من بوابة الملف الأمني.. إخوان اليمن يحاولون إعادة الصراع إلى شبوة    النعي المهيب..    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    متهم بجريمة قتل يسلم نفسه للأجهزة الأمنية جنوبي اليمن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    رسالة تهديد حوثية صريحة للسعودية .. وتلويح بفشل المفاوضات    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    توحيد إدارة البنك المركزي في صنعاء وعدن.. خبير مصرفي يكشف عن حل مناسب لإنهاء الأزمة النقدية في اليمن    الذكرى 51 لجريمة قتل الدبلوماسيين الجنوبيين بتفجير طائرتهم في حضرموت    زيود الهضبة يعملون على التوطين في مأرب وسط ويحابون كوادرها المحلية    برفقة حفيد أسطورة الملاكمة "محمد علي كلاي".. "لورين ماك" يعتنق الإسلام ويؤدي مناسك العمرة ويطلق دوري الرابطة في السعودية    وزير الدفاع يؤكد رفع مستوى التنسيق والتعاون بين مختلف الوحدات والتشكيلات العسكرية لهزيمة الحوثيين    جماعة الحوثي تفاجأ سكان صنعاء بهذا القرار الغير مسبوق والصادم !    التعادل يحسم قمة البايرن ضد الريال فى دورى أبطال أوروبا    حزامٌ ذهبيٌّ يُثيرُ جنونَ لصٍّ: شرطةُ سيئون تُلقي القبضَ عليهِ بتهمةِ السرقةِ!    نجل الزنداني يوجه رسالة شكر لهؤلاء عقب أيام من وفاة والده    روما يسعى لتمديد إعارة لوكاكو    الحوثيون يتلقون ضربة موجعة بعد رسالة قوية من الحكومة اليمنية والقضاء    السفير السعودي يبحث مع بعثة الاتحاد الأوروبي "خارطة الطريق" ومستجدات الأزمة اليمنية    "لا تلبي تطلعات الشعب الجنوبي"...قيادي بالانتقالي يعلق على رفض مخرجات لقاء الأحزاب    شاهد...عمار العزكي يُبهر جمهوره بأغنية "العدني المليح"    انقلاب مفاجئ.. الانتقالي يوجه ضربة قوية للشرعية ويهدد بالحرب بعد يوم تاريخي في عدن.. ماذا يحدث؟    أول تحرك يقوم به أبو زرعة في عدن بعد وصول العليمي مأرب    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    دوري ابطال اوروبا: الريال يتجاوز جحيم الاليانز ارينا ويفرض التعادل امام البايرن    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    بيان الرياض يدعو الى اتخاذ خطوات ملموسة لحل الدولتين وإيقاف فوري لإطلاق النار في غزة    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاصيل الحلقة النقاشية التي نظمتها صحيفتا "الثوري" و"الاشتراكي نت" مميز
نشر في الاشتراكي نت يوم 11 - 11 - 2015

برعاية الامانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني نظمت صحيفتا "الثوري" و"الاشتراكي نت" حلقة نقاشية السبت الماضي حول الحرب الراهنة والتسوية السياسية.
الحلقة انعقدت في مقر الحزب ودارت حول أربعة محاور هي الحرب الراهنة ومخاطر الاعتماد على الحسم العسكري ومرجعيات الحل السلمي والسياسي واهمية اشراك القوى السياسية والمجتمعية في الحل، وتشكيل حامل سياسي مدني رافض للحرب وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
ادار الحلقة احمد الزكري رئيس تحرير "الاشتراكي نت" واغنى محاورها اربعة من الاساتذة وفي ما يلي ما قاله المتحدثون الاربعة:
تغطية : بدر القباطي

الدكتور عادل الشرجبي استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء
المرجعية الوحيدة التي يمكن ان تنهي الصراع قرار مجلس الامن 2216 ولا غيره
الاوضاع التي نمر بها حاليا اعتقد انها ليست أوضاعاً استثنائية وهي أوضاع طبيعية وضع طبيعي أن يسود الحرب في مجتمع لم يبن دولة ولم يبن ديمقراطية، انا أستغرب لمن يقول ان هذه أوضاع استثنائية، او انها مفاجئة، او انها...، بالعكس، نحن كمجتمعات القانون الاساسي فيها للوصول الى السلطة هو الغلبة والقوة، وبالتالي فالحرب هي الطريقة الوحيدة للوصول الى السلطة وهناك جماعات تتنافس وبالتالي هناك دورات للعنف، وتاريخ المجتمع اليمني هو تاريخ عنف، حتى اليوم ومنذ الاستقلال والثورة هناك دورات عنف متتالية في المجتمع اليمني اضافة الى ذلك انه أي تاريخ كبير لابد أن ترافقه حرب أهلية، وبالذات الثورات العظمى، الثورات العظمى لم تتحقق الا عبر حروب أهلية تتزامن معها، لأنه دائماً الأنظمة القديمة والقوى التي سوف تتضرر من التغيير تحاول الدفاع عن مصالحها بالوسائل كافة بما في ذلك الحرب، ومن هنا فالحرب وضع طبيعي جداً لمثل هذه المجتمعات.

اسباب الحرب
عندما نتكلم في القضية الاولى من قضايا هذا المحور - وهي أسباب الحرب - اعتقد ان هناك اسباباً بنيوية في بنية المجتمع اليمني بعيداً عن الاسباب المباشرة والبسيطة والتي تؤدي الى اندلاع شرارة الحرب، لكن هناك أسباباً بنيوية في بنية المجتمع هي أسباب مؤهلة للحرب وهذه تسبق الحرب بعقود ان لم يكن أيضا حتى بمئات السنين، فبنية المجتمع هي بنية قابلة لإشعال الحرب في أي وقت مثلنا مثل المجتمعات الافريقية ومثل أي مجتمعات أخرى ما زالت تعيش بمرحلة ما قبل الديمقراطية وما قبل بناء الدولة.
سوف أستعرض بداية هذه الاسباب التي أراها بنيوية متعلقة ببنية المجتمع اليمني، ثم ننطلق بعد ذلك منها الى الاسباب المباشرة والتي ارتبطت بالأوضاع القائمة حالياً.
عادةً أرى ان المحللين السيسيولوجيين والباحثين والمفكرين عندما يتحدثون حول الحروب الاهلية سواء في أفريقيا او في غيرها، أول ما يتحدثون عنه يتحدثون حول التعددية الإثنية، والصراعات العرقية، ويعتبرون بأن الصراعات العرقية هي العامل الاول للصراعات والحروب في الدول الافريقية وغيرها من المجتمعات. هذه المسألة أراها أحياناً فيها قدر من المبالغة، وبالتالي دعونا نشخص الحرب القائمة حالياً، هل هي حرب اهلية؟، هل هي حرب طائفية؟، هل هي حرب مذهبية؟.
في الحقيقة ان الحرب القائمة حالياً هي حرب أهلية اولا، لا بد ان نقر ذلك ب إيمان شديد. "فالحرب الاهلية هي حرب بين أقسام المجتمع داخل أي مجتمع"، وليست حرباً بين دولة ودولة أخرى، او حرباً على مستوى النخب المتصارعة في رأس السلطة، ولكن عندما تدخل الحرب الى المجتمع فهذه هي حرب أهلية، وهذه من أخطر الحروب، -التي تكون بين أقسام المجتمع-، سواء كانت على اساس طائفي، "سني - شيعي، او عرب - أكراد"، فهذه من أخطر الحروب.
الى جانب كونها حرباً أهلية فهي ذات مسحة طائفية وإن لم تكن حرباً طائفية، فيها بعض سمات الطائفية، ايضاً فيها شيء من المذهبية وان لم تكن مذهبية كاملة، لأننا نعرف ان هناك اناساً من الشافعية او من السنه يقفون الى جانب الطرف الذي يتهم بأنه طرف يمثل الشيعة او الزيدية، وهناك العكس ايضاً، افراد وحتى مقاتلين من الطرف الزيدي يقاتلون الشافعية، وبالتالي هي فيها ملامح ولكنها ليست طائفية وليست مذهبية خالصة. وبالتالي تندرج في إطار الصراع على السلطة أكثر من كونها صراعاً مذهبياً وطائفياً ولكنه أُلبِس لبوس الطائفية والمذهبية، هو صراع على السلطة، وهذا أمر سنبينه في الدقائق القادمة.
وبالتالي انا أقول ان التعددية الاثنية، ليست هي السبب الرئيس لهذه الحرب التي نعيشها، ولا أعتقد انها ايضاً سبب لكثير من الحروب في كثير من الدول.
التعددية، انا من المؤمنين بأنه لا يمكن بناء الديمقراطية إلا في ظل مجتمع تعددي، المجتمعات الأحادية ذات السلطة الواحدة، لا تنجح فيها الديمقراطية، ولا تتأسس فيها الديمقراطية.
في المجتمعات العربية المجاورة لنا، وأقصد بشكل أساس في دول الخليج العربي، لم تتأسس ديمقراطية لان المجتمع مجتمع عربي، مسلم، انحدر من قبيلة او قبيلتين...الخ، وبالتالي فهي مجتمعات احادية، وفي هذه المجتمعات الاحادية لا تتأسس الديمقراطية، تتأسس الديمقراطية في المجتمعات المنقسمة، والمجتمعات التعددية من خلال توافق. وعندما نتحدث عن دولة مدنية، الدولة المدنية من أهم شروطها انها دولة يصنعها الناس فيما بينهم ويتفقون على أسسها، وغالباً تأتي بعد حروب، تتم حرب ثم يتوافق الناس، يخرجون لا غالب ولا مغلوب بشكل نهائي، ثم بعد ذلك يتوافقون على أسس الدولة، وهذه هي الدولة المدنية التي يمكن ان تتأسس.
وبالتالي أرى ان التعددية هي شيء ايجابي، وتهيئ الشروط اللازمة للتحول الديمقراطي، وانا شخصياً كنت سعيداً عندما تأسست هذه المجموعة التي تسمى حالياً "انصار الله"، كنت مستبشراً انها سوف تقلل من غلو وحدة التيار الاسلامي الديني او الاسلاموي الذي كان سائداً والذي قمعنا بسببه لفترات طويلة لكنها حادت عن ذلك لظروف سوف نتحدث عنها. لأني من المؤمنين ان الديمقراطية لا تتأسس الا في مجتمع تعددي، فكنت أقول: "هؤلاء في مقابل اولئك"، وبالتالي الامور سوف تكون أفضل وسوف نستطيع ان نعيش في مجتمع يضمن الحد الادنى من الحريات ومن حقوق الانسان، لكن للاسف لم يتحقق ذلك، وانحرف مسار هذه التطورات بفعل عوامل سوف نتحدث عنها.
اذاً نحن هنا لا نقول ان التعددية هي المسؤولة وهذه التعددية ليست في طبيعة المجتمع اليمني ولكنها تم التلاعب فيها من خلال تسييس الدين وتسييس القبيلة.
نحن نعرف ان النظام الذي كان سائداً والذي ما زال هو المؤثر حتى الآن، -نظام حكم علي عبدالله صالح- تلاعب في الاجتماعية للمجتمع اليمني وبدأ يسلك –من أجل البقاء في السلطة- وفقاً للنظرية التي درسناها في الابتدائية "فرق تسد" او "قسم و احكم"، وهذه النظريات هي التي تعتمد عليها الديكتاتوريات في العالم الثالث، انها تقسم المجتمع حتى المجتمع ذي البنية الواحدة، تقسمه بحيث يسهل عليها الحكم في هذا المجتمع، وهناك كتيب صغير وهو عبارة عن مقال اعتقد اسمه "العبودية المختارة"، يتحدث عن كيف يستطيع الحاكم الفرد ان يحكم مجتمعاً فيه برجوازية وفيه عسكر وفيه مختلف الحركات، كيف يستطيع؟، هل هو سوبر مان؟ يقول بأنه يقسم المجتمع ويقرب منه النخب، كما فعل نظام علي صالح، وبالتالي من خلال هذا يستطيع ان يحكم.
تم التلاعب بالبنية الاجتماعية، واول الخميرة او النواة الاولى لما نحن فيه هو عندما تم دعم تأسيس مركز دار الحديث في دماج في صعدة، معروف انها منطقة زيدية وكان من الغباء، او من الذكاء كما يدعي الشخص المسؤول عن ذلك ان يؤسس مركزاً سنياً في هذه المنطقة، وليس سنياً عادياً، وهابياً متطرفاً، هذه كانت بذرة الصراع الاولى، بعد ذلك دعم الطرف الآخر، ونحن نعرف ان هناك دعم ل "منتديات الشباب المؤمن" من قبل نظام علي عبدالله صالح لمواجهته، وبالتالي كان كما يقول المثل الشعبي في قريتي "يزرع ويعمل جراد" فهو عمل "مقبل الوادعي" وعمل في مقابله "منتديات الشباب المؤمن" ودعم الاثنين، ونحن نعرف ان المعسكرات كانت تدعم القبائل التي كانت تتحارب فيما بينها.

حرف مسار الثورة
السبب الثاني من الاسباب الرئيسة لهذه الحرب ايضاً هو حرف مسار أهداف ثورة 26 سبتمبر في ظل نظام حكم علي عبدالله صالح. ثورة 26 سبتمبر قامت لرفع ظلم عن المجتمع اليمني، وبالتالي ايجاد دولة المواطنة والجمهورية، وجمهورية بمعنى – عندما ننظر في صلب النظام الجمهوري- هو حكم الشعب، يترجم هكذا، لكن لم يحكم الشعب في فترة النظام السابق، وانما حكمت طبقة حاكمة او نخبة مشكلة من كبار ضباط القوات المسلحة وأقصد بذلك بالذات "جنرالات سنحان" وكبار مشايخ اليمن، هذه الطبقة التي كانت تحكم، وانتم انظروا الى كل التعيينات التي تمت، كان المحافظون من ابناء مشايخ القبائل، وكلاء المحافظات، وكلاء الوزارات، رؤساء المصالح، كلهم من أبناء مشائخ القبائل وابناء كبار الضباط، وكلهم للاسف -نحن نعرف دوائرنا التي كانت في النشمة كيف تم التلاعب بها واخذها ابن الدكتور رشاد العليمي- ونجد فيها الوراثة نحن نعرف شخص من الاشخاص بأنه فاشل في مجاله هو وأولاده كلهم يحتلون مواقع عليا في الدولة في ظل حكم علي عبدالله صالح، وكأنهم يتمتعون بذكاء فطري في جيناتهم، نحن مجتمع صغير ونعرف بعضنا ونعرف مستويات إنجازاتهم.
وبالتالي عندما مُكن المشايخ من حكم الدولة والسيطرة على السلطة، تحول الامر الى قدر من الثأر السياسي، حتى نكون منصفين ان كبار المشائخ ضايقوا المجتمع اليمني وفي مقدمته شريحتان او فئتان، "الهاشميين والمثقفين". هناك عرقي وهنا اجتماعي، ونعرف نحن السجون وكيف تمت معاملة المثقفين، وأتذكر في عام 1982 انه اعتقل ربما 90% من طلبة جامعة صنعاء كانوا يأخذونهم الى الأمن الوطني حسب التسمية حينها، يحلقون لهم صلعة ويخرجونهم بعد اسبوع اسبوعين شهر، شهرين، ثلاثة، والذي يطوّل سنه، وكنت تشوف الناس بعد الظهر في شارع جمال كلهم صلع، وبالتالي كان هناك اختلال كبير في هذه الشريحة.
الهاشميون وكبار المشايخ اعتبروا ان هذه الثورة لإسقاط الهاشميين، الثورة دائما تنزل هذا قليلاً وترفع هذا وتجعلهم متساويين، دائماً الثورات تأتي لتحقق المساواة وتحقق العدالة بين الناس وليس قانون الغلبة، أي انه فئة تسقط فئة وتحل محلها، للأسف الشديد المشايخ تصرفوا وكأن المسألة فيها قدر من الثأر السياسي تجاه فئة من الفئات في المجتمع اليمني.
أنا أتحدث بصراحة وأعرف ان الحديث قد يزعج البعض، ويجد البعض له نوع من النشوة، لكن في الحقيقة سوف نتكلم انه كلنا مخطئون، "ومن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"، المجتمع اليمني فيه قدر من العيوب البنيوية التي ينبغي تخطيها، وانا متأكد انه في المستقبل اذا تم ممارسة السلطة بالطريقة نفسها ايضاً سوف تظل الحروب قائمة، اذا جاء الفريق الآخر - وانا أتوقع ان المسألة سوف تحسم بالحرب ولن تحسم بغيرها – وسوف نتحدث عن الحلول السلمية ولكن أرى ان الحرب هي التي سوف تحسم الامر، لأن واحداً من الاسباب الرئيسية للحرب التي نعيشها حالياً هو ان ثورة فبراير 2011 تم التلاعب عليها واحتواؤها والتحول الى نوع من التسوية السياسية بين النخب التي كانت اصلاً مكونات في النظام القديم، ومن هنا تم الالتفاف على ثورة فبراير 2011، انا كنت مع رأي ان تتحرك الجماهير الى القصر وتسقط علي عبدالله صالح كما اُسقّطْ "تشاوشيسكو"، في هذه الحالة ممكن ان تكون ثورة، أما ثورة فيها تقبيل رؤوس وفيها رفع جاكيتات لا يمكن ان تحقق شيئاً. الثورات الكبرى تأتي عبر حرب أهلية وهذا قانون معروف، اما ان تأتي عبر تقبيل رؤوس وان فلان يلتقي فلان هذه مسألة اشك فيها.

غياب الدولة
لا توجد دولة في المجتمع اليمني، كنا نعيش في مرحلة ما قبل الدولة، وهناك ما يسميه ماكس فيبر "بترمينيان ستيت" هذه بصراحة نحن لم نعرف كيف نترجمها، انا شخصيا اجتهدت وقلت "الدولة العائلية"، ولذا في بداية الثورة كنت اقول الجيش العائلي، النظام العائلي، الحزب العائلي، وهكذا، كلمة "بترومني" تعني العزبة، شخص يدير الدولة كأنها عزبة خاصة له، الاخوة اللبنانيين يقولون "دولة العزب" وهو مصطلح جيد، وهذا كان عندنا، الدولة تدار بالعلاقات الشخصية، رئيس الدولة كان يتصل برئيس قسم يقول له (إفعل ولا تفعل، تصوروا رئيس الجمهورية اتصل بقسم الاجتماع من اجل تعيين شخص معيد. فالدولة لم تكن موجودة ، وفي حالة غياب الدولة يعني غياب جيش وطني محايد، ولو كان هناك جيش وطني قوي كان لا يمكن ان تحدث هذه الحرب، كان سيقمع كل من تسول له نفسه ان ينقلب على النظام او من تسول له نفسه ان ينقلب على السلطة بطرق غير ديمقراطية، لكن لم يكن لدينا جيش، الجيش كان منقسماً بين علي محسن الاحمر وعلي عبدالله صالح، وهذا للأسف الشديد ايضاً من عوامل الحرب.
كنا نقول بأنه هذه الثورة ينبغي ان تكون للجميع وتستبعد كل هذه النخب التي سيطرت على السلطة، بعض شركاءنا في ثورة فبراير كانوا يقولوا لا.. "بطل الثورة.. صانع الثورة.. حامي الساحة.." هو شريك في السلطة وفي الفساد وفي كل ذلك، والان أخاف ان يتكرر الموضوع مرة أخرى وعلينا ان نحتاط من الان.

عدم وجود نظام سياسي ديمقراطي
في حالة غياب الديمقراطية يصبح الوصول الى السلطة عن طريق احد مسارين (النفاق السياسي او القوة) الضعيف الذي لا يقدر على الحرب يتملق، وزملاءنا في جامعة صنعاء للأسف الشديد طول الليل وهم يتصلوا للقربي، يتصلوا لرشاد العليمي، يتصلوا بفلان... "بالله عينونا عميد كلية، بالله اشتي رئاسة جامعة.." ويتنقلوا من حزب الى حزب، واحد زملائنا عندما كنا ندرس في القاهرة كان يتصل بالمشرف "ازاي الهانم الصغيرة" وذلك في عيد ميلاد ابنته، والمشرف لا عارف متى ولدت، لا هو ولا زوجته ولا عياله، لكن هناك نوعيات من الناس هذه وظيفتهم.
اما عن طريق النفاق السياسي او عن طريق القوة، الذي عندهم بنادق "زي أصحابنا" بالقوة والضعيف عن طريق النفاق، وهذه من السباب البنيوية.

الدعم الخارجي
انا اقول ضعف الدولة وما سببه من انه جعلنا مسرح للتدخلات الخارجية، الدول الضعيفة دائماً مسرح للتدخلات الخارجية، نحن ولبنان مثلاً دائماً الذين يريدون تصفية حسابات يصفونها عندن نحن ولبنان لاننا دول ضعيفة، وتعرفون تراث الاغتيالات السياسية التي تمت في لبنان، الان قد اتحسنت الامور شوية وبقوا يتنافسون بطرق مختلفة. وبالتالي انا ادعي بان التدخلات الخارجية سواء التي جاءت من ايران، او التي جاءت من دول الخليج العربي هي اصلا من العوامل التي تعزز توجه المجتمع نحو الحرب.

الاسباب المباشرة
اول سبب من الاسباب المباشرة هو الالتفاف على ثورة فبراير، علي عبدالله صالح وقع على المبادرة الخليجية وهو غير مقتنع ولكن لأن ثورة فبراير فككت التحالف الذي كان يحكم به "علي محسن ومشايخ القبائل وكبار الضباط...الخ" ثورة فبراير فككت هذا وكان يبحث عن حلفاء جدد وكان يبحث عن اعادة تنظيم قواته وسلطته حتى يتمكن من الانقضاض على ثورة فبراير، حاول في البداية يوم جمعة الكرامة وقبلها بيوم في الحديدة، وبعدها بيوم في الجوف ولكن رأى انه لا يمكن يقمع هذه الثورة بالقوة لانها طوفان بشري وبالتالي كان بحاجة الى ان يعيد ترتيب صفوفه خلال فترة، ولهذا وقع على المبادرة الخليجية وبدء يتعامل من اجل ان يجد حلفاء جدد، وللأسف الشديد وجد هذا التحالف مع الحوثيين.
دائماً في كل المجتمعات النصاب من اجل ان ينصب عليك يأتي يقول لك : معي لك ارضية في شارع الزبيري سعر اللبنة بمئتين الف ريال، انت تطمع وتقول فرصه.. وهذا ما فعله مع الحوثيين، قام بتوريطهم بحرب انا اقول بانها سوف تعيدهم الف سنة، ولهذا الان أمامنا ان نتدارك ذلك، ونعمل تسويات سلمية لأن المسألة ستؤدي بعد ذلك الى اما ان نتحول الى صراع طائفي او اشياء اخرى سأتحدث عنها، لكن بصراحة كانت توريطه، انا شخصياً كتبت مقال بعنوان "انقلاب صغير وانقلاب كبير قادم" بعثته الى السفير اللبنانية وكنت اكتب فيها، زميلتي هناك وهي من اليسار بقت تعدل لي في المقال وتقول هذه العبارة لا.. وهذه و...الخ واول مرة يحصل لي ذلك، ثم قالت لي بصراحة نحن ممولين من ايران ولا نستطيع ان ننشر الا ما يتوافق مع هواهم، وكان هذا قبل الحرب ، وفكرة المقال تقول ان علي عبدالله صالح سوف يور\ط هذه الجماعة ولن يسكت الجوار الاقليمي ولا المجتمع الدولي على ان هذه الجماعة تأخذ السلطة، -المقال ما زلت احتفظ به واعدكم انني سأنشره على صفحتي في الفيسبوك- لم اكن اتوقع الحرب وانهم سيحاربون، ولم اكن اتوقع ان تأتي الطائرات السعودية لليمن، كنت اتوقع حصاراً اقتصادياً خانقاً، حرب مالية...الخ، وبالتالي سيختنق المجتمع اليمني كما هو حاصل الان، لكن لم اكن اتوقع الحرب وفوجئت بقيام الحرب يومها وانا في تعز قمت اشوف التلفزيون وهو يقول الطائرات السعودية تضرب صنعاء.

التهرب من تنفيذ مخرجات الحوار الوطني
لم يكن الطرفان راغبين، وكل القوى التقليدية بما في ذلك شركاؤنا في الثورة لم يكونوا مؤمنين بقضايا الحوار الوطني ومخرجاته، لا يريدون الاقاليم ولا يريدون التحول الى نظام انتخابي بالقائمة النسبية، ولا....الخ، لان هذه الشروط تهيئ الساحة للقوى الحديثة، القوى التقليدية لا تريد الا كنتونات صغيرة تحكمها، تصوروا انه كان عندي بحث في دائرة من دوائر عمران ولم استطع دخول الدائرة الا بعد ان اتصلوا بشخص كبير "الشيخ الذي في الخارج الان".

الانقلاب على السلطة الشرعية
ما حدث هو انقلاب هم يقولونا ثورة وفي احسن الاحوال لو وافقتهم على انه ثورة فهي "ثورة مضادة". هذه ثورة مضادة كان لدينا ثورة وكنا شركاء فيها ثم اُنقلب عليها باسم ثورة البترول والجرعة و...الخ، وهذه كلها أكاذيب، شوفوا السوق السوداء الآن، هل يستطيع ان يقول انه قام بثورة من اجل الالف الريال التي رفعت فوق سعر الدبة البترول وهو يبيعها الان في كل مكان في السوق السوداء؟!
كانوا يطالبون بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وفي الاخير أول مظاهرة خرجت ضدهم اعتقلوا الناس كلهم بل واخذوا بناتنا بنات الحزب، وانا احيي نضال الشباب والشابات من مناضلي الحزب الذين خرجوا قبل ان يخرج المتشدقون حالياً بأنهم هم الذين يقاومون الانقلاب والثورة المضادة.

ايقاف الحرب
انا أرى ان الحرب لن تقف، سوف تستمر وسوف يظل كل طرف يراوغ على الاخر الى ان تحسم عسكرياً الا اذا قام الطرف الداخلي ممثلا بالحوثيين بإدراك ان علي عبدالله صالح ورطهم وبالتالي التخلص من هذا التحالف مع علي عبدالله صالح والدخول في تفاوض يخدمهم ويخدم اليمن في المستقبل، لأنه بانتهاء هذه الحرب سواء بالأسلوب المسلح او بالتفاوض لا بد ان يخرج علي عبدالله صالح من السلطة ومن اليمن.
الذي يضمن انهاء الحرب مستقبلاً وعدم الدخول فيها هو بناء دولة ديمقراطية وبناء دولة مدنية وتأسيس نظام ديمقراطي يكفل الوصول للسلطة عن طريق التنافس.
نحن الان نتصارع على السلطة المركزية كل واحد يريد ان يصعد بدل علي عبدالله صالح، لكن لو كان هناك نظام اتحادي سنتصارع على منصب المحافظ، حاكم الاقليم، ....الخ وبالتالي سوف نفكك صراع المرجعيات.

مرجعيات الحوار
المرجعية الوحيدة التي يمكن ان تنهي هذا الصراع هي قرار مجلس الامن 2216 ولا غيره، البعض يتكلم عن السلم والشراكة انا اقول الشراكة مهمة ولا يمكن بناء مجتمع ديمقراطي ودولة حديثة الا بالشراكة، لكن ليست اتفاق السلم والشراكة، هذا اتفاق تقسيم طائفي وفئوي، علينا ان نؤسس شراكة حقيقية وفقاً لمقولات مفكرين وليس اثنين مبندقين دخلوا من صعده واستولوا على السلطة وبالقوة يخليك تعمل اتفاق، يجبرك ويكسر يدك، هذا الامر ليس صحيحاً وهذا انقلاب وبداية الانقلاب كان اتفاق السلم والشراكة.

الأستاذ منصور هائل عضو الأمانة العامة لحزب التجمع الوحدوي، رئيس تحرير صحيفة التجمع
العقبة الكارثية قمة السلطة العصابية للفساد المكثف

بداية أعتقد ان السبب الرئيس لهذه الدوامة العنيفة التي تعصف بنا جميعاً تكمن في استخدام القوى الممانعة والرافضة لمنطق التعاقد السياسي وكل محاولات السعي للرسو على عتبات الدولة، دولة القانون في اليمن منذ عهد بعيد بخاصة منذ إبرام العقد السياسي الأول الذي قامت بموجبه صيغة الوحدة وجمهورية 22 مايو.
ان العقبة الكارثية العنيفة التي تقف وراء كل ما نشهد من إحتراب وخراب مصممين تكمن في قمة السلطة العصابية للفساد المكثف وفي رأس الحربة الذي دفع بالبلاد الى قعر الهاوية ولا زال يتحكم في معظم خيوط شبكة الانهيار "علي عبدالله صالح" سيد الخراب بامتياز، قد يقال ان في الامر شخصنة مع ان واقع الحال كان يشهد في عهد هذا المخلوع من كرسي الرئاسة من غير ان يخلع، كان هذا العهد محكوما بشخصنة مفرطة، كان المذكور هو رأس الحربة مؤسس الانقلاب على منطق التعاقد السياسي. فبعد ابرام اتفاقية نوفمبر 1989 والاعلان عن قيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990 بدء التحرك السريع نحو الاستفتاء المستعجل وبما يخالف الاتفاق، واختزال الفترة الانتقالية، في هذه الاثناء كان يجري التضييق على الحزب الاشتراكي الذي ترجع مصيبته الأم -كما غيره من الأحزاب السياسية- الى الانخراط في غواية الوحدة الفورية الاعتباطية واتباع تيار الانفعالات العارمة والعواطف الجياشة.
نعم كان الانقلاب على شرط التعاقد الذي كان أساس قيام الوحدة وهو الهدف الاساس الذي اندفع مركز النظام في صنعاء بزعامة صالح لإحرازه، والانقلاب على كل التعهدات السابقة واتفاق السلم والشراكة واتفاقيات "الشرع" الذي تم التوصل اليها مع الشريك الجنوبي فيما كانت عمليات التضييق والاستهداف للقيادات تجري برعاية رأس النظام التي كان يدفع بقوة لاستعجال الانتخابات التي جرت في 27 ابريل 1993م لتتمخض عن حصول المؤتمر الشعبي العام وحزب الاصلاح على أكثر من 60% من مقاعد مجلس النواب فيما حصل الاشتراكي على المقاعد في دوائر المحافظات الجنوبية كافة وعلى أغلبية الأصوات في عموم البلاد.
لم تؤخذ في الاعتبار حقيقة الاختلال السكاني بنسبة 1:5 بين الجنوب والشمال.
في الاثناء كان حزب الاصلاح سندا هاما لصالح وابدى حماسة فائضة في تغليب منطق الأغلبية وفي التركيز على ان تكون الشريعة مصدر جميع القوانين، وفي تأهيل نفسه لأن يكون شريكا لصالح في الحرب على الاشتراكي وتقويض المبدأ الذي قامت عليه دولة الوحدة.
من يومها كانت القضية الجنوبية، كان الهاجس الرئيس لمطابخ صنعاء هو تمرير التعديلات الدستورية التي تتمحور جميعها حول ترتيب وضع الرئيس عبر مناقشات ثنائية ومناورات مرهقة مع الاشتراكي، ثم عبر الحوارات الثلاثية مع (الاشتراكي - المؤتمر - الاصلاح) وتلازم ذلك مع تفجير لمنازل ومقار الاشتراكي وإغتيال اعضائه وكوادره القيادية وتضييق وخطف قياداته، وخنق لقيادته خاصة شخص الامين العام.
في مايو 1993م اعلن عن اتفاق بين الاشتراكي والمؤتمر وجرى الانقلاب عليه في اغسطس 1993م عندما تم ابرام اتفاق ثلاثي مع حزب الاصلاح.
كل هذه المناورات كانت تدور حول ترتيب وضع الرئيس، وكان في تلك الأثناء وبالذات في اغسطس كان الاعتكاف الاخير للأمين العام، ويعد تاريخ 13 اغسطس تاريخ قطيعة لن يعود بعدها علي سالم البيض لحضور اجتماعات مجلس الرئاسة، كما لم يحضر مراكز تنصيبه كنائب.
في تلك الاثناء كان حزب الاصلاح ممثلا بشخص الزنداني وغيره -مع ملاحظة ان الزنداني صار عضوا في مجلس الرئاسة- هو المنتجع لتهميش الاشتراكي، وكان المؤتمر والرئيس يلعب دور الوسيط الزائف، وكان الهدف واضحا من كل ذلك وهو اضعاف دور الجنوبيين واجبارهم على التراجع عن شروط التعاقد السياسي الأصل عند اتفاق الوحدة.
صار صالح يتطلع ويعمل على توسيع شبكة التابعين له حتى داخل المكتب السياسي للحزب.
كان الحزب الذي فاز بتمثيل المحافظات الجنوبية وحصل على اغلبية الاصوات في اليمن قويا من هذه الناحية، وفي الوقت نفسه كان محدودا وضعيف النفوذ داخل النظام السياسي، ومن هنا كان عليه التوجه نحو خلق ظروف لحوار واسع بين القوى السياسية للتوصل الى عقد جديد فقد انقلب صالح وحلفاءه على العقد الاصلي.
في 20 سبتمبر 1993م اصدر المكتب السياسي بيانا تضمن مطالب الحزب في 18 نقطة، تضمنت اعتقال المتورطين في اغتيال كوادر الحزب وقياداته، اخلاء المدن من المعسكرات، اللامركزية، اعطاء المحافظات استقلال او حكم ذاتي عادل، تشكيل القوات المسلحة وفقا لمعايير الكفاءة والخبرة، وكل ما هو اساس وانسحب على مخرجات الحوار الأخيرة.
كانت تلك النقاط اول نجاح سياسي للحزب ساهم في وضع اليمنين والأطراف الخارجية امام صورة الازمة المحتدمة كما جعل الأزمة موضوعية، علاوة على انه فتح باب التحالف مع الاحزاب المعارضة عندما انصبت مطالبه في اطار وطني.
اتصالا بذلك مثلت النقاط ال 18 تحولا في الاستراتيجية الجنوبية للحزب تجسد في الاقتراب مع ما تطرحه المعارضة، ثم كان الانعطاف الاهم ويتجلى باعلاء مبدأ العلنية وتنفيذ الغموض الذي اكتنف علاقة الحزب بالمؤتمر ورئيسه، وحكم على قيادة الحزب بالسجن لمجرد اشتراكهم في سلطة صنعاء الذي دفعوا ثمنه غاليا.
تمسك علي سالم البيض بإصراره العنيد ورفض العودة الى صنعاء لمجرد الاتفاق على كلمة شرف، او القبول بعودة مشروطة لبداية ملموسة لتنفيذ المطالب الموجهة الى صالح ودعا البيض الى اقامة دولة القانون وكانت دعوة صريحة للانفكاك عن الهيمنة الطاغية لصالح، وسعى الحزب الى حشد
المجموعات السياسية والجماهيرية وراء المطالبة بحكم لامركزي، ووراء شعار الاحتجاج على احتكار الموارد العامة من قبل الرئيس ونظامه واتباعه بمنع الانفاذ، وعلى قدر ما اصبح هذا المطلب جنوبيا في جوهره بعد ان قلصت الانتخابات دور الجنوبيين فقد التقى مع مصلحة اغلبية السكان في البلاد.
اقترب الحزب في هذه الاثناء ايضا من اللعبة القبلية ودخل فيها بحدود لزوم التعبئة والتحشيد.
في لحظة تالية اصدرت احزاب المعارضة بيانا كان ضربا من التنويع والتوسيع لبيان الاشتراكي وبرنامج النقاط ال 18 وتضمن حكماً محلياً، اعادة هيكلة القوات المسلحة، اصلاح ادارة الاموال العامة، استقلال القضاء.
بالنسبة لصالح ما كان منه الا ان ينحني بمكر المراوغ ليتصاعد مسار ورقعة الاحتجاجات والضغوط وتمسك كالعادة بقواعد المؤامرة حين اعلن قبوله بالنقاط ال 18 ولكن دون اتخاذ اية خطوة توحي بالتوجه لتنفيذها.
وفي وقت سابق كان المؤتمر الشعبي اصدر بيانا من 19 نقطة يؤكد على ضرورة الحفاظ على الوحدة ويندد بسيطرة الاشتراكي على الجنوب، ويطالب بتسليم الاشتراكي للوحدات العسكرية التابعة له.
استمر الجدل العقيم مع المؤتمر وبالأحرى مع رئيسه، وكانت فجوة عدم الثقة تتسع كما هو الآن ولم يعد بالإمكان الرهان على اي تقارب من الجانبين حتى اندلعت الحرب في صيف 94م.
قبل اندلاع الحرب كان الحزب وحلفاؤه احرز نجاحا لافتا وتاريخيا عندما تمكن من الدفع بعملية تشكيل لجنة للحوار في نهاية نوفمبر 1993م كلفت بالعثور على حل للأزمة حسب الوقت حينها.
من يومها حكم بالعزل على مركز السلطة في صنعاء يومها وكانت اقلية واصبحت لجنة الحوار هي الرمز الملموس للوحدة اليمنية واثمر عملها للوصول الى وثيقة العهد والاتفاق او كيفية تحويل النظام الى دولة.
اعلنت الوثيقة في 18 يناير 1994م ووقع عليها جميع المسؤولين في 20 فبراير 1994م في عمان وتمحورت حول العودة الى منطق التعاقد السياسي الذي انقلب عليه علي عبدالله صالح وحلفاؤه ولكن بتجاوز الترتيبات الثنائية واستيعاب المشاركين الفاعلين والمساهمين في صياغة الوثيقة.
تركزت الوثيقة على تنفيذ مطالب الاشتراكي في الجزء الاول منها وعلى مطالب الاشتراكي وجميع القوى صاحبة المصلحة في اقامة دولة القانون في اليمن.
انطوت وتضمنت الوثيقة وافصحت ايضا عن ادانتها لممارسة صالح واداء جهازه الفاسد ونصت على إقامة دولة اتحادية من خمسة اقاليم -"المخلاف كان يشكل اقليم لو عقدنا مقارنة" - يعني دولة اتحادية من اقاليم كما اقترحت مخرجات الحوار، ولعل منطق التعاقد السياسي هذا كان غير مسبوق في شبه الجزيرة العربية.
اتضح ان لب المشكلة يكمن في هيمنة سلطة فردية عائلية تسعى بعناد لإخفاء وجهها العصبوي وراء خطاب وحدوي فارغ المعنى والمستوى.
لقد مست الوثيقة تلك السلطة التي سارعت الى التعبئة والتحشيد جنبا الى جنب مع مطالبة امين عام الاشتراكي بالعودة الى صنعاء والتفاهم حول تنفيذها ضمن نية مبيته لاستدراجه ثم القبض عليه وفرض الاقامة الجبرية عليه على نحو ما حصل مع عبدربه منصور هادي الذي لم يفهم الدرس.
راحت صنعاء تنادي بحب الوحدة اليمنية وكان علي صالح يختم كل خطاباته بشعار "الوحدة او الموت".
ارتفعت حركة الاعتصامات والاحتجاجات التي كان يقودها الاشتراكي وتشكلت لجنة وثيقة 18 يناير في تعز، واحرزت المطالب الاحتجاجية خطوة متقدمة بالتأكيد على تطبيق الوثيقة حينما وحيثما امكن ذلك.
استثيرت سلطة المركز المقدس كما يقال واعتبارا من عام 1994م منح الزنداني ترخيصا لالقاء المواعظ والخطب التحريضية في معسكرات الشماليين لمهاجمة القادة الجنوبيين ووصفهم بالكفرة، الشيوعيين، الملحدين، الانفصاليين.....الخ.
الواقع ان النظام استشعر بالخطر الدائم والمؤكد انه بالفعل تعرض للتهديد المباشر حتى وجد نفسه امام احتمالين "اما الحفاظ على الوحدة على اساس جديد وفق اتفاق عمان او القبول بانفصال واقعي في مناطق الجنوب" وازاء ذلك لا يستطيع سوى الحرب، والحرب هي دائما في عقيدته.
في 27 ابريل اعلن صالح خطاب الحرب لتندلع المواجهات هنا وهناك وتندلع الحرب الشاملة على الجنوب في 4 ما يو 1994م ولم تتوقف حتى بعد استباحة عدن في 7 يوليو 1994م.
فرضت الحرب واقعاً جديداً وبعد انقضاء اكثر من عشرين عاما اعلن صالح مرة اخرى في 9 مارس 2015م خطاب حرب وهدد فيه قيادات بزعامة عبدربه منصور بترحيلهم عن طريق البحر ولوح بيده.
لم يكن التوقيع على وثيقة العهد في فبراير 94م سوى محاولة لكسب الوقت، وحين اندلعت الحرب في 4 مايو 94م كان قد اصبح الوضع ان الحرب الاهلية هي القاعدة الوحيدة المعترف بها في السياسة اليمنية.
كانت هذه الحرب حسب الدكتور ابو بكر السقاف لجوءً الى المبدأ الوحيد الذي تعرفه العقلية العسكرية القبلية، وكان الهدف الابرز هو تدمير جيش الحزب الاشتراكي (جيش الجنوب) ورفض تنفيذ وثيقة العهد والاتفاق.
الحرب التي اعلنت في مارس 2015م كان هدفها الرئيس هو تدمير ما هو مدمر في الجنوب وفي اليمن عموما والانطلاق نحو خوض حرب مع الاقليم. الحوار قبل حرب 94 لم يحل دون لجوء المشاركين الى العنف المسلح.
انجز الحوار الوطني واتفق على نظم الدولة الاتحادية المشكل من اقاليم وكادت ان تخرج الى النور وثيقة مخرجات الحوار ولكن جرى الانقلاب عليها وجرى اختطاف الدستور في لحظة فارقة دشنت لهذه الحرب التي نشهد.
بالأمس تحالف صالح مع القبيلة (الاسلام السياسي السني الوهابي) واليوم تحالف مع الطائفة (الاسلام السياسي الزيدي بالطبعة الشيعية).
بالأمس اندلعت الحرب على الجنوب تحت يافطة محاربة الكفرة والشيوعيين واليوم لمحاربة الدواعش والتكفيريين وقبل ذلك في عهد الامام بسلطة كانت الحرب على الجنوب مبررة بالفتوى التي تعتبر الجنوب ارض حلالاَ ومباحة للناهبين.
عموما هذه نقاط او اشكال خواطر من خلال بعض من خلال بعض الإشكال التي نشهد، لكن يظل النقطة الاساس انه الآن هناك فشل في ادارة الاختلاف قادت الى هذه الحرب.
الرهان هو على ان يكون الاشتراكي والقوى المدنية والسياسيين مجتمعة تقوم بعمل اختراق بالتأسيس لتوجه مدني وقوة ضاغطة فعالة تضغط باتجاه استبعاد الخيار العسكري والتعويل على رهاناته لأنه من شأنها ان تكرس لواقع الميليشيات والجزر والمقاطعات في عموم البلاد، وتنذر بالتفكك وما نشهد حاليا.

الأستاذ طاهر شمسان نائب رئيس الدائرة الإعلامية في الحزب الاشتراكي اليمني
بما ان قضايا الصراع غير وطنية فإن التسويات تقوم على أسس غير وطنية غالباً
السؤال المطروح علي في هذه الحلقة من شقين الشق الاول أهمية إشراك القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية في صياغة رؤى التسوية السياسية الشاملة والشق الثاني مخاطر حصر المشاورات التي ترعاها الامم المتحدة في طرفي الصراع او في تكتلات ما قبل الحوار الوطني، وهذه التكتلات ربما قصد بها منظمو الندوة المؤتمر وشركاءه والمشترك وحلفاءه.
فيما يتعلق بالشق الاول الذي هو ضرورة اشراك القوى والفعاليات الاجتماعية في صياغة التسوية لدينا سؤال؟ من هي الفعاليات الاجتماعية التي تشدد هذه الحلقة النقاشية على اهمية اشراكهها في صياغة رؤى التسوية الشاملة؟ من هي بدقه؟
يبدو ان المقصود بها قوى منظمات المجتمع المدني وبالتحديد المنظمات النوعية كنقابة المعلمين، والمحاميين والمهندسين، والاطباء، والصحفيين والاعلاميين وما شابه ذلك.
السؤال: اين هي هذه الفعاليات؟ هل اعلنت عن نفسها؟ هل يوجد لها عنوان في الواقع العملي ام هي حالة لا وجود لها الا في التنظير؟
هذه ليست اسئلة تهكمية ولا هي تعبير عن حالة تشاؤمية، وللتدليل على انها اسئلة مبرره لاحظوا ما يلي:
اولاً مضى على اجتياح الحوثي للعاصمة صنعاء وعلى ذلك النحو الهستيري اكثر من عام منذ سبتمبر الماضي وعوضاً عن قبولها باتفاق السلم والشراكة -والذي اعترض عليه الدكتور عادل، وهو ربما يكون على حق- عوضا عن قبولها باتفاق السلم والشراكة ودخولها طرفا في التفاوضات السياسية ذهبت تتوغل في المحافظات في اطار مخطط مرسوم للإطاحة بالعملية السياسية والسطو على مؤسسات الدولة المركزية والمحلية، واعتقال حكومة الكفاءات التي كانت قد طالبت بها، ووضع الرئيس التوافقي تحت الاقامة الجبرية، وكل هذا كان ثورة مضادة مكشوفة ما كان لميليشيا الحوثي ان تقدم عليها دون التحالف مع الرئيس السابق، قاتل زعيمها المؤسس وصاحب ومالك السلطة العميقة في البلاد، ومع كل هذا لم نلحظ اي تحرك لقوى المجتمع المدني والفعاليات الاجتماعية مع ان الظرف كان ولا يزال ظرفا ضاغطا على نحو يستوجب سرعة تكتل هذه القوى في مقاومة مدنية سلمية منظمة تشل حركة الحياة امام الميليشيات المتوحشة وتشعرها بخطأ حساباتها وان "البرم ليست كلها لسيس"، لكن شيئا من هذا لم يحصل على الاطلاق، ولأنه لم يحصل انبرت "الميليشيات المضادة" لتملأ الفراغ وتخطف شرف المقاومة تحت مسمى المقاومة الشعبية التي لا يمكن اعتبارها كلها وطنية لمجرد انها تتصدى بالسلاح للائمة الذين استدعاهم الحوثي من القبور لاستعباد الشعب اليمني في زمن اصبحت فيه الحرية عنوانه الأبرز.
لذلك قبل ان نتحدث عن شراكة الفعاليات الاجتماعية في صياغة رؤى التسوية علينا اولا ان نبحث عنها لنتأكد من وجودها او عدمه.
ثانيا: يفترض في قوى المجتمع المدني ان تكون خط الدفاع الاول عن القانون والحياة المدنية وصاحبة الاستجابة السريعة للتعاطي المدني مع الثورة المضادة، وتعرية قبحها وهمجيتها.
لماذا نلق بهذا العبء على قوى المجتمع المدني؟
اولا لأنها كما نتصورها جميعا نابعة من صميم المجتمع ولأنها ابعد ما تكون عن البيروقراطية وحسابات الايديولوجيا والعصبوية، ولأنها متحررة من قيود وحسابات السياسة. لكن حتى اليوم لا نعرف لها عنوانا واضحا ناهيك عن المواقف!
لذلك من الصعب ان نبدأ من الحديث عن اشراكها في رؤى التسوية، ويبدو لي ان علينا ان نفتش عن بداية اخرى تفضي الى الحديث فيما بعد عن اشراكها. وهذا يدفعنا دفعا الى التساؤل عن اسباب غياب قوى المجتمع المدني حتى الآن؟
وبهذا التساؤل نحن لا نفعل اكثر من قرع الجرس لتصحو هذه القوى وتستدرك ما فاتها من دور ضروري وهام، عليها ان تستدرك امرها وتجمع شتاتها، عليها ان تبادر الى عمل اي شيء اقله تقديم الرؤى دون ان تنتظر اذنا من احد. عليها ان تتحرك كقوى ضاغطة تتبنى القضايا الاجتماعية والانسانية وممارسة الاحتشاد المدني المنظم حول هذه القضايا لاجبار القوى التقليدية النافذة، الرسمية والعنفية، على افساح الطريق لتلك القضايا.
وخلاصة السؤال الاول ان مجتمع القوى المدني غابت او غيبت ولم تعلن عن نفسها بعد، مع ان فرصة الاعلان متاحة على نحو استثنائي.
فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال، والذي هو مخاطر حصر المشاورات التي ترعاها الامم المتحدة في طرفي الصراع. نكاد ان نرى هذه المخاطر بالعين المجردة دون ان نقع في شبهة التشاؤم، فما يتم عندنا عندنا في اليمن عادة ليس تسويات نهائية وانما ترحيل الازمات، وتأجيل الصراعات، لماذا؟ لأن الاطراف التي تفجر الصراعات الدموية تفجرها في الغالب الاعم على قضايا غير وطنية، لا علاقة لها لا بالمواطنة ولا ببناء الدولة.
وبما ان قضايا الصراع غير وطنية فان التسويات التي تقوم في الغالب تقوم على اسس غير وطنية .
محتوى الصراع غير وطني بالتالي التسوية تكون غير وطنية، فجهدها ينصب على وقف الحرب الى اجل غير مسمى، اما المعالجة الجذرية لأسباب الصراع فليست من القضايا المفكر بها عند اطراف تنظر الى بناء الدولة نظرتها الى المبيد الحشري الذي تخشى من سمومه المتمثلة في مصالحها غير المشروعة. وهي عندما تخشى تعلم من ماذا تخشى.
لذلك بمجرد ان تصمت المدافع نراها تسارع على تقوية نفسها استعدادا لدورة عنف قادمة تترقبها عاجلا او آجلا انطلاقا من ادراكها لطبيعتها الذاتية كقوى لا تستطيع او بالأصح لا تريد العيش الا في مربعات الاستقواء والهيمنة والمصالح غير المشروعة، مستفيدة من عدم وجود طرف ثالث يحرجها ويجبرها على خيارات اخرى غير تلك التي قامت بها او قام عليها الصراع او اكد على اساسة الصراع.

اين هو الطرف الثالث الذي يفترض ان يكون الواقع قد افرزه؟
نحن حتى الآن لا نرى طرفا ثالثا غير المواطن الذي حمل السلاح دفاعا عن النفس وعن الكرامة بعد ان رأى الهمجية تدمر بيته وتقتل أطفاله، لكن هذا المواطن ليس له راية يقاتل تحتها سوى راية الكرامة والحق في الحياة وهذه راية غير معترف بها عمليا عند اطراف الصراع.
ومعنى ذلك ان هذا المواطن ليس اكثر من جندي مجهول، والجندي المجهول يغنى له لكن لا احداً يفسح له مكانا حول طاولات التسوية.
والسؤال: من سيمثل هذا المواطن؟
بطبيعة الحال الذي سيمثله يجب ان يكون طرفا ثالثا، لكن من هو، اين هو، ما مدى جاهزيته؟
لا اريد ان اجازف في الاجابة على هذا السؤال، وسأتركها لاجتهاداتكم. اما اولئك الذين سارعوا الى تأييد عاصفة الحزم بغير تحفظ، فهم لم يفعلوا ذلك الا من باب المسارعة في حجز حصتهم من الغنيمة التي يريدون ان تكون حصة كبيرة.
يريدون ان يكونوا الطرف الاكبر في ارباح الحرب، اما فشل المرحلة الانتقالية فلا يعترفون بشراكتهم في صناعته، مع ان هذا الفشل هو الذي شجع القوى المضادة على الانقلاب الذي استدعى الحرب.

من هما طرفا الحرب في الداخل؟
الذي يهمنا من طرح هذا السؤال ليس التوصيف الدقيق لمكونات هذين الطرفين فالكل يعرفها، لكن ما نود التأكيد عليه ان الطرفين في الجهتين هما من نوع واحد، كلاهما تحركه عصبوية المال والسلطة والمنطقة والمذهب، كلاهما تقليدي وانتهازي واستبدادي، كلاهما بلا قيم وطنية رغم زعيقهما المرتفع بالشعارات الوطنية التي لا تخلوا من التوظيف السيئ للدين وللمقدس. كلاهما من السلطة نفسها انشطرا وتقاتلا مثل اللصوص عندما يختلفون على القسمة.

اصل الصراع ومحفزاته
في اصل الصراع ومحفزاته ما اصلالصراع؟ وما محفزاته؟
اصل الصراع هو غياب دولة المواطنة وطرفا الصراع كلاهما لا يريدان هذه الدولة والفارق ان هناك من لا يريدها صراحة، وهناك من يرفضها مواربة.
اما محفزات الصراع فهي الهيمنة على السلطة من اجل الاستحواذ على الثروة.
ولكن في اصل الصراع ومحفزاته لا يجب ان يختلط علينا الامر فنسلب حق ابناء المحافظات في الدفاع عن انفسهم.
ان الدفاع عن النفس هو احد التجليات التي افرزها الصراع، لكنها تجليات عادلة وعلى الاقل مشروعة ضمن شروط حق الدفاع عن النفس، لأنه لا يجوز حتى لمأمور الضبط القضائي ان يقتحم منزلك خارج القانون فما بالك عندما يأتي من يهدم بيتم ويقتلك بغير صفة سوى انه متوحش، وبغير سبب سوى الرغبة في استعبادك.
ان الدفاع عن النفس هو صراع من اجل الوجود لا يحتاج الى اذن من احد، وهذا بإجماع كل شرائع الارض والسماء.
لا نستطيع ان ننهي هذه المداخلة دون ان نمر على دخول السعودية طرفا في الحرب على رأس تحالف عربي واسع.
لقد تدخلت السعودية في الخرب وعلى نحو مسعور لأنها لم تكن تتوقع ان صنيعتها المدللة سيعض يدها وسيبيعها لعدوها الطائفي الاكبر "ايران".
السعودية الان تدفع ثمن سياساتها الخاطئة او بالأصح هي تواصل سياساتها القديمة ولكن هذه المرة بشكل ساخن. اخيرا ونحن نتحدث عن اشراك قوى المجتمع الفاعلة برز سؤال:
هل هناك مؤشرات على اقتراب التسوية؟
تصريحات المبعوث الاممي في واد وما يجري عمليا في وادٍ آخر.
ان ايا من الطرفين لم يحاول حتى الان وبعد ثمانية اشهر على عاصفة الحزم اعطاء اي اعتبار فعلي للحل السياسي السريع وايقاف نزيف الدم.
وتحالف الحوثي صالح لن ينسحب سلميا ولو من محافظة واحدة لإبداء حسن النية بمقابل سياسي معقول وليس تعجيزياً.
وما نلاحظه على هذا الطرف حتى اليوم انه يتصرف بطريقة توحي بانه
ما زال قادرا على ممارسة الهجوم ولم يحشر بعد في مربع الدفاع رغم الخسائر الكبيرة التي يتكبدها في العتاد وفي الارواح.
وبالرغم ان معركة تعز هي المعركة الفاصلة التي ستحسم النتيجة، الا اننا لم نر بعد مؤشرات جادة لإنهاء مأساة هذه المدينة التي تدفع فاتورة بقاء الوحدة والنظام الجمهوري.
اقول فاتورة بقاء الوحدة لأن تحالف الحوثي صالح هو يقاتل الان بعد ان يئس من الهيمنة على كل اليمن يريد ان يهيمن على الخارطة السياسية لدولة الامام يحيى.
وعدم حسم المعركة في تعز عائد الى عدم اهلية الرئيس هادي ومن يقاتلون تحت شرعيته في الداخل على ادارة الازمة.
اما السعودية فيبدو انها لن تقبل بأقل من قتل صنيعتها او على الاقل إلقاء القبض عليه، ومع كل ذلك يحدونا الامل بأن الحرب الدائرة هي آخر حروب دولة الامام الهادي.

الأستاذ عبدالسلام رزاز الأمين العام المساعد لحزب اتحاد القوى الشعبية
الحرب لم تتفجر من أجل هدف عام يخدم الشعب
الشكر الجزيل للحزب الاشتراكي اليمني الذي عودنا ان يلمع في سواد الليل، هذا الحزب في نهاية كل ازمة وعند كل انسداد يظهر بمبادرة او يتقدم بمبادرة لمواصلة سير الطريق النضالي الى الامام، فهو الحزب الذي يحمل بوضوح رؤية من اجل الجميع.
سبقني الزملاء واخذوا موضوعي كله، لكن اشكرهم فهم اصابوا كثيرا في مواضيعهم وفي شرحهم، واخص استاذي طاهر شمسان الذي تعلمت منه كثيرا اخصه بالشكر لأنه تطرق لطرفي الحرب بشيء جديد، اقرب الى الموضوعية كثيرا والى العلمية كثيرا خارج العواطف، لكن اذا تناولنا في العواطف الموقف يختلف، لكنه توفق كثيرا في تناول طرفي الحرب لأن الطرفين لا يحملون مشروعا للوطن ولا يحملون مشروع بناء الدولة.
طالما الحديث عن الحزب الاشتراكي كمحور خصوني به وهو سعي الحزب الاشتراكي اليمني وقوى اجتماعية وسياسية نحو تشكيل حامل سياسي، وقبل ان اتناول هذه النقطة سأبدأ كلامي بالحديث عن الحرب.
نحن جيلنا او جيلي انا تقريبا عايشنا خمس الى ست حروب من الستينات الى اليوم، وكل حرب كانت تنتهي لتؤسس لحرب اخرى، لم تنتهي الى مشروع بناء الدولة ولكن تنتهي حرب وتؤسس لعوامل او لاستمرار عوامل الحرب لتقوم حرب اخرى بين الاولى والثانية مسافة زمنية.
بمعنى ان الحرب الاهلية في اليمن لم تتفجر من أجل هدف عام، هدف يخدم المواطن اليمني او يخدم الشعب اليمني بدرجة اساس هذه الحروب تفجرت لخدمة جماعات او لخدمة قوى معينة تحمل مشاريع صغيرة بالمعنى الحديث للمشاريع الصغيرة.
كل الحروب هذه اعاقت بناء الدولة من الستينات حتى اليوم، اعاقت بناء الدولة المدنية الحديثة المعاصرة الديمقراطية، حروب تواصلت والى اللحظة وهي تعيق تحقيق هذه الدولة.
اذا الحروب مرفوضة طالما هي حروب ليست من اجل الشعب، واقصد الحروب الاهلية بالمطلق.
لا تخدم مصالح الشعب ولا تخدم المصلحة الوطنية على الاطلاق، هي حروب اهلية تخدم اهدافاً صغيرة ولهذا انا اقول ان السلم اثبت بأنه هو المناخ الصحيح بالمطلق للتوجه نحو بناء الدولة المدنية وسأكتفي بدليل حديث، هو الوصول في 2011م الى حوار وطني انتهى بمخرجات وطنية التقت حولها القوى الوطنية كافة او القوى السياسية او قوى الصراع في اليمن، التقت حول مخرجات حوار وطني، جوهر هذه المخرجات بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة اتفقنا عليها.
اذاً هذه المخرجات هي ثمار تكتل تاريخي كان للحزب الاشتراكي اليمني يد ومبادرة فيها، هذا التكتل بدء باللقاء المشترك من 2011 وما قبله، ثم تطور الى مركز قوى الثورة، ثم تطور الى قوى الحوار الوطني، فكانت هذه المخرجات هي ثمار تكتل تاريخي توصلت الى نتائج وهي مخرجات الحوار الوطني ثم تعثرت.
اليوم نحن بحاجة الى إعادة بناء او تأسيس كتلة تاريخية من اجل تنفيذ مخرجات الحوار الوطني لأن الكتلة الاولى تعثرت، وهناك عوامل مباشرة تحدث الزملاء عنها ادت الى تعثرها في الدخول الى مرحلة التنفيذ.
عندما اعلنت نتائج الحوار الوطني تفجرت الحرب مثلما حصل في وثيقة العهد والاتفاق، وهي الوثيقة التي كادت ان تنقل اليمنيين الى مرحلة بناء الدولة لكنها انتهت بالحرب، واليوم مخرجات الحوار الوطني انتهت بالحرب لكنها لم تنته كرؤية للحل.
اليوم نحن بحاجة الى تكتل وطني او ما يسمى بالكتلة التاريخية لتحمل مخرجات الحوار الوطني للتنفيذ.
الحزب الاشتراكي اليمني هو أكثر الاحزاب تجربة في هذا المضمار، -وهذه وجهة نظري الشخصية- لانه انا اعرف الحزب الاشتراكي اليمني وتاريخه النضالي هو تاريخ موفق في صناعة التكتلات النضالية، والتكتلات التاريخية بدءاً بالجبهة الوطنية في السبعينات بغض النظر عن عداوات نضالها، ثم تكتل ما بعد الوحدة الى 94م ثم تكتلات ما بعد 94 ثم التكتلات من 2001 الى 2011 ثم التكتل من 2011 الى 2014 او الى الحرب. والان اعلن تكتل او ما يسمى بالائتلاف الوطني، بمعنى هو يبادر دائما في صناعة تكتلات تاريخية نضالية، بمعنى هو تقريبا في تاريخه ليس وحده يناضل لكنه يجمع كل القوى او مختلف القوى فتكون العملية هنا نضالية في اطار تكتلات، والاساتذة مثل الاستاذ يحيى الشامي والاستاذ عبد الباري طاهر واحمد كلز وآخرين ربما يصححوا لي هذا المفهوم.
انا اقول ان تاريخ الحزب الاشتراكي هو تاريخ نضالي في اطار تكتلات، وآخر تكتل هو ما يسمى بالائتلاف الوطني او الائتلاف المدني، وانا مساهما في هذا التكتل بتوقيع مشروعه، لكن أقول هذا الائتلاف يجب ان لا يتوقف على هذا العدد المحدود اذا كنا سنسميه كتلة تاريخية، كتلة تاريخية من أجل انجاز مهام وطنية مرحلية وهي الدولة الوطنية وفقا لمخرجات الحوار الوطني، فيجب ان يكون هذا التكتل التاريخي واسعا لا يغلق بابه ولا يستبعد أي طرف شرط ان يلتزم بمخرجات الحوار الوطني، واي قوى لا تريد بناء الدولة ستفرز نفسها وستكون ضد هذا التكتل او في واجهة الصراع ضد هذا التكتل.
انا اقول ان الحزب الاشتراكي اليمني اليوم مطلوب منه ان يسهم في بناء كتلة تاريخية او الى انجاز الكتلة التاريخية تحت ما يسمى بالائتلاف المدني من أجل الضغط نحو بناء الدولة ويكون تياراً مدنياً واسعاً على الارض من الاحزاب والمستقلين ومنظمات المجتمع المدني والكتاب والنقابات.....الخ وهذا التيار يجب ان يتحول الى عملية ضغط في الارض تدعم هذا التكتل التاريخي الذي سيتحمل مسؤولية استئناف بناء الدولة ومشروع بناء الدولة.
إذاً مطلوب من الائتلاف المدني او ما يتبناه الاشتراكي في ما يسمى بالائتلاف المدني اليوم ان يكون لديه برنامج يبنى من مضمون مخرجات الحوار الوطني، - ويمكن التعديل على نقاط هذا الحوار اذا كان هناك ملاحظات فهو ليس قرآن- ويمكن إعادة النظر في بعض النقاط لكن انا اقول برنامج لا يكون من خارج مخرجات الحوار الوطني التي توصلنا اليها.
نحن توصلنا كقوى سياسية او كعقل جمعي سياسي في اليمن الى مخرجات حوار وطني مضمونها بناء دوله مدنية، دولة مؤسسات دولة ديمقراطية يكون الحكم فيها او السيادة للقانون والدستور والسلطة التي تحكم يختارها الشعب وفق عملية ديمقراطية انتخابية تنافسية.
واقول يجب علينا ان نخرج من هذه القاعة للعمل الجاد فيمننا في هذه المرحلة يحتاج الى جهد مضاعف، يقول للحرب قفي، يقول لا للحرب، ونخرج من هنا ونعمل على برنامج واضح ومحدد ، وكنت اتمنى ان تكون اي حلقة نقاشية ان تتمحور حول محور واحد نناقشه، هذا المحور يتحدث عن غد، عن المستقبل، لا نشتت افكارنا في محاور كثيرة فالنقطة واضحة والمشكلة واضحة والحل واضح فقط مطلوب منا حامل او آلية لتحريك الحل نحو المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.