رغم أن اتهامات كثيرة طالما وجهت لحكومة رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي بالتورط في أعمال العنف الطائفي التي أودت بحياة آلاف الأبرياء ، إلا أنها كانت دوما تنفي هذا الأمر وتؤكد أنها هي من يتصدى لمثل تلك الجرائم . ومع أن البعض انخدع بالادعاءات السابقة ، إلا أنه سرعان ما انكشف المستور في هذا الصدد وعبر المالكي نفسه حيث أدلى بتصريح في لقاء تليفزيوني مع قناة "الحرة" التي تمولها الولاياتالمتحدة في 16 أغسطس / آب هاجم خلاله بشدة القائمة العراقية التي فازت بالانتخابات البرلمانية الأخيرة ، واصفا إياها بأنها "سنية" . التصريحات السابقة لم تؤكد فقط البعد الطائفي لشخص يفترض أنه يتحدث نيابة عن كافة العراقيين بغض النظر عن دينهم أو مذهبهم أو انتمائهم السياسي وإنما دقت أيضا ناقوس الخطر بأنه لا أمل في إنهاء العنف الطائفي في حال نجح المالكي بالاستمرار بمنصبه . وما يضاعف من القلق تجاه التصريح غير المسئول السابق هو أن رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي الذي يتزعم القائمة العراقية ليس سنيا وإنما من الشيعة مثل المالكي وبالتالي فإن الأخير يبدو أنه قام عمدا بخلط الأمور وتحميلها بعدا مذهبيا للفوز برئاسة الحكومة مجددا ولذا سارعت القائمة العراقية إلى الإعلان في 16 أغسطس عن وقف محادثاتها مع ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي احتجاجا على تصريحات الأخير واتخاذه مواقف طائفية تجاهها . وقالت الناطقة باسم "العراقية" ميسون الدملوجي :"قررنا وقف المفاوضات مع ائتلاف دولة القانون بسبب نعت المالكي لقائمتنا بالسنية في لقاء تليفزيوني "، مؤكدة أن القائمة العراقية ليست كتلة سنية وإنما هي مشروع وطني. واشترطت الدملوجي اعتذار المالكي عن تصريحاته للعودة إلى المحادثات قائلة :"طلبنا منه الاعتذار ، بدون الاعتذار فإننا لن نتفاوض معه". وفي تعليقه على التصريحات السابقة ، وصف عضو ائتلاف دولة القانون عبد الهادي الحساني قرار "العراقية" بأنه ضغط سياسي غير مبرر وغير مشفوع بأي دليل. وأضاف في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية " بي بي سي " أنه ليس هناك ما يبرر تقديم اعتذار من المالكي لأن ما قاله كان مجرد توصيف لأن الأغلبية في القائمة العراقية هم من السنة. ويبدو أن التبرير السابق هو "عذر أقبح من ذنب " ويؤكد أيضا البعد الطائفي لائتلاف المالكي ، حيث أن الخلافات حول تشكيل الحكومة الجديدة يجب أن تنحصر فقط في النواحي السياسية بعيدا عن الدين والعرق ، بل وتساءل البعض ماذا لو حدث العكس وخرج أحد قادة التكتلات السنية ليعلن على الملأ أنه لن يتحالف مع ائتلاف المالكي لأنه شيعي؟. مؤامرة عزل القيادات السنية
إياد علاوي ونوري المالكي فالصورة تبدو قاتمة تماما ، فإذا كان الحديث قبل تشكيل الحكومة الجديدة وانسحاب الاحتلال الأمريكي ينصب على شيعي وسني فإن مستقبل العراق سيكون أسوأ مما هو عليه الآن بل إن مخطط التقسيم الذي رسمه الاحتلال لن يكون بعيد المنال إذا استمر السياسيون "الطائفيون" في سدة الحكم . بل إن بعض وسائل الإعلام العراقية كشفت في مطلع أغسطس أن المالكي بدأ مؤخرا مخططا لعزل القيادات السنية في الجيش العراقي الجديد . ووفقا للمخطط السابق ، فإن المالكي قام بإيفاد مجموعة كبيرة من ضباط الجيش العراقي الجديد إلى الولاياتالمتحدة للالتحاق بدورة كلية الأركان الأمريكية وكان الأمر اللافت هو أن جميع الضباط الذين أوفدوا إلى الدورة هم من الشيعة حصراً في خطوة تمهيدية لعزل القيادات السنية عن إدارة الجيش العراقي. ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فالضباط الذين أرسلوا إلى كلية الأركان الأمريكية تم تعيينهم أيضا آمري أفواج وألوية في الجيش العراقي الجديد ، وكشفت مصادر مطلعة في الجيش العراقي أنه صدرت أوامر من نوري المالكي مباشرة تقضي بوجوب أن يكون جميع الآمرين "آمر فوج فما فوق" من الطائفة الشيعية والأكراد حصراً ولا يحق لأي سني أن يتولى منصب أمر فوج أو غيره باستثناء بعض المناطق السنية ويجب أن يكون عددهم قليل بحيث لا يؤثر على ولاء الجيش للأحزاب الشيعية. وفي حال تأكدت المعلومات السابقة فإن الحرب الأهلية لن تكون أمرا مستبعدا بعد انسحاب الاحتلال ولذا فإنه لا بديل عن تحرك أبناء العراق المخلصين سواء كانوا شيعة أو سنة بأسرع وقت ممكن لإبعاد الساسة الطائفيين وإنقاذ ما يمكن إنقاذه .