يعلم الجميع قضية صعدة، كيف بدأت، وما آلت إليه في العام 2011.. وما الذي نتج عن سيطرة جماعة مسلحة على المحافظة، اتخذت- تلك الجماعة- من صعدة منطلقًا للتوسع في محافظات شمال الشمال؛ حيث (غزت) عدة مديريات في كل من محافظة حجة، وعمران والجوف... ترتب على ذلك وضع إنساني صعب، حيث خلفت تلك ال(غزوات) العديد من الشهداء، والجرحى، والنازحين، وبيوت ومزارع تم تدميرها، أو احتلالها، وألغام تم زرعها، علاوة على مصادرة حقوق أبناء تلك المناطق في التعبير عن آرائهم، أو حتى ممارسة معتقداتهم وفقا لقناعاتهم المذهبية، وفُتحت السجون للمخافين لهم في الرأي السياسي، والمعتقد المذهبي، كما حُوصرت مناطقهم ولا يتم شيء فيها إلا بموافقة الجهات العليا الحاكمة، والمتحكمة فيها، كما أن المصالح الحكومية تم مصادرتها لصالح تلك الجماعة المسلحة؛ مثل المدارس والوحدات الصحية، والمكاتب التنفيذية لبعض المؤسسات الحكومية، ونضرب مثالا على ذلك: المعهد المهني في عاهم (مديرية كُشر) الذي تحول إلى ثكنة عسكرية، والعديد من مدارس مديرية مستبا، والوحدات الصحية فيها، أما في صعدة فالأمثلة كثيرة؛ منها سكن تم بناؤه وتأثيثه على نفقة الصندوق الاجتماعي للتنمية ليكون مخصصًا لطلاب كلية التربية بصعدة، بتكلفة تتجاوز مائتي مليون ريالا، وتحول الآن إلى مقر لاستقبال ضيوف تلك الجماعة المسلحة.... كما تم تكليف مندوب (مسلح) عن تلك الجماعة في فروع المؤسسات والمكاتب التفيذية التي لم تُحتل، ولا يمر شيء في تلك المكاتب إلا بعد موافقة المندوب السامي (المسلح)، وإلا فسلاحه معلق في كتفه، ويمده من بعده إخوانه (المسلحون).. مع ذلك كله فقد تم التعامل مع هذه القضية إما بعدم وعي بأهميتها، أو بقصد خلط الأوراق... وأن هناك اتجاها لإنشاء إقليم شمال الشمال بتنسيق تلك الجماعة المسلحة مع بعض القوى السياسية...، وهنا فإننا نقول أن اللعب بهذه الورقة وإدخالها في مناكفات سياسية، وفي إطار تصفية حسابات لن يكون في مصلحة أحد، بمن فيهم الذين يتواطؤون مع تلك الجماعة المسلحة؛ لأنها في حقيقة الأمر لا تعترف بأي فكر أو حزب أوجماعة لا تؤمن بفكرها وقناعتها المنطلقة من نظرية الاصطفاء الإلهي.. وجاء مؤتمر الحوار الذي يأمل الجميع أن يكون مخرجا لليمن من مشكلاته التي عاناها طوال الفترات الماضية، لكن الذي حدث ما يلي: 1- أبناء صعدة وما جاورها فوجئوا بأن قضيتهم مُثّلت بطرف واحد هو الطرف ذاته الذي تسبب في معاناة أبناء تلك المناطق، وجلب لها حروبًا ستة، مع الجيش اليمني، ثم حروبًا تسعة هي التي حدثت بعد سقوط صعدة بأيدي تلك الجماعة المسلحة (مجموع ال غزوات) التي ذكرناه آنفا. 2- أن آلية مناقشة قضية صعدة كما حددها النظام الداخلي لمؤتمر الحوار يشير إلى أن عدد أعضاء فريق قضية صعدة هم خمسون شخصًا، عشرة منهم من الحوثيين!!!! في ظل غياب أبناء تلك المناطق كممثلين للقضية نفسها. 3- عند تشكيل لجان فريق صعدة تم استبعاد شخصيات تمثل قائمة المؤتمر الشعبي العام، وهذه الشخصيات تم تهجيرها قسرا من قبل هذه الجماعة المسلحة؛ كما حدث للدكتور عمر مجلي، والشيخ صغير عزيز، وهذا الاستبعاد تم من قبل قيادات حزبهما لأنها المعنية بتحديد أسماء ممثيلها من عدمه في كل فريق!!! وفي ظل ما سبق، فإن النتائج التي سُيسفر عنها فريق قضية صعدة، لا يمكنها أن تخرج برؤى وتصورات منصفة لجميع الأطراف على المستوى الوطني، وعلى وجه الخصوص الأطراف من أبناء صعدة والمناطق المجاورة لها ممن لم يتقبلوا العنف والدماء والسيطرة المسلحة على مناطقهم، إنما بالتأكيد سيصب في مصلحة الطرف الأقوى في الفريق، والأقوى على الأرض بحكم السلاح الذي يمتلكه.. وبناء عليها فإننا نضع هذه القضية أمام رئيس الجمهورية، وهيئة رئاسة مؤتمر الحوار، وأعضاء مؤتمر الحوار، وكذا الأحزاب السياسة الفاعلة بأن يتنبهوا لخطورة ما يمكن أن يترتب على هذه المقدمات، كي يتداركوا ما حدث من أخطاء بشأن قضية صعدة وما جورها من المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي المسلحة..