«الحياة كوميديا لمن يفكر وتراجيديا لمن يشعر» - بكامل وقار الأستاذ الجامعي وهندامه يلقي محاضرة جغرافية على طلابه وطالباته الذين مالوا إلى الحديث الجانبي عندما انطفأ مكبر الصوت في القاعة بسبب انقطاع الكهرباء. خلع كوته ونزع ربطة العنق المستبدة، وأعلى صوته قليلاً ثم بدأ يقارن بين نتائج انطفاءات الكهرباء في النهار والليل «...الحكومة توجهنا بتنظيم النسل، والكهرباء تنطفي أكثر من مرة باليوم إيش بايعملوا الناس في الليل عند انقطاع الكهرباء؟؟ طبعاً يعملوا عيال...».المدن اليمنية قوام سكانها لم يزل قروياً والظلام يرفع أسوار الخجل، وانطفاء الكهرباء في وقت مبكر ليلاً يذهب بشاشة التلفزيون ببهاراتها المعلبة ويساعد الأطفال على النوم الهادئ ، ويجلب السعادة لامرأة تخجلها الرغبات.في يوم فوضوي تمنحك إياه مدينة صنعاء، هناك ثابت واحد تقريباً بجانب سائق باص خانته الأخلاق منذ زمن لا يتذكره.الثابت الوحيد هو انطفاء الكهرباء بواقع مرة إلى مرتين يومياً لا تقل كل من نهما عن ساعة من الزمن الأسود.هذا الزمن الأسود كيف يمكن استغلاله في وقت صار فيه الجهاز الكهربائي والالكتروني رديف أي عمل يومي يمكنك القيام به عدا رغباتك الجسدية التي تبدأ من الأكل وتنتهي بأمور أكثر حميمية، أو بخيال يذهب بك إلى مدن النور.كل برامج التوعية السكانية لم تأخذ انطفاءات الكهرباء في الحسبان عند الحديث عن أسباب الزيادة السكانية المرتفعة في اليمن، ويبدو انها لم تنسق مع وزارة الكهرباء بهذا الخصوص. - الماء لم يكن مشكلة كبيرة مع انه لا يأتي يومياً إلا أن انقطاعه لم يكن ليستمر حتى تضطر للتيمم. الآن أصبحت خدمات المياه منافساً نشطاً لخدمات الكهرباء ولا أدري مع نهاية العام 2006م من سيستلم جائزة أسوأ خدمة هل مؤسسة الكهرباء أم مؤسسة المياه والصرف الصحي. كثيرة هي وايتات الماء التي منحتني شرف الوقوف جوار بيتي الذي لاأملكه، جمعت عيال الحارة في أول الأمر لكنها لم تعد تثير اهتمام أحد منهم بعد شهرين من الزيارات المتكررة. سمعت عن تآمر وايتات مدينة إب ومؤسسة المياه فيها على المواطن «العاطش» في مدينة المطر، لكنني لم أسئ الظن بموسسة المياه في الأمانة ووايتاتها الكرام مع ان الشك حيال الأمر بدأ يساورني في هذين الشهرين مجرد شك . الحمد لله، لأن وجهي بدأ ينعم بخدمة مياه الكوثر الصحية التي يزيل بها آثار نومة قلقة معظم صباحات الشهر العاطش خاصة عندما يكون شراء وايت بحاجة إلى قرض بدون فوائد من أقرب متخم في الحارة. وبهذه المناسبة فإن وجهي يتوجه بالشكر لمؤسسة المياه ومياه الكوثر الصحية وصاحب الوايت والدائنين جميعاً.وللعدالة فإن عيناي تتوجهان بالشكر لكل مصانع الشموع «الأصلي» ومؤسسة الكهرباء ووسائل تنظيم الأسرة وتحديد النسل «الأعمى» والحارث بن سدوس الذي أنجب رقماً فلكياً من الأطفال قبل «اختراع» مؤسسة الكهرباء اليمنية. - الكهرباء المنطفئة ليلة امتحان الشهادة العامة، تساعد الطالب على ابتكار مولدات حديثة للغش تطفئ المستقبل بسرعة مثالية ربما أسرع من قطارات التربية والتعليم نحو المحطة الأخيرة. - فكرة أخيرة لتجار العطور لتركيب عطر «ليلة ظلام» أو بخور 12 فولت ، على أن تلتزم مؤسسة المياه بالتواجد صباح اليوم التالي.