الحركة الإسلامية في اليمن – في غالبيتها- هي جزء من حركة الإخوان العالمية، وهي تحمل الآن عنوان "التجمع اليمني للإصلاح"، لأسباب موضوعية معروفة عند التأسيس، أفادت منها عند كل المراحل، لكنها من الناحية الفعلية تبدو للكثير من المحللين السياسيين والمراقبين الدوليين قد تجاوزت خط الإخوان التقليدي، وذلك بإتباعها سياسة الانفتاح والاستيعاب لكل أطياف المنتمين للثقافة الإسلامية والفكر الإسلامي، والراغبين بحمل المشروع الإسلامي بشكل أوبآخر. فقاً لقانون الأحزاب، تأسس التجمع اليمني للإصلاح في 13 سبتمبر(أيلول) 1990، وكانت نواة هذا الحزب حركة الإخوان المسلمين في اليمن، وما انضم إليها من فعاليات سياسية إسلامية، وشيوخ قبائل، وضباط، وعسكريين. وكما يقول الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في مذكراته، فقد تم تأسيس الحزب بطلب من الرئيس علي عبد الله صالح بعد الوحدة، وذلك ليكون رديفاً للمؤتمر، ويضم مجموعة الاتجاه الإسلامي، وذلك في مواجهة الحزب الاشتراكي، الذي - بعد دخوله الوحدة- سيضم إليه الأحزاب اليسارية في الشمال من ناصريين وبعثيين، وسيشكلون كتلة واحدة أمام المؤتمر، ولهذا فلا بد من وجود كتلة مقابلة شمالية. يضيف الشيخ الأحمر في مذكراته: "طلب الرئيس منا بالذات مجموعة الاتجاه الإسلامي وأنا معهم أن نكون حزباً في الوقت الذي كنا لا نزال في المؤتمر... قال لنا: كونوا حزبًا يكون رديفاً للمؤتمر، ونحن وإياكم لن نفترق وسنكون كتلة واحدة، ولن نختلف عليكم وسندعمكم مثلما المؤتمر، إضافة إلى أنه قال: إن الاتفاقية تمت بيني وبين الحزب الاشتراكي، وهم يمثلون الحزب الاشتراكي والدولة التي كانت في الجنوب، وأنا أمثل المؤتمر الشعبي والدولة التي في الشمال، وبيننا اتفاقيات لا أستطيع أتململ منها، وفي ظل وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معكم، بحيث تتبنون مواقف معارضة ضد بعض النقاط أو الأمور التي اتفقنا عليها مع الحزب الاشتراكي، وهي غير صائبة ونعرقل تنفيذها، وعلى هذا الأساس أنشأنا التجمع اليمني للإصلاح". وهكذا تم تأسيس الحزب وقام بترؤسه الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر طوال فترة حياته، منذ تأسيس الحزب عام 1990، وحتى مماته العام 2007. كان هناك فعلاً تنظيم قائم في الساحة السياسية اليمنية، وهو تنظيم الإخوان المسلمون، ولديه التنظيم الدقيق والنظرة السياسية والإيديولوجية، والتربية الفكرية التي يمارسها الإخوان المسلمون في جميع أنحاء العالم، وقد دخل في هذا التجمع، وأصبح النواة الداخلية في التجمع اليمني للإصلاح، وكان من العناصر التي أسهمت في التأسيس جميع العلماء، وكل ذوي الاتجاه الإسلامي من أمثلة السيد محمد المنصور، والسيد احمد الشامي، والسيد عبد الله الصعدي، والسيد محمد المطاع، وكبار العلماء من السادة وغيرهم. وفي 3/1/1991 تم الافتتاح الرسمي للمقر الرئيسي للتجمع اليمني للإصلاح، في مهرجان جماهيري، وتم الاتفاق على أن يكون رئيس التجمع هو الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، والأمين العام له عبد الوهاب الآنسي. وقد شارك التجمع في الانتخابات النيابية العامة الأولى في 27/4/1993، وحصل على 62 مقعداً، وشارك في حكومة ائتلاف ثلاثية من مايو(أيار) 1993 حتى يوليو(تموز) 1994. وشارك في حكومة ائتلاف ثنائية مع المؤتمر الشعبي العام من يوليو/تموز 1994 وحتى أبريل(نيسان) 1997. ثم شارك في الانتخابات النيابية الثانية في أبريل(نيسان) 1997، وحصل على 54 مقعداً من إجمالي 301 في مجلس النواب. وبعد هذه الانتخابات انتقل إلى صف المعارضة من مايو/أيار 1997 إلى الآن، حيث شارك بعدها في 27 الانتخابات النيابية الثالثة التي جرت في أبريل/نيسان 2003، وحصل على 45 مقعداً من مقاعد مجلس النواب وبنسبة 14.95%. أما بخصوص الانتخابات الرئاسية في سبتمبر 1999، فلم يقدم مرشحا منافساً، وأعلن ترشيحه للرئيس علي عبد الله صالح. وقد شارك التجمع اليمني للإصلاح في عام 2001 في الانتخابات المحلية، وجاء في الترتيب الثاني بعد المؤتمر الشعبي العام، وأخيراً شارك في الانتخابات الرئاسية والمحلية في 2006 بالاشتراك مع تكتل "اللقاء المشترك"، الذي كان يتكون من ستة أحزاب سياسية إلى جانب الإصلاح، وقدم هذا التكتل السياسي المهندس فيصل بن شملان مرشحا منافسا للرئيس صالح، ولكنه خسر المعركة الرئاسية، وحصل على 7% فقط من المقاعد المحلية. تقوم رؤية "التجمع اليمني للإصلاح"، كما أعلنها في مؤتمره الأول -الذي عقد في سبتمبر(أيلول) 1994، تحت شعار الآية القرآنية "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"- على أساس منهج الإسلام الشامل لكل جوانب الحياة، وعلى أن سبب اجتماعه –تكوينه- قائم على الخير والتعاون على البر، والتعاهد على التناصر في الحق، والتواصي بالصبر، والتعاقد على إحياء شعب الإيمان وإقامتها في الواقع، وجمع الكلمة على ذلك، كما أنه يقوم على مبدأ الشورى، والدعوة إلى التسامح، والابتعاد عن مواطن الخلاف. كما أن من أسسه، الجمع بين الأصالة والمعاصرة، والإيمان بالحوار الإيجابي البناء، والالتزام بالديموقراطية المنضبطة بأحكام الإسلام، وكذلك رفض الاستبداد بكل أشكاله وألوانه، وتعميق الشورى في الأمة، واعتمادها مبدأ ملزماً في أمور الإصلاح كافة، ومن أهم أساسياته أن اليمن أرضاً وشعباً وحدة لا تتجزأ، وأن السعي لتحقيق الوحدة العربية والإسلامية واجب شرعي، هذا كله مع ضرورة الاستفادة من تجارب حركات الإصلاح الإسلامية عبر التاريخ القديم والمعاصر. أما أهم أهدافه فتتمثل في التمسك بالإسلام عقيدة وشريعة، والحفاظ على أهداف الثورة، والنظام الجمهوري الشوري، والدفاع عن سيادة البلاد واستقلالها، والعمل على تعميق وترسيخ الوحدة اليمنية وحمايتها وضمان استمراريتها، والسعي لتحقيق الوحدة العربية الإسلامية الشاملة. وكذلك العمل على إزالة آثار التخلف، وأشكال التبعية وأثارها، وسياسة التجزئة وعوامل التفرقة، وأيضاً العمل على إصلاح المجتمع اليمني، والحفاظ على قيمه وأخلاقه الإسلامية، وتقاليده وأعرافه الحميدة، وحمايته من عوامل الفساد ومظاهره. كما جعل التجمع اليمني للإصلاح من أهدافه بناء اقتصاد وطني قوي، وإصلاح القضاء، وتطوير أساليبه بما يكفل استقلاليته ونزاهته، والاهتمام ببناء القوات المسلحة والأمن وأفراد الشعب، وتربيتهم تربية إيمانية جهادية، ومن أهدافه أخيراً الاشتراك في مؤسسات الحكم، واعتماد الحوار بالحسنى والحجة مع كافة القوى السياسية والاجتماعية، والمشاركة في مختلف المنظمات والجمعيات والاتحادات والمؤسسات وسائر المنظمات المناسبة لأهدافه ومقاصده. ويدعوالتجمع اليمني للإصلاح لتصحيح النظرة إلى المرأة، وإلى دورها وفقاً لمبادئ الإسلام وأحكامه، بعيداً عن الموروث المبتدع والوافد الفاسد، كما تتمثل نظرته إلى الشباب في الدعوة إلى تنشئته على التمسك بمبادئ الدين وقيمه وأخلاقه الفاضلة، وتنمية روح التعاون، وتوفير الظروف والمناخات الكفيلة ببناء الشباب وتنمية قدراتهم العقلية والبدنية، ليتمكن من الإسهام في بناء اليمن. * المقال خلاصة من بحث عبير يحيى السياغي 'التجمع اليمني لإصلاح' ضمن كتاب 19 'الإسلامية اليمنية' (يوليو 2008) الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.