تتوالى تناقضات الداعية القطري المصري يوسف القرضاوي حول اغتيال رئيس اتحاد علماء بلاد الشام الذي وصفه في خطبة الجمعة الماضية بأنه "صديق" رغم إفتاءه قبل ذلك بجواز قتل كل من يقف مع النظام السوري بمن فيهم علماء الدين. وكان القرضاوي رد بنعم على سؤال حول جواز قتال مؤيدي النظام السوري بمن فيهم علماء السلطة، وذلك في برنامج بثته قناة الجزيرة الفضائية القطرية. وقال القرضاوي في خطبته "رأينا وسمعنا نبأ المسجد الذي دمر في شمال دمشق وقتل فيه 42 شخصاً، ومن هؤلاء المقتولين كان صديقي للأسف، الشيخ سعيد رمضان البوطي". وشيعت سوريا السبت البوطي الذي قتل الخميس في تفجير انتحاري اوقع نحو خمسين قتيلا في احد مساجد العاصمة السورية. وووري جثمان رجل الدين السني البارز الى جانب قبر صلاح الدين الايوبي المحاذي لقلعة دمشق. وأشار القرضاوي إلى أن "البوطي خالف علماء سوريا عامة ووقف مع النظام ضد شعبه إلى آخر جمعة، عندما وقف يؤيد النظام ويدعو لمناصرة النظام." وشكك الداعية القطري بالرواية الرسمية لاغتيال البوطي الذي قال إنه يقع بمنطقة "لا يدخلها إلا أتباع النظام". وأضاف القرضاوي بأنه تمنى لو "يهديه الله في آخر المدة، لا أستطيع أن أدعو له إلا بالمغفرة والرحمة، لكنه بقي مع النظام إلى آخر لحظة، إلى أن قتل في مسجده، وهذا المسجد في منطقة آمنة لا يدخلها أحد إلا بعد تفتيش، ولا يدخلها إلا أتباع النظام، من قتل الشيخ البوطي". وأردف قائلاً "من قتل الشيخ البوطي؟ قالوا في أول الأمر هاون، ثم قالوا انتحاري.. كنا نود ألا يدفنوا الشيخ البوطي قبل أن يعاين الطب الشرعي جثته ويقول لنا بأي شيء قتل، هل قتل بالرصاص أو بالديناميت أو بأي شيء؟ قالوا المسجد ما زال كما هو، النجفة (الثريا) موجودة، وسقف المسجد موجود والسقف سليم، كيف قتل هؤلاء؟ لا بد أن يكون الذين قتلوه من أتباع النظام.. أتباع الشعب لا يقتلون مصلياً في مسجد." وكان القرضاوي ناقض نفسه ايضا بإدانة اغتيال البوطي في بيان صادر عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وفي بيان الاتحاد الذي يترأسه القرضاوي ووصل "ميدل ايست أونلاين" نسخة منه الأحد "ندد الاتحاد بمقتل العلامة الشيخ البوطي، ومقتل أي عالم على فكره واجتهاده مهما اختلفنا معه، لأن ذلك محرم حتى لرجال الدين من غير المسلمين". وأضاف البيان المذيّل بتوقيع القرضاوي ان الاتحاد "يحمل النظام الأسدي الظالم مسؤولية مقتل العلامة البوطي ومن معه (يرحمهم الله)، لأنه هو المسؤول عن أمنهم، كما أن اصابع الاتهام توجه إليه بعدما تبرأت المعارضة السورية العسكرية والمدنية من ذلك". وسئل القرضاوي في برنامج لقناة الجزيرة: هل يجوز استهداف من يؤيد النظام السوري وعلى رأسهم علماء السلطة وهل يجوز قتل عامة العسكريين الذين لا يزالون واقفين مع النظام، مع العلم ان فيهم من ينوي الانشقاق ولا يتمكن ذلك؟ وكانت إجابة القرضاوي حرفيا: "الذين يعملون مع السلطة يجب ان نقاتلهم جميعا، عسكريين، مدنيين، علماء جاهلين. اللي بيكون مع هذه السلطة الظالمة الجائرة المتجبرة في الأرض التي قتلت الناس بغير حق هو ظالم مثلها، يأخذ حكمها". وأضاف "كل من يقاتل عليه ان يقاتل هؤلاء. اذا كان فيه واحد مظلوم، الله سبحانه وتعالى سيدافع عنه وسيأخذ حقه. 'واتقوا فتنة لا تصيب الذين ظلموا منكم خاصة' كما يقول القرآن". ولم تكن هذه فتوى هدر الدم الأولى الصادرة عن القرضاوي في خضم الاضطرابات التي اجتاحت المنطقة العربية منذ سنتين وأسقطت ثلاثة رؤساء في تونس ومصر وليبيا واليمن. فقد أفتى القرضاوي بإهدار دم الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الذي وصفه بأنه "طغى وتجبر على قومه"، ودعا ضباط وجنود الجيش الليبي ألا يسمعوا لأوامره.