الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    التفاؤل رغم كآبة الواقع    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"وجهة نظر حول الديمقراطية"
نشر في البيضاء برس يوم 25 - 02 - 2009

د. أبو الطيب مهتم بالسياسات الأمريكية بالمنطقة... بعيدا عن كل ما يقال في المؤتمرات والندوات والتوظيفات الموجهة والعرضية, ومع عدم تجاهل التعريفات السائدة أو الاجتهادات المختلفة في مجال تسويق المفاهيم الديمقراطية لأغراض تفرضها المصالح المتناقضة في عالم اليوم,ومع كل ذلك لابد من وقفة جدية تتعقب جوهر المقصود والمنشود لهذا المصطلح المطاط والمتغير وفق مصالح المتشدقين به أو المعارضين له دون حياء. قبل الولوج في صلب الموضوع نسأل : هل الديمقراطية هدف بحد ذاتها محددة وفق بنى عقلانية تصدر في سلة الحقائب الدبلوماسية, أو على ظهر البوارج الحربية في مواسم احتدام ضغط المصالح والحروب هنا وهناك؟. هل الديمقراطية هي منظومة مفاهيم اجتماعية سياسية قانونية ليس إلا؟. أم هي منظومة علاقات تعكس محتوى مادي واجتماعي تحدده مكونات معينة, مطلوبة التحقيق واقعيا في إطار الزمان والمكان عبر حتمية تاريخ التطور البشري ؟. للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها, لابد من الوقوف على جوانب هامة لحقائق موضوعية مرتبطة بما يجري في العالم الذي يحتمي بها, ومن ثم محاولة تلمس كومة التراكمات الهشة للبنية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والقانونية في العالم الذي يجهضها أو المتهم بالعداء لها بسبب تعارض المصالح. في عالم متلاطم الأمواج كل شيء فيه وارد وممكن الحدوث, إذ نجد الفعل ورد الفعل المقابل حول جملة مفاهيم وعلاقات, يدفع الى احتدام الصراع غير المتكافئ بينهما الى درجة الهاوية, رغم ما نجده من محاولات تجميل الأهداف لدى الفرقاء المتصارعة.من المعروف أنه في مسار التطور التاريخي والتقدم الاجتماعي والاقتصادي والعلمي, تجذرت لدى بعض المجتمعات مفاهيم تنظم البناء الفوقي للدولة الحديثة ,مثل تداول السلطة, والانتخابات, والاقتصاد الحر,والقوانين الوضعية التي تضمن حقوق الإنسان ضمن حدود الدولة المعنية (مع التأكيد على حدود الدولة المعنية وليس بالمطلق),بالإضافة الى حرية التظاهر والتعبير والصحافة والإضراب وتشكيل الأحزاب,والقضاء المستقل عن السلطة التنفيذية... وغيرها من المفاهيم المرافقة التي تختفي بين السطور. بينما بقيت في الضفة المقابلة مجتمعات أخرى تمثل غالبية سكان العالم تعاني من عدد من المشكلات وعلى كل الأصعدة تقريبا, بقيت بعيدة عن الدخول في تلك المرحلة المتطورة أو حتى الاقتراب منها, ونقصد المرحلة التي دخلتها غيرها من المجتمعات وتطورت عبر ممارستها الحياتية لتطبيق تلك المفاهيم بما فيها مفهوم الديمقراطية. لاشك أن جزء من المسؤولية الموضوعية والتاريخية لتأخر العديد من البلدان في اللحاق بالتغيير الحقيقي الفوقي, وكذلك البنية التحتية للدولة الوطنية, يقع على عاتق مرحلة الاستعمار وتبعاتها, وهذا لا يعفي قوى الاستقلال وورثتهم فيما بعد من المسؤولية الكبرى في التأخر باللحاق بركب التغيير الحقيقي.إن الحديث الآن عن اللحاق يختلف كثيرا في أبعاده وعمقه عن الحديث قبل سبعين عاما مضت. فشروط اللحاق اليوم تحتاج الى صنع المعجزات وتتطلب زمنا أطول, بينما في مراحل التحرر الوطني منذ أربعينات القرن المنصرم رغم الفوارق الكبيرة, إلا أنه كان بالإمكان الاقتراب, وان ردم الفوارق آنذاك كان أسهل من اليوم بكثير.وللبرهنة على هذه الفكرة نحتاج الى بحث أعمق ليس موضعنا الآن. مسؤولية مرحلة الاستعمار تناولتها الأقلام بإسهاب, منها من أصاب ومنها من أخفق , ومنها من جند نفسه ولا زال لتثبيت وجوده وتسويق ذاته في عملية الصراع (على مستوى العشيرة والقبيلة والطائفة والعائلة والجغرافيا ومن ثم على مستوى الحزب وغيرها من أشكال ومفرزات الزمان الغابر), وبذلك ابتعد عن تعزيز مكانة الوطن تحت يافطة الخطر الخارجي, بما يتطلبه من بناء وتقدم وعلم وحقوق المواطنة التي تفترضها الديمقراطية وتحتمها الحقيقة الموضوعية والمادية كأمانة وطنية قبل كل شيء,وعلى مدار عقود وجودهم في السلطة قاموا بتغليف كل ما يجب فعله ولم يتحقق حتى الآن تحت ستار الخطر الخارجي, وكأن الخطر الخارجي يصد ويقاوم بالصوت وبالجعجعة دون طحن وسوف نتناول هذا لاحقا. الجديد الذي قلما يكتب عنه في هذه المرحلة هو التغير الملحوظ ,الذي حدث بعد وصول المحافظين الجدد الى السلطة في الولايات المتحدة , ولا أقصد حقيقة القطب الواحد, أو حقيقة تربعها على قمة الهرم الامبريالي العالمي... وغيرها من المؤشرات العسكرية والسياسية والاقتصادية في الحياة الدولية , فذلك لا يختلف عليه اثنان, بل أقصد حقيقة التحول الذي طال المفاهيم الديمقراطية في التنظير والتسويق والممارسة على كل صعيد. لقد نمت وتجسدت رؤى تعود جذورها الى عقدين من الزمن الحديث, مغايرة تماما لما احتمت تحت لوائه الولايات المتحدة الأمريكية زمنا طويلا , وخاصة أثناء الحرب الباردة وعالم تعدد القطبية, إذ سوقت نفسها آنذاك مدافعا شرسا عن الحياة الديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم الأمريكية في الحرية والعدالة الاجتماعية والتقدم وغيرها. في زمن المحافظين الجدد تمت عسكرة الحياة الدولية عموما وداخل الولايات الأمريكية بشكل خاص, وأصبح ما حاربت وتحارب به أمريكا الآخرين هو منهجا يمارس من قبلها دون حياء, فهي إذ تنتقد وانتقدت وعاقبت وتعاقب الآخرين بسبب أوهام تصدير الثورة, تقوم بوعد تصدير الديمقراطية, إن لم يكن بالدبلوماسية فلا مانع بالحروب وبالبوارج والصواريخ المدمرة وبالحصار والتجويع والقتل, وهي كاذبة ومخادعة قطعا, إذا احتمت تحت ستار الرغبة في نشر الديمقراطية. والدليل على صحة وجهة نظرنا ما نشاهده ونلمسه من تحول مفاهيم الديمقراطية الى عكسها في السياسة الأمريكية روحا وممارسة وواقعا في أكثر الساحات التي فرضت نفسها عليها بالقوة وبالدبلوماسية على حد سواء, أو في الأماكن التي تقع تحت حمايتها المباشرة وتربطها علاقات إستراتيجية وثيقة مثل إسرائيل وبعض بلدان أمريكا اللاتينية وأسيا وأفريقيا .وبذلك حمت في السابق وتعزز الآن الموقف لدى كثير من الدول وأنظمتها الشمولية بالصراخ بالخطر الخارجي لتبرير ما تمارسه تلك الأنظمة على شعوبها وقواها الوطنية من ضغط في سبيل عدم دفع استحقاق الديمقراطية وحقوق المواطنة والبناء وتطوير الاقتصاد والتنمية البشرية. (بالنسبة للرئيس الجديد وحسب التجربة التاريخية ننتظر ونرى بقليل من التفاؤل). إن الادعاء بنشر الديمقراطية الذي تحتمي تحته أمريكا هو في حقيقة الأمر خداع وكذب من الدرجة الممتازة, والدليل على ذلك ما يلي: أيهما أسهل على أمريكا؟ التعامل مع الفرد (ملكا كان أم دكتاتورا ) أم مع البرلمانات المنتخبة ديمقراطيا من قبل الشعوب بشكل حر ونزيه؟ الجواب بالتأكيد مع الفرد, واليكم الأمثلة من الواقع ومن تاريخ التعامل مع أمريكا وسياساتها.عندما دخلت أمريكا الحرب في كوريا وفي فيتنام وفي أفغانستان وأخيرا في العراق لم تستفت الشعب الأمريكي قطعا!!!.ناهيك أنها لم تستشر أحدا في العالم. عندما زجت العراق سابقا بحرب ضروس بالنيابة مع إيران لم تستفت الشعب العراقي, وعندما قام الفرد الحاكم الناهي الأوحد بدخول الكويت لم يسأل الشعب العراقي, ويعاقب هذا الشعب اليوم بسبب الخطأ المرتكب من قبل الفرد وبسبب الرغبة الجامحة بالسيطرة على مواقع النفط وبتحقيق المصلحة الأمريكية.عندما دفعت أمريكا الحاكم المصري الفرد لتوقيع صلح مجحف بحق مصر وغيرها من الدول العربية لم يسأل الحاكم الفرد الشعب المصري في ذلك. وعندما أدخلت أمريكا الملك حسين في اتفاقية وادي عربة لم يقف أحدا على رأي الشعب الأردني وشقيقه المتواجد بكثرة في الأردن الشعب الفلسطيني. نتذكر جيدا عندما تم بيع الشعب العراق مرتين الأولى في اجتماع القاهرة في مطلع التسعينات من القرن الماضي, والثانية في مطلع هذا القرن لم يسأل البائعون شعوبهم, ناهيك أنه ليس هناك أصلا برلمانات يسألها أحد؟ ليس هذا ضربا من الصدفة إنها حقيقة مرة ماثلة في أذهاننا لا تنسى.لكن في المقابل فان غياب الديمقراطية في العالم العربي خاصة والعالم الثالث عموما له شجون وهو بالحقيقة مطلبا أمريكيا تعلن الإدارات الأمريكية المتعاقبة عكسه تماما, كما هو هدفا وأمرا واقعا للأنظمة القائمة. ولكي يدرك القارئ لماذا نقحم أنفسنا بهذا الاستنتاج علينا الوقوف على حقيقة المعطيات التالية: أولا: عاش العالم بالأمس ويعيش اليوم واقع متشابك فيه من التناقضات ما يكفي وفيه من التوافق ما يكفي أيضا, والراسم البياني لخرائط التناقض من جهة والتوافق من جهة أخرى هو المصالح الاقتصادية بالدرجة الأولى,ولكي تجعل من هذه المصالح تتوافق مع الجميع لابد من السير نحو التوازن أولا وأخيرا ولا يتحقق التوازن إلا بالنهوض بالمصلحة الوطنية. ثانيا: التوازن لا يهدى ولا يمنح من أحد, بل ينتزع في مسار تطوري تحكمه جملة مؤشرات لا تتحقق بالأمنيات وبالتصريحات والخطب الرنانة أو بالتنازلات لإرضاء الآخر, وأن ترضي الآخر في واقع التجربة هذا ضرب من المستحيل. ثالثا: التقدم الذي تحقق في أماكن مختلفة من العالم الثالث أو النامي تم بفعل محرك عام غالبا موضوعي وبفعل تحول العالم الى قرية صغيرة كما يقال, إذ نجد مؤشرات ذلك النمو والتقدم من تقنيات ومظاهر طالت بلدان واقعة تحت حكم الملكيات المطلقة وليبراليات تقليدية وجمهوريات وغيرها على حد سواء. رابعا: إن جل ما يقال عن فهم أغلبية الأنظمة في العالم الثالث فيما يتعلق بالديمقراطية لا يتجاوز حدود مصطلح غريب عجيب هو الالتزام باللعبة الديمقراطية. لا وألف لا يا أشاوس الديمقراطية ليست لعبة إنها حقيقة موضوعية خارج ذاتنا والوصول إليها حتمي, والحديث يتناول الديمقراطية الحقيقية لا ديمقراطية أمريكا والخداع الأمريكي قطعا, أو رؤية النظم في معظم أنحاء العالم. علينا أن ندرك أنه عندما تحكم بلدا ما؟ عليك أن تدرك ما يتطلبه ذلك البلد , البلد هو أنت وأنا والآخر هو وطن الجميع ويتحقق واقع الوطن بتوفر ثلاثة أركان أساسية وهي: الجغرافيا وما عليها من ثروات ومصادر العيش وحدود راسمة لتلك الجغرافيا, يلي ذلك كل ما هو حي متواجد ضمن تلك الحدود بما فيها الإنسان الذي يقف على قمة هرم الأحياء, وأخيرا علاقات ناظمة للحياة داخلية وخارجية, إذ أن الوطن ليس وحيدا في مفهوم الجغرافيا الكونية أو القرية الصغيرة.جميع هذه الأركان تتحقق في ظل توفير الحالة الوطنية التي أهملها بعض الحكام بكل مضامينها الحقيقية والموضوعية. بعد انجاز مرحلة الاستقلال الوطني التي تمت بتقديم العديد من التضحيات, لم يسمح الاستعمار المهزوم لمن حقق الاستقلال أن يبق طويلا في دفة الحكم وسهل مهمة الاستبدال بمن لا يدركون الثمن الذي دفع من أجل الاستقلال, وأنا هنا لا أقع تحت تأثير المؤامرة التي تعمي أنظار البعض, بل أركز على توافق المصالح وليس بالضرورة أن توقع برتوكولا مع الآخر من أجل تحقيق ذلك الغرض. فجاءت بعض القوى التي عملت على قطع طريق التطور الطبيعي لمراحل ما بعد الاستقلال وأبطلت الوصول الى الحالة الوطنية المطلوبة.حاولت هذه القوى تسويق نفسها تحت شعارات حامي الحمى , واعتبرت كل شيء مؤامرة,وفي حومة ذلك ولكي تخرج من فك الثعبان عليك أن تعلن الولاء للحاكم وليس للوطن المغيب في معيار البعض, إذ هم الوطنيون فقط والباقي ملحق بالأعداء. وهنا أود الخوض بمفهوم الديمقراطية الحقيقة التي هي واحدة من شروط تجسيد الحالة الوطنية والوطن ورفع مكانته في سير تحقيق المطلوب من الجميع, وعلى القارئ الاستنتاج عبر المقارنة بين الواقع والحلم الذي رسمته الأنظمة على مدى العقود الماضية. الديمقراطية هي جملة استحقاقات مادية واقتصادية وسياسية وقانونية وأخلاقية وهي المنظومة الاجتماعية المحددة جغرافيا تحت مصطلح أو مفهوم الوطن. وبكلمات أخرى الديمقراطية هي منظومة متكاملة لا تتجزأ, جوهرها المواطنة واحترام العقد الاجتماعي. ولا يمكن أن تكون وطنيا إذا أعلنت بالكلمة وبالدعاية فقط العداء لمن يريد النيل من الوطن, وهذا ما اعتدنا عليه لدى غالبية الأنظمة الوضعية القائمة الآن في العالم العربي, ولهذا السبب وغيره من الأسباب أنظروا حقيقة ما جرى وما يجري على مدى العقود الماضية لتكتشفوا أن ذلك لا يكفي فعلا.والذي يكفي كثير وعريض وواسع قد لا يدركه البعض الحاكم وان أدركه ولم يحققه فذلك مصيبة أعظم . ما هي جملة الاستحقاقات التي تجسد الديمقراطية الحقيقية والحالة الوطنية وكرامة
الوطن؟ الاستحقاق الأول: بناء الاقتصاد وتعميق دائم للبنية التحتية وتحديثها بما ينسجم مع مستوى التطور بمقياس الزمن, والعمل على تطوير مستمر للتنمية البشرية عبر تطوير العلم والتكنولوجيا والتدريب والتخطيط والعدالة. الاستحقاق الثاني:هو إدراك حق الآخر ممن يشاركك العيش في الوطن بدءا بحرية التعبير والمشاركة في صنع القرار وأداء الواجب والدفاع عن الوطن. وهذا يتطلب الإقرار بالتعددية الفكرية والسياسية والقبول بالمعارضة القوية وتوفير مقومات إنضاجها, لا إتباع نهج سياسات التفريخ لأحزابها. الاستحقاق الثالث:تغيير البنية الفوقية الناظمة للمجتمع وجعلها تخدم مسار التطور المعرفي بعيدا عن ثوابت الإعاقة لذلك التطور. ومن الثوابت المعيقة والمطلوب إلغائها طبيعة الدولة الأمنية والشك المرافق لها بكل متحرك أمامها وفقا لرغبة النظام ومصالح أقطابه.وهنا لابد من وضع الدساتير المناسبة لردع عبث الأطراف واللعب بالعقد الاجتماعي بين النظام والمعارضة. الاستحقاق الرابع:توزيع عادل للثروة والدخل الوطني على المنتج أولا وفي كل المجالات الإنتاجية, وتأمين فرص عمل للجميع , ومن غير العادل أن تذهب الثروة الى جيوب المتنفذين وأركان النظم أو ما عرفوا بالقطط السمان أو الحيتان, لتهرب بقسطها الأكبر الى الخارج ويحرم منها المنتجين والاقتصاد الوطني ويحرم الاقتصاد من إكمال دورته الطبيعية . إن ما يجري جعل تلك الثروة يخلقها المنتج وتذهب لغيره ويحمل الفقراء عبء كل الضريبة المدفوعة ثمنا لشعار الخطر الخارجي وتحرير مزعوم للأرض وعلى الأرض يجري العكس . الاستحقاق الخامس: في مواجهة المتربصين الخارجيين بالوطن لا يكفي أن ترسم سياسة أو تعلن سياسة المواجهة فقط , بل المطلوب الإعداد المادي والعسكري والاجتماعي لتلك المواجهة. كل مراحل الصراع الذي اختزلها النظام العربي الرسمي بسياسات معلنة على الورق, قادت الى كوارث بسبب عدم الاستعداد المطلوب الذي يوفق بين الرغبة وتحقيقها الفعلي.لقد خضنا الحروب بجبهات داخلية مفككة واقتصاديات منخورة وأوضاع عالمية ليست بجانبنا, رغم أننا أصحاب حقوق وفق كل الأعراف الدولية. الاستحقاق السادس: هو محصلة كل ما سبق ويعني ذلك خلق حالة وطنية على مبدأ تنفيذ الاستحقاقات السابقة تكون هي الضمانة لتحقيق التوازن فيما بينها من جهة وما بين صانعيها من جهة أخرى. د. أبو الطيب مهتم بالسياسات الأمريكية بالمنطقة

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.