في جيبوتي يتآلف صوتا الآذان على منابر المساجد والكنائس كما لو كان التعايش سائداً منذ الأزل، وتفتقت للأبد تقاطيع التصادم الوجودي هنا شرق القارة السمراء. البوابة المفتوحة على أفريقيا تبدو الاكثر استقرارا من بين دول المحيط الافريقي المضطرب إذا ما تعلق الامر بوجع الصومال الطويل والحرب الارتيرية الاثيوبية وكذا الصراع السوداني السوداني الطويل والمرير ايضاً. صحيح أن جيبوتي تتقدم ببطء لكنها على الاقل خارج مهددات الانزلاق الى اللحظة وتعيش على هامش ديمقراطي مقبول وسياسية خارجية غير صراعية والمدهش أكثر هو إنسان جيبوتي المكافح عرض البحر وذلك العامل المثابر على الدوام وطلاب المهجر الذين يحملون حلم لوطنهم بالنهضة في جامعات شرق آسيا ومصر واليمن. قبل شهر خاضت جيبوتي ذات الموقع الجيواستراتيجي المهم خاضت غمار التحول السياسي بانتخابات نيابية فاز فيها كتلة الاتحاد من أجل الأغلبية الرئاسية، وشكلت الانتخابات في رأي الكثيرين منعطفا تاريخيا في مسيرة التحول الديمقراطي في البلاد. علاوة على إنها تمت بشكل عام في أجواء إيجابية رغم بعض التجاوزات، التي لم تؤثر في المجمل علي سير العملية الانتخابية بشكل عام. وكانت نموذجا فريدا حسب شهادة المراقبين الدوليين، وأشاد بها العالم وأعتبرها نقلة نوعية مهمة في تاريخ جيبوتي، جددت اختبار العلاقة بين نواقص المنافسة والفرص التي تطرحها الحياة السياسية على مختلف القوى السياسية. كما أن سير العملية الانتخابية ونتائجها النهائية قدمتا لنا، وفى لحظة بالغة الأهمية تعيشها جيبوتي ثقة الناخب الجيبوتي بالائتلاف الحاكم من جديد ليواصل مسيرة النهضة في البلاد. يسجل علماء التاريخ، وخبراء الجغرافيا بداية الحياة السياسية في جيبوتي منذ ما قبل الإستقلال، ولا يغفلون في الإشارة إلى أنها كانت متأثرة بالحالة الفرنسية آنذاك. وكانت مرتبطة في نشأتها بوجود نقابات عمالية، ونقابات نقل، .قبل أنت تسير جيبوتي دولة ذات سيادة ومعترفة في الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي وعضوا فاعلا في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وسائر المنظمات الدولية والإقليمية. لقد شكلت الانتخابات البرلمانية الجيبوتية التي أجريت في 22 فبراير وهي السادسة في البلاد منذ الإستقلال فصل إضافي في التاريخ المشجع للديمقراطية في جيبوتي، وخطوة نحو الأمام لتأسيس حقبة جديدة، عنوانها المضي قدما بمسيرة التغيير والإصلاح المنشود، وتجذير التعددية السياسية والمشاركة الشعبية، حسب الكثير من السياسيين. هذا النجاح مكان سيكتب له النجاح لولا تعاون المواطن الجيبوتي مع كيان الدولة، التي قامت بدورها، من خلال حرصها على إجراء الانتخابات في أجواء ديمقراطية مقبولة، وقال مراقبون ان الانتخابات تمت في اجواء تسودها الحيادية والنزاهة. وفي تعليق مقتضب، قال الرئيس إسماعيل عمر جيله، في تصريح نقله التلفزيون الرسمي، إن "الانتخابات كانت نزيهة، وهذا انتصار للديمقراطية في جيبوتي".معرباً عن أسفه ل"لجوء بعض المعارضين إلى ممارسات خارج القانون تمس بأمن البلاد، فقسم منهم هدد بإراقة الدماء، وآخر لجأ إلى استغلال الدين، لكن المسألة انتهت؛ لأن الوعي السياسي للشعب الجيبوتي عال". ورحب ب"انضمام المعارضة إلى البرلمان للمرة الأولى في تاريخ جيبوتي" وقال الرئيس "جيله" إن "الوطن ملك للجيبوتيين جميعاً، ولا سبيل لاستمرار كيانه إلا من خلال الاستقرار والسلام والحوار، وأنا رئيس لكل الجيبوتيين.. الموالين والمعارضين". الجديد بالذكر أن الجهة التي أشرف على الانتخابات في جيبوتي هي اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة بالتعاون مع وزارة الداخلية كما تدعى إليها جهات مراقبة من الإتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي. بلغ إجمالي عدد من يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في جيبوتي 173.000 ناخب حسب ما أفادت به اللجنة الانتخابية الوطنية. اليوم يجب على أبناء جيبوتي أن يدشنوا مرحلة جديدة في سبيل عزة وطنهم ، وفى سبيل كرامة المواطن الجيبوتي، فجيبوتي بحاجة إلى جميع أبنائه، وإلى كل جهودهم من أجل البناء لا من أجل الهدم، وبالتأكيد نستطيع تجاوز الصعوبات إذا أتجهنا إلى المستقبل وعزمنا على أن نبنى وطننا بناءً قوياً، أسوة بكل دول العالم.