أثار مشروع قانون المساجد -الذي تعتزم الحكومة اليمنية تقديمه إلى البرلمان لمناقشته وإقراره في الفترة المقبلة- جدلا قبل صدوره. ويشتمل المشروع على محظورات عديدة تعكس سعي وزارة الأوقاف والإرشاد للسيطرة على أداء منابر المساجد. وبحسب المصادر الحكومية فإن القانون يحظر "الترويج لأفكار تناقض العقيدة الإسلامية ومبادئها السامية أو استخدام المسجد للدعاية أو التحريض مع أو ضد حزب أو جماعة أو طائفة، والإساءة أو التشهير بالأشخاص والهيئات أو التحريض على أعمال العنف والإرهاب والعصيان المدني والخروج على الدستور والقانون". استغلال وفي دفاعه عن المشروع قال وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد الشيخ يحيى النجار "في السنوات الماضية استخدمت منابر المساجد استخداما سيئا، إما للتعصب المذهبي أو للتوجه السياسي، فكل خطيب أصبح يدعو الناس إلى ما هو مقتنع به من توجه سياسي أو حزبي أو مذهبي". وأشار إلى أن "هناك خطباء ينتمون لحزب الإصلاح المعارض حولوا منابر المساجد إلى مراكز للدعاية الانتخابية، وهم دائما ما يحدثون التوترات داخل المساجد، وهناك خطباء يدعون لمذاهب وافدة، ليس لها وجود باليمن، وآخرون شددوا على الناس، وضيقوا عليهم أمور دينهم ودنياهم". وأكد النجار أنه لا ينبغي لأحد أن يستخدم المساجد لغير ما أراد الله سبحانه وتعالى، والواجب تبصير الأمة بعقيدتهم وشؤون عباداتهم، وما يهمهم في دنياهم وأخراهم، بعيدا عن إثارة الفتن. حياد الدولة من جانبه قال إمام وخطيب مسجد بدر في صنعاء المرتضى زيد المحطوري إن البلد ليس بحاجة إلى قوانين بل إلى عدل وقضاء نزيه مستقل ومسؤولين يخافون الله وإبقاء الدولة محايدة بين جم يع الناس دون تشجيع حزب على آخر مخالف لها. وأضاف أن القانون "لا يعالج أي صراع فكري أو طائفي، ولكن سياسة الدولة عندما تكون رشيدة، وتكون الدولة مظلة للجميع، فلن يحدث أي تناحر أو تصارع، وهناك قوانين تردع أي تطاول على الناس". وأشار إلى أن وزارة الأوقاف والإرشاد سلمت في فترة من الفترات إلى أصحاب الأفكار المتطرفة، وكان الهدف من ذلك ضرب تيارات أخرى، وذلك بقرار ودعم من الدولة، وللأسف أن الدولة هي التي شجعت التيارات السلفية والوهابية. ولفت إلى أن الدولة "بسياستها المرتجلة، عملت على تحريك الصراع بين الناس، وزرعت الحقد والضغينة بين الطوائف، واستخدمت العنف ضد خصومها الذين استخدموا العنف ضدها، ومن حق الجميع أن يمارسوا شعائرهم الدينية وفقا للقانون، وبعيدا عن الاعتداء على الآخر". حرية التعبير أما البرلماني الإصلاحي زيد الشامي خطيب مسجد المنصور بصنعاء فقال إنه ضد تقي يد الحريات والتعبير عن الرأي عموما "فما بالك بالمسجد الذي هو منبر للإشعاع والنور والخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". وقال الشامي إن المساجد التي فيها خطباء من الحزب الحاكم هم الذين يستخدمون المساجد في الدعاية الانتخابية والسياسية، وأنا واحد من الخطباء تأتيني أحيانا مذكرات من مكتب وزارة الأوقاف والإرشاد يطلبون مني الحديث في قضايا سياسية. واعتبر أن الحزب الحاكم لا يريد أن يسمع صوتا معارضا حتى داخل المساجد، ولكنه تأمل أن يعيد مراجعة هذا التوجه الحكومي المعتمد سياسة الإقصاء للآخرين، خاصة في ظل حالة الانفراج السياسي بعد اتفاق المعارضة والحكومة على تأجيل الانتخابات. كما تمنى أن "ينتهي برنامج الإقصاء السياسي الذي دمر الحياة، وكاد أن يصل بالبلاد إلى حافة الهاوية، وأن يعود من في سدة الحكم إلى رشدهم، فالبلد يتسع للجميع". (الجزيرة نت)عبده عايش - صنعاء