في مفاجأة لكنها كانت متوقعة قدم رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الأستاذ الدكتور/ عبدالله حسين البار استقالته من نيابة عمادة كلية الآداب لشؤون الطلاب بجامعة صنعاء، في رسالة غير معلنة مفادها الاحتجاج على تهميش قيادة الدولة له من التعيينات في المناصب القيادية في الجامعات أو في غيرها من مؤسسات الدولة الثقافية رغم أحقيته بهذا المنصب من حيث القدرة والكفاءة والدرجةالعلمية. وعلمت مصادرنا الخاصة أن الدكتور البار يحزم الآن أمتعته للعودة إلى حضرموت منهياً بذلك خمسة وعشرين عاماً قضاها في صنعاء طالباً وباحثاً وأستاذاً جامعياً تخرج على يديه العشرات من الطلبة. وربما كان إقدام رئاسة جامعة صنعاء على تعيين عميد جديد لكلية الآداب بصنعاء وتجاهل الدكتور البار، هو القشة التي قصمت ظهر البعير، والتي أملت على رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين قرار تقديم استقالته ومغادرة جامعة صنعاء. يذكر أن الدكتور البار قدم إلى صنعاء قبل الوحدة والتحق طالباً بالدراسات العليا في حين لم تتح له الفرصة للدراسة في جامعة عدن بسبب عدم رضا دوائر الحزب الاشتراكي عنه، وقد عرف الدكتور البار طيلة السنوات التي قضاها باستقلاليته الحزبية ووطنيته الجمة وإخلاصه لمبادئ الحرية والديمقراطية وهو ما جعله الرجل الموقف والمثال الذي يختاره الأدباء اليمنييون رئيساً لاتحاد الأدباءوالكتاباليمنيين لدورتين انتخابيتين. وللدكتور البار ما يقرب من عشرة مؤلفات حتى الآن لم تشفع له عند صناع القرار لتعيينه في أي تشكيلة وزارية أو رئاسة جامعية، كما لم تشفع له وطنيته ونظافة يده ووضوح مبادئه القائمة على رفض الوصولية والانتهازية، كما لم تشفع له تصنيفات المعارضة الحزبية بأنه وإن بدا مستقلاً لكنه رجل المؤتمر الشعبي العام. وربما جاء قراره الهادئ بترك جامعة صنعاء نهائياً والعودة إلى مسقط رأسه بالمكلا ردة فعل مهذبة وغير جارحة انطلاقاً من تلك المبادئ النضاحة بحب الوطن والحريصة على وحدته وتماسك هويته الثقافية والتي جسدها البار قولاً وسلوكاً. لكن ما يراه أبناء حضرموت عموماً ربما خالف المثالية التي يقيس بها الدكتور عبدالله البار المسألة، إذ يرون أن ما تعرض له من تهميش وإقصاء ليس سوى امتداد للسياسة الاستحواذية التي دأب صناع القرار على تكريسها فيما يخص تعيين أصحاب النفوذ القبلي والأسري والمقربين من دوائر أصحاب القوة ، فيما أفصح مثقفون وأدباء يمنيون كثر عن أن قضية تهميش قيادة الدولة حتى الآن لرجل مثل الدكتور البار عملية دالة على عدم احترام العقول المستنيرة والكفاءات الوطنية المتسلحة بالعلم والثقافة والإصرار على نهج تجهيل المؤسسات الثقافية والتعليمية وتفريغها من مضامينها من خلال تعيين قيادات هشة معرفياً وثقافياً تجيد التبعية ولديها القدرة على تلطيخ يدها بالمال العام وتقديم الخدمات غير المشروطة لأصحاب النفوذ. وتعليقاً على الموقف الذي اتخذه الدكتور البار يرى بعض الأكاديميين أن رحيل البار عن جامعة صنعاء يمثل خسارة كبيرة لكفاءة علمية لا تعوض، بينما يرى سياسيون أن الرسالة الرمزية في هذا الموقف جاءت من شخصية غير اعتيادية ترأس اتحاد الأدباء والكتاب، وربما تجير هذه الرسالة لصالح أطراف سياسية وحزبية أو حتى قوى انفصالية لا علاقة للدكتور البار بها ولا بأهدافها وأجندتها المتربصة بالنظام الحاكم أو بالوحدة الوطنية.