي الزراعية يبدو الأمر مختلفا بالنسبة لموردي القمح.
جدول يوضح حجم إنفاق واستهلاك الأسر اليمنية على القمح والدقيق خلال عام 2003م.
تلاعب مسكوت عنه
في السابع والعشرين من يونيو 2012م رفضت الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة السماح بدخول قرابة 100 ألف كيس قمح بما يعادل 5 آلاف طن مخالف للمواصفات تبين إصابتها بالتسوس الحشري. الأمر الذي يشير إلى وجود تلاعب كبير في نوعية وجودة القمح المستورد؛ إذ يمكن لتلك الشركات في ظل الاحتكار القاتل جني أرباح باهظة نظير التلاعب في مواصفات القمح والبلد المصدر له.. مثلا، وكما يشير مختصون، فإنه يمكن شراء القمح الأرجنتيني الذي يباع بأسعار رخيصة جدا في الأسواق العالمية وبيعه في السوق المحلية بسعر عال على أنه أمريكي أو استرالي أو غيره.
وفي ظل غياب الرقابة الحكومية يمكن لتلك الشركات التلاعب بمواصفات ونوعية القمح مقابل الحصول على تخفيضات في سعره. مع الإشارة إلى أن اليمن تستورد عادة قمحا بنسبة بروتين 11,5% يستخدم لإنتاج الخبز عبر مفاوضات مباشرة مع شركات المتاجرة بدلاً من طرح مناقصات تنافسية. وتشير المعلومات إلى أن معظم القمح المستورد إلى اليمن غير محدد نسبة البروتين.
ويرجع اقتصاديون توحد أسعار القمح إلى اتفاق خفي بين الموردين (المحتكرين) على تحديد سعر معين للبيع.
وكان مكتب وزارة الصناعة والتجارة بالحديدة وجه في نوفمبر 2007 باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد شركة (فاهم) على خلفية فرضها زيادات سعرية على أسعار القمح تجاوزت تلك الزيادة 500 ريال على الكيس الواحد وكذا عدم التزامها بالبيع بالفواتير.
تشير المعلومات إلى أن سعر الطن من القمح الأرجنتيني والروسي يكلف التجار ما بين 278 و282 دولار للطن شاملاً تكاليف الشحن وفقا لأسعار منتصف ديسمبر الحالي، مقابل ذلك لم تشهد الأسواق المحلية أي انخفاض في أسعار القمح والدقيق التي تتفاوت بين (5.500-6.000) ريال.
وعلى اعتبار أن الطن يتكون من (20) كيس -عبوة 50 كجم- وأن تكلفة الطن في أعلى تقدير (60.630) ريال فأن الكيس يكلف المستورد مبلغ (3.031) ريالا فقط.
وهذا يفتح بابا جديدا من أبواب تداعيات الاحتكار على المستهلك إذ أن كيس القمح -50 كجم- يباع حاليا بمبلغ (5.200) ريال رغم مضي أشهر على انخفاض سعر الدولار إلى 215 ريال بعد وصوله خلال العام المنصرم إلى 230 ريالا.. كان سلاطين القمح يبيعون الكيس في ديسمبر 2011م بمبلغ (6.000) ريال.
الخميس الماضي هبطت أسعار القمح الأمريكي إلى أدنى مستوياتها في 6 أشهر إلا أن ذلك الانخفاض لم ينعكس مطلقا على أسعار بيع القمح رغم أن أمريكا تحتل المرتبة الأولى في بيع القمح لليمن.
ويشير تقرير إدارة العمليات الرئيسية بوزارة الصناعة والتجارة إلى أن أسعار القمح الأمريكي شهدت انخفاضا خلال الأسبوع الرابع من سبتمبر 2012م مقابل ثبات أسعار القمح الاسترالي في السوق العالمية. ويوضح التقرير إلى أن أسعار القمح الأمريكي الناعم (بنوعيه: غير محدد البروتين، MAX9.5%) انخفضت بمقدار (20) دولار للطن، مشيرا إلى أن سعر الطن بلغ (392) دولار -شاملا تكاليف الشحن إلى الموانئ اليمنية المقدرة ب50 دولار للطن.
ووفقا لأسعار تلك الفترة فإن كيس القمح يكلف المستورد (4.214) ريال -منها 573 ريال تكاليف الشحن- باعتبار أن تكلفة الطن (20 كيس عبوة 50كجم) تصل إلى (84.280) ريال مقابل ذلك كان كيس القمح الأمريكي يباع خلال ذات الفترة ب(4.900) ريال والاسترالي ب(4.950) ريال ويصل في بعض المناطق الريفية إلى (6.500) في ظل غياب الرقابة وارتفاع أسعار الوقود.
هيكلة الاقتصاد.. المطلب الغائب
تتعالى المطالبات الثورية والسياسية المستمرة بضرورة استكمال عملي التغيير في المجال السياسي، والعسكري، والأمني، لكن القوى الثورية والسياسية لم تتطرق إلى مطلب معالجة الوضع الاقتصادي وإعادة هيكلة البنية الاقتصادية بما يضمن كسر الاحتكار القائم والقاتل وتحرير الاقتصاد من قبضة "العائلات التجارية".
وفي ظل الصراع السياسي المحتدم يبدو الجميع غير آبه بالوضع الاقتصادي المتعلق مباشرة بحياة الناس؛ مع أن الإحصاءات الرسمية تقول إن ضحايا التلاعب بمقاييس الجودة والتسميم الغذائي أكبر وأكثر من ضحايا العنف المستمر.
الاختلالات القائمة ترجع في الجزء الأكبر منها إلى الاختلال في الاقتصاد، ويعتمد اللاعبون في السياسة على الوضع المختل للثراء الفاحش وتوسيع نفوذهم والعمل على إعاقة أية اصلاحات قد تضر بمصالحهم الذاتية على حساب المواطن
جدول يوضح متوسط الأسعار العالمية والمحلية للقمح والدقيق خلال الأسبوع الرابع من شهر سبتمبر 2012م
مسئولية غائبة
مقابل تلك الأرباح التي تحصدها سنويا لا تكاد تلك البيوت التجارية تقدم أية خدمات للمجتمع المستهلك نظير ما يدفعه لها من أموال. ليست لها أي مسئولية تجاه المجتمع باستثناء مساهمات خيرية موسمية ومحدودة.. بل إنها وفوق الامتيازات الممنوحة لها تتهرب -في الغالب- من مسؤولياتها الاجتماعية والضريبية والزكوية، باستثناء ما تقدمه بعضها من مساهمات اجتماعية موسمية معتمدة على المبادرات الشخصية وقائمة على اعتبارات سياسية وأهدافا ترويجية، بل ويغدو ما تقدمه من مساهمات محدودة فرصة للدعاية والتسويق وشراء بعض المسئولين واستغلال المجتمع.
تمثل المسئولية الاجتماعية مقايضة ومبادلة بين التاجر والمستهلك ولكي لا تختل المعادلة لا بد أن يكون هناك استعداد للدفع مقابل الأخذ، لم تعد المسئولية مجرد مبادرات طوعية واختيارية بل صارت بمثابة حقوق للمستهلك على المصنع.
ما تقدمه الشركة أو المؤسسة للمجتمع ينعكس مباشرة عليها؛ ولا يمكن مثلا أن يسمح المجتمع بتعرض الشركة أو المؤسسة لأية مخاطر أمنية ويتحول المجتمع إلى حارس وحام لها باعتبار أنه يحافظ على مصالحه فيما يقدم له.
ومن إيجابيات تلك المسئولية أنها تمكن القطاع الخاص من توسيع السوق بتحسين مستوى دخل أفراد المجتمع الذين يتحولون إلى مستهلكين.. التغذية الراجعة التي تمكن الفرد في حال تحسن مستوى دخله من إنفاق أضعاف ما يقدمه له من القطاع الخاص على شراء السلع.
خصصت شركة صوامع ومطاحن عدن التابعة لمجموعة الرويشان على موقعها الإلكتروني نافذة ل"الأنشطة الاجتماعية" تتحدث فيها عن المساهمات الاجتماعية التي تقدمها وتسرد فيها نماذج لتك المساهمات، منها: "المشاركة بحفل تكريم للمتفوقين في إحدى المدارس الخاصة بمحافظة عدن.. تقديم تبرع لوحدة الأمل لمكافحة السرطان.. تقديم تبرعات عينية من منتجاتها الغذائية إلى جمعية الصالح الخيرية خلال شهر رمضان.. دعم المشاريع الخيرية منها المتضررين من الكوارث الطبيعية -الأيتام -المؤسسات الخيرية. بالإضافة إلى تحسين المستوى المعيشي لموظفيها عن طريق الزيادة السنوية للأجور ورفع مخصص التطبيب السنوي (التأمين الصحي).. هذا مجمل المساهمات التي تقدمها الشركة للمجتمع.
مقابل ذلك لم تتطرق الشركة اليمنية الدولية للصناعات الغذائية المحدودة (ييفيكو) التابعة لمجموعة الحباري على موقعها الالكتروني إلى المسئولية أو المساهمة الاجتماعية ولم تخصص أي نافذة لذلك، باستثناء إشارتها في الواجهة الرئيسية للموقع إلى توفيرها حوالي (950) فرصة عمل إداريين وفنيين وعمال.
الأمر ذاته بالنسبة للشركة الوطنية لصوامع الغلال المحدودة التابعة للعودي وأولاده إذ لم تتطرق مطلقا إلى المسئولية أو المساهمة الاجتماعية في موقعها الالكتروني.
الشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة التابعة لفاهم ليس لها موقع الكتروني، لكن المعلومات تقول أن المجموعة تقوم بتوزيع كميات من القمح في بعض المدن الرئيسية خلال شهر رمضان من كل عام.
فيما تعتمد شركة السعيد للتجارة المحدودة والشركة اليمنية للمطاحن وصوامع الغلال في كل من الحديدة وعدن على ما تقدمه مجموعة هائل سعيد أنعم من مساهمات منظورة ومشاريع خيرية وتنموية للمجتمع.
مجموعة شماخ خصصت على موقعها الالكتروني نافذة أسمتها "المشاركات الاجتماعية" عرضت فيها بعض المساهمات التي تقدمها المجموعة من بينها: "دعم بناء المساجد وحلقات القران الكريم والمراكز الصيفية.. وانجاز مشاريع المياه الجوفية, وحفر الآبار للريف.. والمشاركة في أسبوع المرور العربي لعام2005م.. والمساهمة في بناء المجتمع اليمني, والتقليل من البطالة وذلك بتبني تشغيل الأيدي العاملة في شركاتها".
وبالنظر إلى ما يقدمه القطاع الخاص في الدول المتقدمة من مسئوليات اجتماعية ومشاريع تنموية للمجتمع نجد أن مالك شركة مايكروسوفت بيل جايتس-الشركة الأكبر أصولا وأرباحا في العالم- ينفق 40% من الأرباح السنوية لصالح العمل الخيري والبحث العلمي. ويقدم الأمريكي وارن بوفيت وهو ثاني أكبر أثرياء أمريكا (40) مليار دولار سنويا للعمل الخيري في بلده.
وقامت شركة "انتل" وهي من أكبر الشركات المتخصصة في رقاقات ومعالجات الكمبيوتر باستثمار أكثر من مليار دولار خلال الفترة 2000/2010 لتحسين العملية التعليمية في العالم بالتعاون مع حكومات الدول. بالإضافة إلى إطلاق مبادرة " التعليم من أجل الابتكار"عام 2010 بالتعاون مع الرئيس الأمريكي بإجمالي تكلفة تبلغ 200 مليون دولار لتحسين مقررات الرياضيات والعلوم في النظام التعليمي في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقدمت شركة كولجيت-بالموليف وهي شركة عالمية رائدة في مجال إنتاج منتجات العناية بالفم والعناية الشخصية والعناية بالمنزل وغيرها تبرعات نقدية بلغت حوالي 17.8 مليون دولار عام 2010 استفاد منها حوالي 650 مليون طفل وأسرهم في 80 دولة على مستوى العالم، وقدمت الشركة تبرعات عينية ومنتجات الشركة للمؤسسات الخيرية تقدر قيمتها بحوالي 21.9 مليون دولار عام 2010.
وأعلنت شركة وول مارت في أبريل 2010 تبرعها بمبلغ 3.4 مليون دولار لمساعدة الأمركيين على العودة إلى العمل من خلال دعم البرامج التدريبية لخلق قوى عاملة ماهرة وتبنت عام 2010 برنامج لمكافحة الجوع في أمريكا بمبلغ 2 مليار دولار وقامت بتمويل برامج تعليمية وصحية للطلاب بقيمة 89 مليون دولار.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.