في السبعينيات من القرن الماضي قامت الحكومة الاندونيسية بإنارة بعض شوارع ضواحي المدن التي كانت تعاني من زيادة مفرطة في عدد السكان، وبعد عام لاحظت الحكومة أن هذه المناطق المنارة قد انخفضت فيها أعداد الولادات، وعكف المختصون في البحث عن السبب ثم تبين أن السكان المحليين كانوا يقضون معظم الليل مع عائلاتهم تحت أعمدة الانارة، الأمر الذي لم يتح لهم لقاءات زوجية حميمية تؤدي إلى تضاعف أعداد السكان، والأمر ذاته ينطبق على الدول المتقدمة كاليابان وأوروبا، فإن عدد المواليد في انخفاض مستمرة، هناك ولاشك عوامل أخرى لكن الكهرباء أحدها. ونحن في اليمن الحبيب نعاني من انقطاع مستمر للكهرباء مع استمرار شكوى الحكومة من الزيادة السكانية المضطردة. ولو أجريت دراسة لوجود هذه الظاهرة لظهر أن الزيادة إنما تكون في المناطق المحرومة من الكهرباء، أما الذين يتمتعون بوجودها فإنهم يقضون معظم الوقت ليلاً أمام شاشات التلفزة ومتابعة برامجها ثم يدهمهم الوقت فلا ينامون إلا قليلاً، لأن معظمهم موظفون مطالبون بدوام رسمي، هذا جانب، أما الجانب الآخر فالكهرباء مسؤولة مسئولية تامة عن تدني التحصيل الدراسي للطلاب، حيث إنها بانقطاعها المتكرر تعرقل مراجعة الطلاب واستذكارهم لدروسهم كما أنها مسؤولة عن شح المياه في بلدنا، فانقطاعها واستمرار هذا الانقطاع يؤدي - كما ذكرنا سابقاً - إلى اللقاءات الحميمية المتكرررة ممايؤدي إلى طلب الماء للتطهر وزيادة الطلب على الماء. ليس هذا فحسب، فالكهرباء مسؤولة عن تلف معظم الأجهزة الكهربائية بسبب الانقطاع المفاجىء، فكم من غسالات وثلاجات وعصارات وتلفزيونات خسرها المواطفون وهذا يؤدي إلى الإخلال بميزان المدفوعات وتدني الناتج القومي. كما أن عدم وجود طاقة كهربائية كافية لادارة المصانع والمعامل يؤثر سلباً على الاستثمار ويقلل عدد المشاريع التي يمكن ان تقام للإسهام في محاربة البطالة وقلة الانتاج. هذا غيض من فيض وكان شيخنا ناصر الشيباني قد أرجع تحديد النسل في تعز لقلة الماء وساق بعض المبررات لذلك وقد صدق، غير أننا نرى الكهرباء هي السبب المباشر وأن شدة الطلب على الماء إنما يكون بسبب انقطاع الكهرباء، فالعلاقة طردية فكلما انقطعت الكهرباء زاد الطلب على الماء أو كلما كثر انقطاع التيار كثر الطلب على الماء . المهم أن الكهرباء يترتب على وجودها فوائد جمة وعلى انقطاعها مصائب جمة وقد أصبحت في هذا العصر عنواناً لتقدم الدول وتخلفها وقد احتفلت بعض مدن اليابان قبل أيام بمرور خمسين عاماً على عدم انقطاع الكهرباء فيها.. فمتى سنحتفل نحن بمرور عام واحد على عدم انقطاع التيار.. فهل تريد الكهرباء أن تزيد في عدد السكان فوق ماهم عليه؟ أنيروها نوّر الله بصائركم.