لفتت المحكمة الادارية في صنعاء الأنظار وأصبحت حديث الشارع خلال الفترة القليلة الماضية. لأول مرة في حياته، يسمع المواطن اليمني أخباراً باستدعاء القضاء لرئيس الجمهورية، وصدور أحكام ضد الحكومة لصالح مواطنين أفراداً كانوا أو جماعات. في الأول من مايو قبلت المحكمة الادارية الدعوى المرفوعة ضد الرئيس هادي بخصوص التباطؤ في تسمية لجنة التحقيق في أحداث 2011 والجرائم المرتكبة ضد شباب الثورة رغم صدور القرار الجمهوري بتشكيل اللجنة عام 2012. ويوم الثلاثاء استدعت المحكمة وزير التعليم العالي هشام شرف عبدالله للمثول أمامها في الدعوى المقدمة من طلاب الاستمرارية متهمين الوزارة بالفساد والتلاعب بمنح الدراسات العليا. وإذ حددت يوم السبت المقبل للنظر في الدعوى المقدمة من شباب الثورة المستقلين ضد اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، ألغت المحكمة في جلستها ليوم الاثنين الماضي قراراً اتخذه مجلس الشورى بترشيح 30 عضواً لهيئة مكافحة الفساد. جرى افتتاح المحكمة في 31 أكتوبر 2010، إلا أن الاخبار عن مناشطها بدأت تتواتر منذ آواخر العام الماضي باعتبارها ملاذاً متخصصاً للانتصاف ضد ما يصدر عن الادارة العامة من قرارات تخالف العدالة والقانون والقواعد القانونية وتلحق الضرر بالحقوق والمصالح. ويتفق قانونيون ان المحكمة تعيد الاعتبار لسمعة القضاء. تنظر المحكمة حالياً في عدة قضايا بينها القضية المرفوعة ضد رئيس الجمهورية من ثمانية أحزاب جديدة لم تمثل في مؤتمر الحوار الوطني، وأخرى ضد رئيس قناة اليمن الفضائية حسين عمر باسليم، وقضية شهداء وجرحى الثورة، وقضية «255» من عمال وموظفي المؤسسة المحلية للمسالخ وأسواق اللحوم يطالبون بصرف مرتباتهم. وتقدم الى المحكمة صحفي في مؤسسة الجمهورية للصحافة والطباعة والنشر بدعوى ضد رئيس الحكومة وثلاثة وزراء على خلفية تعيين مدير عام وآخر للتوزيع لمكتب الصحيفة في العاصمة. صنعاء، في حين أعلن موظفون في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عزمهم رفع دعوى عاجلة للطعن في قرار رئاسي قضى بتعيينات مخالفة لقانون الجهاز في منصب نائب رئيس الجهاز إضافة إلى منصب وكيل. منتصف نوفمبر الماضي كان جرحى الثورة الشبابية المعتصمون أمام مبنى رئاسة الوزراء، على موعد للانتصاف من حكومة الوفاق. وقضى منطوق الحكم الذي أصدرته القاضية رغدة عبد الرحمن عبدالواحد، القاضي المناوب في المحكمة، بإلزام الحكومة بتوفير الرعاية الصحية للمصابين، ومعالجتهم في الخارج، ودفع أتعاب التقاضي «440» ألف ريال. كانت المحكمة ألغت في8 مايو العام الماضي قراراً من القائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء بتعيين وكيل مساعد للشؤون المالية والإدارية بوزارة العدل لعدم مشروعيته. وقبل ذلك ألغت قرار رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة القاضي بإيقاف (13) موظفاً وإلزام الجهاز بصرف جميع مستحقات الموظفين الموقوفين وتحميل الجهاز أتعاب المحاماة ومصاريف التقاضي مبلغاً وقدره (500 ألف ريال)، كما ألغت قراراً مماثلاً لوزير الكهرباء الدكتور سميع بإيقاف رواتب (1867) موظفاً. كما ألغت قرار وزير المالية صخر الوجيه بالسماح بتصدير الحديد الخردة. أشهر أحكام الإلغاء كان إلغاء قرار مجلس الشورى الخاص باختيار 30 عضواً مرشحاً لعضوية الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد. الإثنين الماضي أصدر رئيس المحكمة القاضي بدر الجمرة حكماً بعدم مشروعية القرار لعدم مشروعيته. الحكم ألزم مجلس الشورى بإعادة الانتخابات لقائمة المرشحين وذلك وفقاً للمادة التاسعة من قانون هيئة مكافحة الفساد. وكان ناشطون في مجال مكافحة الفساد إضافة إلى شخصيات تم استبعادها إجحافاً من قائمة الترشح قدموا طعوناً إلى المحكمة الإدارية بعدم شرعية الإجراءات التي اتخذها مجلس الشورى، وانتهى الأمر بإيقاف القرار من قبل المحكمة الإدارية. وكان مجلس الشورى اختار قائمة من 30 مرشحاً وأحالهم إلى مجلس النواب لانتخاب 11 منهم لقيادة مكافحة لفساد. واتهم الأعضاء هيئة رئاسة المجلس بتمرير قائمة لم تنطبق عليها المعايير التي وضعتها لجنة خاصة باستقبال طلبات الترشيح، كما أنها استبعدت شخصيات أخرى دون أي مبررات. المنظمة اليمنية لتعزيز النزاهة ( OPI ) اعتبرت إلغاء القرار انتصارا للقانون وجددت دعوتها مجلس الشورى الى شفافية الإعلان عن المعايير التي وضعتها لجنة سابقة لاختيار المرشحين وفق القانون رقم 39 لسنة 2006 بشأن مكافحة الفساد. كما دعت المنظمة مختلف منظمات المجتمع المدني الى مراقبة إعادة اختيار المرشحين من قبل مجلس الشورى. وشددت على أهمية استبعاد المتهمين بقضايا فساد ممن اراد مجلس الشورى فرضهم في اجراءاته التي ألغاها حكم المحكمة الادارية.