أعلنت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في تقرير أصدرته الإثنين إن لديها لائحة بأسماء الأفراد والوحدات العسكرية المشتبه بمسؤوليتها عن جرائم حرب في سوريا، سترفعها إلى مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان في آذار/ مارس المقبل، داعية مجلس الأمن إلى تحمّل المسؤولية عن محاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في هذا البلد. ووجدت اللجنة التي يرأسها البرازيلي باولو سيرجيو بينيرو، في أحدث تقرير لها صدر الاثنين، أنه مع انقضاء عامين تقريباً على بداية النزاع في سوريا، أصبحت كلّ من القوات الموالية للحكومة وتلك المناهضة لها، أكثر عنفاً وتبدي استهتاراً متزايداً بحياة البشر. إلاّ أنها أشارت إلى أنه على الرغم من أنها تعتقد بأنه لا يوجد فرق في ما يتعلق بخطورة الانتهاكات والتجاوزات التي تقوم بها القوات المؤيدة للحكومة أو تلك المناهضة لها، إلاّ أنها تلحظ بأن حجم الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها يفوق بشكل كبير تلك التي قامت بها المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة. ورأت أن "مسؤولية محاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية تقع على عاتق الحكومة السورية، كما وعلى مجلس الأمن الدولي والدول المؤثرة الأخرى"، مشددة على "الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان العدالة تجاه الجرائم التي ارتكبت". وقالت اللجنة إنها من خلال جمع المعلومات المباشرة وتوثيق الحوادث، فإنها تضع حجر الأساس لتمكين عملية المساءلة، سواء كان ذلك على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي. وكشفت أنها ستقوم في نهاية ولايتها في آذار/ مارس 2013 بتقديم قائمة سرية إلى مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، تحتوي على أسماء الأفراد والوحدات العسكرية التي يُعتقد بأنها مسؤولة عن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وعن انتهاكات القانون الدولي الإنساني والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وفي موازاة ذلك شددت اللجنة على الحاجة الملحة بأن يلتزم أطراف النزاع طريق التسوية السياسية من أجل إنهاء العنف. وأوضحت أنه على الرغم من أن الحكومة السورية لم تسمح لها إلى يومنا هذا بإجراء التحقيقات داخل سوريا، إلاّ أن المقابلات ال445 التي أجرتها خلال فترة التقرير تكشف عن "التكلفة البشرية الباهظة لنزاع يزداد تطرفاً وعسكرة بشكل تدريجي". وأضافت إن "أجزاء كبيرة من سوريا غدت مسرحاً للقتال المستمر والذي اشتمل على أساليب أكثر وحشية وقدرات عسكرية جديدة لدى جميع الأطراف". لافتة إلى أن "الحرب التي يطبعها الإجرام الانتهازي تتخذ مناحي طائفية يفاقمها وجود المقاتلين الأجانب والجماعات المتطرفة". واستنتجت أن كل ذلك أدى إلى كارثة إنسانية تمخضت عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين في الداخل السوري، مشيرة إلى أنه بحسب معطيات الأممالمتحدة فإن ما يزيد على 820 ألف سوري لجأوا إلى البلدان المجاورة. وقالت اللجنة إن القوات الحكومية والجماعات المسلحة المناهضة لها ارتكبت مجازر بحق المدنيين والمقاتلين العاجزين عن القتال، كما قامت القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها باعتقال الأفراد بشكل تعسفي وذلك من خلال عمليات تفتيش المنازل وعند حواجز التفتيش الواقعة في جميع أنحاء سوريا. وأفادت بأنه في هذه الأماكن كما وفي مراكز الاعتقال الرسمية وغير الرسمية وقعت أعمال قتل وتعذيب واغتصاب واختفاء قسري وأفعال غير إنسانية الأخرى، مضيفة أنه "حين يتم ارتكاب هذه الأعمال في إطار هجوم منهجي وواسع النطاق، فإنها قد تشكل جرائم ضد الإنسانية". وأشارت اللجنة أيضاً إلى "نمط من الضربات الجوية المثيرة للقلق والتي استهدفت المستشفيات والمخابز وطوابير المنتظرين للخبز"، قائلة إنه تم توثيق 12 حالة قامت طائرات الحكومة فيها بقصف طوابير منتظري الخبز. كما وجدت اللجنة أنه مع تمكن الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة من السيطرة على بعض المناطق، "ارتكبت هذه الجماعات جرائم القتل والتعذيب والاعتقال التعسفي واحتجاز الرهائن، والتي قد تشكل جرائم حرب". وأوضحت أن "عمليات السيارات المفخخة والعمليات الانتحارية التي قامت بها الجماعات المسلحة والتي استهدفت أهدافا غير عسكرية أدت إلى بث الإرهاب لدى السكان المدنيين"، لافتة إلى أن الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة واصلت عملياتها من داخل المدن والقرى المكتظة بالسكان، مما عرّض حياة المدنيين المتبقيين للخطر. ولاحظت ازدياد عدد المقاتلين الأجانب، على الرغم من أنهم ما زالوا يشكلون نسبة ضئيلة في صفوف الجماعات المسلحة. ورصدت اللجنة انتهاك القوات الحكومية والميليشيات التابعة لها والجماعات المسلحة المناهضة للحكومة حقوق الطفل حيث تم تسجيل حوادث لتعرض أطفال للقتل والتعذيب والاغتصاب من قبل قوات موالية للحكومة. ولقد قام أطفال من دون سن ال 15 بالمشاركة المباشرة بالعمليات العدائية بما في ذلك القتال كجزء من بعض الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة. ويشار إلى مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان كلّف اللجنة التي يرأسها بينيرو وتضم كارين كونينغ أبو زيد، وكارلا ديل بونتي وفيتيت مونتاربورن، بالتحقيق في جميع انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان وتوثيقها. كما تم تكليف اللجنة بالتحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وتوسعت ولايتها مؤخرا لتشمل "التحقيق في جميع المجازر". وكانت مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي كررت قبل يومين دعوة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى إحالة الحالة في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقالت بيلاي إن إحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية يمكن أن يكون لها أثر وقائي بالغ الأهمية لأنها "ستوجه رسالة واضحة إلى كل من الحكومة والمعارضة مفادها أن أفعالهما ستكون لها عواقب".