قال تعليق نشرته صحيفة نيويورك تايمز للكاتب انطوني شديد إن دولة قطرأثبتت دورها الحاسم من خلال عزل الرئيس السوري، ومساعدتها في الإطاحة بمعمر القذافي، وطرح نفسها كوسيط في اليمن، اضافة الى اعتبارها الشخصية الأكثر قوة في تونس وصديقاً لها. وقد برزت قطر كأكثر الدول العربية ديناميكية في المنطقة، وتظل نواياها ضبابية بالنسبة الى جيرانها وحتى حلفائها، ويقول البعض إن لدى قطر عقدة نابليون، ويرى البعض الآخر ان لديها أجندة اسلامية. غير أن تأثيرها يمثل درساً في ما يمكن تحقيقه من خلال وجود البعض من أضخم احتياطات الغاز الطبيعي وامتلاك محطة الجزيرة الفضائية، واتصالاتها مع العديد من فئات التوجه الاسلامي وصنع السياسة من قبل أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
كما أصبحت قطر نقطة مضادة في العالم العربي، حيث تعرضت القوى التقليدية لثورات أو ما زالت تعاني من حرب أهلية، وحيث تعتبر الولاياتالمتحدة قوة متراجعة بصورة متزايدة. هل تستطيع قطر إذن ملء الفراغ؟ نعم.. تقول بسمة قضماني الناطقة باسم المجلس الوطني السوري المعارض التي أثنت على قطر في قرار الجامعة العربية بتعليق مشاركة الوفد السوري في اجتماعات الجامعة العربية «وقد قامت قطر بملء فراغ، وبدور لم تتخذه أي دولة اخرى». لعبت قطر المجاورة للسعودية وايران دوراً أكبر حجماً في منطقة الخليج، ولكنه لم يكن قط الى هذه الدرجة. وتوجد في قطر قاعدة جوية أميركية غير أن البعض من المسؤولين الأميركيين يشككون في دوافع دعمها الأخير للزعماء الاسلاميين، وبخاصة في الحرب في ليبيا. واعتبرت سوريا بعد قرار الجامعة العربية الأخير ان قطر تخدم المصالح الأميركية والاسرائيلية. ولكن على الرغم من التناقضات في سياساتها – وهي كثيرة – فإن قطر تدفع نحو تحول حاسم في السياسات العربية ليست مقبولة بعد من جانب العديد في الغرب: نحو شرق أوسط تهيمن عليه أحزاب اسلامية وصلت الى الحكم في المنطقة، وهي أكثر ديمقراطية ومحافظة واضطراباً. ويقول طلال عتريسي، محلل سياسي لبناني، إن «قطر دولة من دون ايديولوجية وهي تعلم ان الاسلاميين هم القوة الجديدة في العالم العربي، وهذا التحالف سيرسي الأسس لقاعدة نفوذ في المنطقة». وقد كان عبدالرحمن شلقم، سفير ليبيا لدى الأممالمتحدة، قد تساءل في مقابلة مع محطة فضائية ألمانية «من هي قطر؟»، ووجه المسؤولون السوريون السؤال ذاته مع تفاقم الأزمة بين الدولتين اللتين كانت تربطهما صداقة في السابق. ويبدو أن العواطف الشخصية تلعب دوراً كبيراً في سياسة قطر، كما هي الحال مع ليبيا، حيث أمضت زوجة الأمير الشيخة موزة فترة من طفولتها. وقد لعبت قطر دور الوسيط مع سوريا واستثمرت بقوة في الاقتصاد الذي يسعى الرئيس بشار الأسد الى تحديثه، ولكن المحللين والدبلوماسيين يقولون إن الشيخ حمد شعر برفض وصد من قبل الرئيس السوري في شهر ابريل. البعض يرى سياسة قطر ازاء سوريا من منظور طائفي، حيث تدعم ثورة ذات أغلبية سنية، كما أنها دعمت التدخل السعودي في البحرين بغية اخماد الاحتجاجات الشيعية. ويرى البعض الآخر فيها درجة أكبر من الانتهازية، حيث توفر قطر طريقة لإعادة ربط الشرق الأوسط الذي استغلت فيه سوريا في الغالب القوى المتنافسة – تركيا وايران واسرائيل والسعودية وبعض اللاعبين في لبنان. وقد أثبت المال دوره المؤثر في دور قطر في ليبيا هذه السنة، ويقول دبلوماسيون إن مئات الملايين من الدولارات ضخت الى المعارضة، وقد تم فتح قناة للمعارضة الليبية في الدوحة، كما أن قطر أرسلت مستشارين مدربين في الغرب ساعدوا في تمويل الثوار الليبيين وتدريبهم وتسليحهم. وحسب برقيات ويكيليكس في 2009 فإن قطر كانت تستخدم قناة الجزيرة الفضائية على شكل أداة مفاوضة لتحقيق صفقات محددة وقال أحد كبار الصحافيين هناك إن تغطيتها لأحداث سوريا تغيرت بحدة في ابريل.