برهن ثوار ليبيا يوم الثلاثاء بشكل حاسم على نهاية حقبة الزعيم الليبي معمر القذافي حين أسقطوا مقر إقامته الحصين في معسكر باب العزيزية داخل العاصمة طرابلس ليكملوا السيطرة على العاصمة التي سقطت بسهولة غير متوقعة في يد الثوار . وتدفق مقاتلو المعارضة على مجمع معمر القذافي في باب العزيزية وشوهدوا وهم يطلقون النار في الهواء احتفالا داخل المجمع. وحاولت القوات الموالية للقذافي في البداية الدفاع عن المجمع مترامي الأطراف لكن مقاومتها انتهت في وقت لاحق. وطل المجمع مقرا لسلطة للقذافي السياسية والقاعدة الرئيسية للموالين له الذين يسعون إلى استمرار حكمه القائم منذ 42 عاما. وتصاعد عمود من الدخان الاسود في الجو فوق المجمع مع دخول عشرات من مقاتلي المعارضة المدججين بالسلاح وبعض المدنيين العزل المجمع بينما تعالت أصواتهم بالهتاف. ومزق أحد المقاتلين صورة كبيرة للقذافي بينما حاول اخرون اسقاط تمثال ليد تسحق طائرة مقاتلة. وكان معارضون ذكروا يوم الاثنين أن المجمع تحرسه دبابات وقناصة. وجاء في بث تلفزيوني مباشر أن أصوات هتافات وأبواق سيارات سمعت في المنطقة احتفالا على ما يبدو. وتدفق مقاتلو المعارضة على طرابلس في مطلع الاسبوع في زحف أخير ضمن حرب استمرت ستة أشهر للإطاحة بالقذافي. وعلى خلاف استماتة نظام القذافي في الدفاع عن حكمه خلال ستة أشهر من القتال العنيف، بدأ النظام يتهاوى بسرعة درامية بعد انشقاق كبار مساعديه المؤثرين. والقذافي رمز تاريخي للدكتاتورية في المنطقة العربية خلال النصف الثاني من القرن العشرين الذي شهد استقلال دول المنطقة من استعمار دول غربية وصعود ضباط عسكريين إلى سدة الحكم في معظم تلك البلدان. حكم القذافي ليبيا بقبضة حديدية على مدى 42 عاماً منذ تزعمه انقلاباً على الملك إدريس السنوسي في 1969 قبل أن يحول نظام الحكم في 1977 إلى جماهيري يستند إلى ما أطلق عليه القذافي سلطة الشعب التي يدعي هو أنها تمثل أرقى أشكال الديمقراطية. ومنذ 1977 حكم القذافي ليبيا وفقاً لمزاج شخصي محض وتنظيرات غريبة أودعها في "الكتاب الأخضر" الذي اتخذه بمثابة دستور للبلاد فضلاً عن وضعه تقويماً جديداً يبدأ منذ وفاة النبي الكريم محمد وسمى هو شهوره. ولم يعرف مكان القذافي بعد لكنه قال في الايام القليلة الماضية في التلفزيون الرسمي انه باق في طرابلس. وقال المبعوث الليبي لدى الاممالمتحدة ابراهيم الدباشي ان من المحتمل ان يكون القذافي وكبار المسؤولين الاخرين تفرقوا في منازل في انحاء طرابلس ويحتمل ان يكونوا في ملجأ تحت الارض. وقال ان قوات المعارضة ستبدأ في البحث عنهم وتوقع أن يعتقلوا جميعا قريبا. وأضاف الدباشي وهو شخصية محورية في حركة المعارضة للصحفيين في مقر البعثة الليبية في نيويورك ان مجمع القذافي بالكامل أصبح في أيدي مقاتلي المعارضة وسيتم تحرير ليبيا بالكامل في غضون 72 ساعة. وتوقع ان تسقط مدينة سرت مسقط رأس القذافي خلال الساعات الثماني والأربعين القادمة وان تصبح البلاد بكاملها تحت سيطرة المعارضة خلال ثلاثة ايام. وقال "نتوقع ان تكون ليبيا محررة بالكامل وهادئة تماما خلال الساعات الاثنين والسبعين القادمة". وقال الدباشي ان المعارضة مستعدة لبحث لائحة الاتهامات للقذافي وابنه سيف الاسلام ومدير مخابراته مع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لكنها تفضل محاكمتهم كمجرمي حرب في ليبيا. وأضاف أن المعارضة تفضل محاكمتهم في ليبيا لان الوثائق التي تقدم للمحكمة والبيانات التي سيدلون بها داخل المحكمة جزء من تاريخ ليبيا. وفي يونيو اتهمت المحكمة الجنائية الدولية الثلاثة بارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب اخرى. واوضح كبير المدعين في المحكمة انه يريد تسليم الثلاثة للمحكمة ليمكن محاكمتهم في لاهاي. وكان الدباشي وهو دبلوماسي ليبي مخضرم اول سفير لطرابلس بالخارج يدين قمع القذافي للمظاهرات المطالبة بالديمقراطية في فبراير شباط. والهم انضمامه للمعارضة عشرات الدبلوماسيين الاخرين أن يحذوا حذوه. وسئل الدباشي عن السبب في أن سيف الاسلام القذافي الذي أعلنت المعارضة أنها اعتقلته ظهر في وقت لاحق أمام الصحفيين وكان حرا على ما يبدو فأجاب بأنه سمح له ولشقيقه محمد على ما يبدو بالاتصال بأفراد أمنهما الذين نجحوا في اطلاق سراحهما. وقال المبعوث الليبي للامم المتحدة ان المعارضة لا تتعجل بحث قضية عبد الباسط المقرحي ضابط المخابرات الليبي الذي سجن في اسكتلندا لادانته في تفجير طائرة ركاب أمريكية في عام 1988 والذي أفرج عنه عام 2009 لاعتبارات صحية وعاد الى ليبيا. وظهر المقرحي الذي قيل انذاك انه لم يتبق من عمره سوى ثلاثة أشهر في مظاهرة نقلها التلفزيون الليبي الشهر الماضي وهو يقف الى جوار القذافي. وقال الدباشي ان هذه العملية انقضت منذ فترة وانه لا يعتقد أن هذه ستكون من أولويات الحكومة الليبية القادمة وان المقرحي قد يتوفى في أي لحظة.