قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الدكتور عادل الشرجبي من خلال متابعتي لكلمات ممثلي القوى السياسية والاجتماعية المختلفة خلال الجلستين العامتين الأوليتين، أعتقد أن الجميع قد بات مقتنع بضرورة أن تشكل مخرجات المؤتمر ونتائجه قطيعة مع الماضي، بكل مآسيه ومظالمه ونزاعاته، بما في ذلك كلمة المؤتمر الشعبي العام التي ألقاها الدكتور أحمد بن دغر، والتي -على الرغم من بعض عبارات النفاق الصريحة حيناً والمبطنة أحياناً لشخص الرئيس السابق علي عبد الله صالح- جاءت مستوعبة لأهداف المؤتمر وقضاياه، وعبرت عن ضرورة تجاوز الماضي . وأشار الشرجبي في تصريح "للاشتراكي نت" إلى أن كلمة شباب الثورة المستقلين التي ألقاها نيابة عنهم الشاب الثائر مبارك البحار، جاءت معبرة فعلاً عن هموم وأحلام وطموحات السواد الأعظم من اليمنيين، ففضلاً عن أسلوبها الرصين والمتزن استوعبت كلمة شباب الثورة تصميم الشعب اليمني على تغيير النظام القديم، وإصراره على بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة. لذلك يحدوني الأمل بأن شباب الثورة على الرغم من تدني نسبة تمثيلهم في المؤتمر سيدافعون بقوة عن هذه الأهداف، وسيستطيعون كسب تأييد كثير من المشاركين في المؤتمر . وأضاف "لوحظ أن سلوك بعض المشاركين سواء في تجاوز الوقت، أو في تجاوز التعليمات الأمنية، أو في المقاطعة وعدم الالتزام بأخلاقيات الحوار، هذه الممارسات تشير إلى أن المؤتمر سوف يشهد صعوبات ." وطالب الشرجبي من الأحزاب والجماعات السياسية والاجتماعية المشاركة في المؤتمر بأن تلفت نظر ممثليها إلى ضرورة الالتزام بأخلاقيات الحوار، وتؤكد عليهم بضرورة الالتزام بالمعايير والإجراءات التي تضمنتها اللائحة الداخلية لمؤتمر الحوار الوطني، وأن توجههم بالتركيز خلال مشاركتهم في أعمال المؤتمر على أهداف الشعب اليمني المستقبلية، والتخلي عن أساليب المماحكات السياسية والمذهبية والطائفية، لاسيما تلك التي تنبش في نزاعات الماضي . وقال أن مؤتمر الحوار الوطني هو الآلية التي ارتضاها جل اليمنيين لتغيير النظام القديم، ووضع الأسس التشريعية والمؤسسية لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة والنظام الجديد . وأضاف الشرجبي في تصريحه "للاشتراكي نت" إن عملية اختيار المشاركين في الحوار تمت وفق آليات ومعايير النظام القديم، سواء الذين ضمتهم قوائم الشباب المستقلين والمرأة والحراك الجنوبي، أو قوائم الأحزاب والجماعات السياسية، أو قائمة الرئيس، فكل الجهات التي أعدت هذه القوائم لم تتبع آليات ديمقراطية شفافة في إعدادها، وتم الاختيار وتحديد الممثلين على أساس العلاقات الزبائنية، وعلاقات الموالاة الشخصية، وهناك تجاوزات كثيرة للمعايير التي وضعتها اللجنة الفنية لاختيار المشاركين وممثلي الجماعات السياسية. ترتب على ذلك أن شكل أشخاص النظام القديم نسبة كبيرة من القائمة النهائية التي تضمنها قرار رئيس الجمهورية الخاص بأعضاء مؤتمر الحوار الوطني، سواء الذين استمروا في ولائهم لرئيس النظام السابق، أو الذين انشقوا عليه وتمردوا عليه بعد قيام الثورة . وأكد الشرجبي أنه تتملك معظم اليمنيين مخاوف مبررة من أن تنعكس الإجراءات التي اتبعت في الإعداد لمؤتمر الحوار الوطني على مخرجاته، فيتم إعادة إنتاج النظام القديم، مشيرا إلى أن هناك ما يدعو إلى التفاؤل (لدي أنا على الأقل) بأن مخرجات المؤتمر ستشكل اللبنات الأساسية لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، مبعث هذا الأمل هو أن كل القوى السياسية والاجتماعية الممثلة والمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني ربما تكون قد أدركت أن الآثار السلبية للنظام القديم قد أصابت الجميع، بما في ذلك الذين أسسوه ودافعوا عنه واستفادوا منه، وهو ما عبر عنه المفكر والسياسي المخضرم الدكتور ياسين سعيد نعمان (الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني) حينما قال: "يتطلع أبناء اليمن إلى هذا المؤتمر بتفاؤل لا يكدره إلا الخوف من أن تعيد العادة إنتاج نفسها داخل أنفس نأمل أن تكون قد تعلمت كيف تتنازل للوطن حينما يتعين عليها ذلك ".