اصدر القضاء العراقي مساء الاثنين مذكرة توقيف بحق نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي على خلفية تهم تتعلق بالارهاب، بحسب ما افادت مصادر قضائية وامنية وكالة فرانس برس. وقال مصدر قضائي عراقي رفيع المستوى ان "هيئة قضائية خماسية اصدرت مساء اليوم مذكرة اعتقال بحق الهاشمي وفق للمادة 4 ارهاب"، وهو ما اكده مصدر امني رفيع المستوى. كما بثت قناة "العراقية" الحكومية خبرا عاجلا ذكرت فيه ان "الهيئة التحقيقية الخماسية اصدرت مذكرة قبض بحق طارق الهاشمي". وجاء ذلك في وقت كانت تعرض "العراقية" ما ذكرت انها "اعترافات لافراد حماية الهاشمي" بشان ارتكاب "اعمال ارهابية"، حيث تحدثوا عن قيامهم بمهمات اغتيال وزرع عبوات ناسفة بتكليف من الهاشمي واحد مساعديه الكبار. وكان مصدر امني رفيع المستوى ابلغ فرانس برس في وقت سابق ان "لجنة قضائية خماسية قررت منع سفر طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية، وعدد من افراد حمايته على خلفية قضايا تتعلق بالارهاب". وكانت السلطات العراقية ارغمت الهاشمي مساء الاحد على مغادرة طائرة بسبب وجود مذكرتي توقيف بحق اثنين من حراسه الشخصيين، قبل ان يجري توقيفهما ويسمح للهاشمي بالسفر الى السليمانية في اقليم كردستان في شمال البلاد. وتاتي هذه التطورات السياسية بعد يوم واحد من اكتمال الانسحاب الاميركي من العراق، والذي سبقه انزلاق البلاد نحو ازمة سياسية خطيرة اثر تعليق القائمة "العراقية" (82 نائبا من بين 325) مشاركتها في جلسات البرلمان. في هذا الوقت، قرر البرلمان العراقي تأجيل جلسة مخصصة لمناقشة طلب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي "سحب الثقة" من نائبه صالح المطلك، بحسب ما افاد مصدر برلماني لفرانس برس. واوضح المصدر ان "البرلمان قرر تاجيل جلسة مناقشة سحب الثقة من صالح المطلك حتى بداية العام المقبل بسبب عدم اكتمال النصاب". وكان المستشار الاعلامي للمالكي علي الموسوي اعلن الاحد ان "رئيس الوزراء قام بتوجيه رسالة رسمية الى مجلس النواب للمطالبة بسحب الثقة من صالح المطلك". وجاء ذلك على خلفية قول المطلك في مقابلة تلفزيونية ان واشنطن تركت العراق "بيد ديكتاتور يتجاهل تقاسم السلطة ويسيطر على قوات الامن في البلاد وقام باعتقال مئات الاشخاص خلال الاسابيع الماضية". كما قال في مقابلة اخرى ان "المالكي ديكتاتور اكبر من صدام حسين لكون صدام كان يبني اما هو فلم يقم بشيء". واكد المطلك في تصريح لفرانس برس مساء الاحد "لم آت بتصويت وانما اتيت بتوافق سياسي واذا كان المالكي غير راض عني فلا مانع لدي من تشكيل حكومة جديدة لا اكون طرفا فيها". ويتولى المطلك منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات، ويعد احد زعماء القائمة "العراقية" التي يقودها رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي، الخصم السياسي الابرز للمالكي. يشار الى ان المطلك كان ممنوعا من المشاركة في الانتخابات بسبب شموله بقانون المساءلة والعدالة المتعلق بحظر عمل مسؤولي حزب البعث المنحل، الا ان صفقة سياسية لتسهيل عملية تشكيل الحكومة سمحت له بتسلم منصبه الرسمي. وجاء مطلب المالكي بسحب الثقة من المطلك بعد يوم من اعلان القائمة العراقية (82 مقعدا من بين 325) عن تعليقها مشاركتها في اجتماعات مجلس النواب اعتراضا على "التهميش". وقالت المتحدثة الرسمية باسم "العراقية" النائبة ميسون الدملوجي اليوم انه "رغم مرور اكثر من عام على تشكيل الحكومة، لا يزال النظام الداخلي لمجلس الوزراء غير موجود (...) مما يؤدي الى حصر الصلاحيات بيد رئيس مجلس الوزراء بشكل فردي". واضافت في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه "بعملية لا تنم عن الالتزام بمبادئ الشراكة والتوافق تم ارسال طلب الى رئاسة مجلس النواب لاقالة الدكتور صالح المطلك نائب رئيس الوزراء لانتقاده رئيس مجلس الوزراء بالتفرد بالسلطة". وتابعت الدملوجي ان المطلك "جزء من العراقية (...) وكان الأولى ان يوجه الطلب الى ائتلاف العراقية لاستبدال السيد المطلك، بدلا من الإيغال في تأزيم العلاقات بين الكتل السياسية". وتنذر هذه الازمات المستجدة بمواجهات سياسية داخلية جديدة تاتي بالتزامن مع انسحاب اخر الجنود الاميركيين من العراق، وذلك بعد نحو تسع سنوات من اجتياح البلاد لاسقاط نظام صدام حسين في اذار/مارس 2003. وقد دعا نوري المالكي "جميع العراقيين إلى التمسك بالوحدة الوطنية بعد الانجاز الوطني الكبير الذي تحقق بانسحاب القوات الاميركية من البلاد". واكد في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه على "اهمية الرجوع الى الدستور في حل جميع الخلافات"، مشددا على "ضرورة الالتزام بالثوابت الوطنية التي من اختصاص الحكومة المركزية وهي السيادة والامن والعلاقات الخارجية والثروات الوطنية". وكان رئيس كتلة "الاحرار" النيابية المنتمية الى التيار الصدري بهاء الاعرجي اعلن في وقت سابق في بيان ان "الحوارات مستمرة للخروج من الازمة الحالية باسرع وقت لان الضرف مهم ومعقد مع انسحاب القوات المحتلة". وتابع "لا نريد ارسال رسالة خاطئة للعالم بعد انسحاب القوات المحتلة بان من كان يمسك زمام الامور هو المحتل، وهذه رسالة معيبة للجميع". من جهته، حذر رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني الاثنين من "انهيار" العملية السياسية على خلفية ازمة مستجدة بدات عشية انجاز الانسحاب الاميركي من البلاد، داعيا الى عقد "مؤتمر وطني عاجل". وذكر بارزاني في بيان وزعه مكتبه الاعلامي وتلقت وكالة فرانس برس نسخة منه ان "الوضع يسير نحو التأزم الشديد والشراكة في الحكم اصبحت مهددة".واضاف "اناشد جميع القوى التصافي والتسامح واعادة النظر في المواقف المتشددة والعودة الى الاتفاقات" السابقة. ودعا الى "عقد مؤتمر وطني عاجل لتجنيب العملية السياسية الانهيار وتعرض البلد الى ما لا يحمد عقباه". وقال بارزاني في بيانه ان "ما حدث في مطار بغداد امر يبعث على القلق الشديد"، مضيفا انه "يجب ان نتعاون من اجل الحيلولة دون حدوث اي فراغ امني بعد خروج القوات الاميركية".واضاف "لا يجوز تسييس الجانب الامني او استغلاله لاهداف اخرى بل يجب تركه للقضاء للبت فيه واصدار حكمه". في موازاة ذلك، اعلن الحزبان الكرديان الرئيسيان، الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، انهما سيسعيان الى "معالجة المشاكل والخلافات التي ظهرت خلال الايام القليلة المنصرمة في بغداد".