طوت اليمن مبدئياً يوم الأربعاء حقبة علي عبدالله صالح التي استمرت 33 عاماً وشكلت واحدة من أصعب الحقب في التاريخ اليمني الحديث وأردأها. فقد وقع صالح على تنحية سلطاته ونقلها إلى نائبه بموجب اتفاق وضعته دول مجلس التعاون الخليجية في الرياض بحضور العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز وأطراف المعارضة. وألقى صالح كلمة مليئة بالمرارة والشكوى عقب توقيعه على الاتفاق مشيراً إلى محاولة اغتياله في يونيو الماضي خلال هجوم على مسجد ملحق بقصره الرئاسي. والاتفاق صيغة سياسية، جرى إخضاعها لتعديلات وتوافقات متعددة إثر اندلاع انتفاضة شعبية غير مسبوقة على حكم صالح، انخرط فيها ملايين المحتجين في فبراير الماضي ضمن موجة الربيع العربي التي أطاحت بأربعة حكام عرب حتى الآن. وفقاً للاتفاق، تبدأ فترة انتقالية من مرحتلين فور توقيع صالح الذي تنتقل سلطاته الدستورية إلى نائبه عبدربه منصور هادي مع احتفاظ الأول بلقب الرئيس المجرد من أي سلطات حتى إجراء انتخابات رئاسية في غضون 90 يوما. ويقدم المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المعارضة أسماء ممثليهما في حكومة وحدة وطنية خلال أسبوع فيما يقر البرلمان يوم 29 نوفمبر صيغة ضمانات لصالح ومعاونيه لتحصينهم من الملاحقة القانونية المحلية. وعقب إقرار البرلمان للضمانات، يدعو هادي إلى انتخابات رئاسية مبكرة خلال 90 يوماً مع تشكيل لجنة عسكرية لإعادة هيكلة قوات الجيش والأمن وإزالة المظاهر المسلحة . تبدأ المرحلة الثانية من الفترة الانتقالية عقب الانتخابات الرئاسية وتستمر عامين ليجرى خلالهما حوار وطني شامل للتوصل إلى حلول للمشاكل اليمنية الجوهرية وفي مقدمتها القضية الجنوبية. وصل صالح إلى الحكم في 1978 ليحكم شمال البلاد حتى قيام الوحدة بين شطري البلاد عام 1990 واستمر رئيساً للجمهورية الوليدة قبل أن يجري انتخابات رئاسية صورية في 1999 ويواصل الحكم حتى اندلعت الانتفاضة الشعبية ضد نظامه. وصالح، عسكري ينحدر من أسرة فلاحية في منطقة سنحان جنوب العاصمة صنعاء، تلقى تعليماً بدائياً قبل أن يلتحق بالجيش ويتدرج في الرتب العسكرية حتى رتبة مقدم التي تقلد الحكم وهو يحملها ثم استمر في منح نفسه مزيداً من الرتب إلى أن استقر عند رتبة مشير. وحكم صالح البلاد بأدوات متعددة هي مزيج من القمع والفساد وشراء الولاءات. وأخمد خصومه السياسيين عبر شن حملات قمع قاسية استهدفت النشطاء اليساريين والناصريين خلال مرحلة النشاط السري التي سبقت قيام الوحدة. وارتبط عهد صالح بامتهان النظام العام والفساد المالي والحروب الأهلية الدامية إذ خاض سلسلة حروب لسحق مناوئيه في المناطق الوسطى ومناطق الجنوب وصعدة مما قاد البلاد في الآونة الأخيرة إلى انقسام اجتماعي وسياسي حاد. الصورة لصالح خلال توقيعه على الاتفاق الخليجي يوم الأربعاء.