كانت مقالة زميلنا العزيز سمير رشاد اليوسفي رئيس تحرير صحيفة الجمهورية الغراء واحدة من سلسلة المقالات التحليلية لمكافحة الفساد وأخطاره المحدقة وكشف الرموز الفاسدة على مستوى أجهزة الدولة ومؤسساتها الذين تسببوا في تخريب وتدمير وتدهور اقتصادنا الوطني وتفننوا في نسج الطرق والأساليب للتحايل على المال العام والسطو على أراضي الغير بدون وجه حق في وقت ظلت أجهزة الردع والأمن والقضاء عاجزة عن مواجهة هذا المد التدميري.. للتنمية والاقتصاد والاستثمار. وأنا أتفق مع زميلنا الصحفي القدير سمير اليوسفي فيما آل إليه فيما يتعلق بدور الصحافة المتميز والصريح بعيداً عن التعميم والشمولية لأخطاء الفساد والفاسدين، بل إن الخروج عن دائرة التعميم الصحفي أو الحديث المبشر عن الفساد لا يمثل على أي حال نافذة نقدية تصحيحية لظاهرة الفساد المتفشي بأسماء وأنماط مختلفة الفساد الإداري والمالي والوظيفي والرشوة والبيروقراطية والمحسوبية والإسناد الإداري والجهات المنفذة. فنحن منذ أن غزا الفساد الطاعون والطوفان والغول بلادنا لن نلمس دوراً ريادياً للصحافة بجرأة مطلقة منطلقة من أهم إنجاز سياسي وديمقراطي وحماية صحفية لآراء الصحفيين الرائدة بوجود حرية للصحافة والرأي والرأي الآخر والتعبير، للتصدي لمخاطر الفساد البعيدة والقريبة، ولكن ومع الأسف لم نقرأ يوماً مقالاً نقدياً بارعاً تشريحياً للفساد والفاسدين أمام الرأي العام والجهات المختصة، ليس سرداً قصصياً أو مسرحياً أو هذياناً كما نقرأه كل يوم، بل مقال مدعم بالحجج الدامغة المسنودة بمصادر حكومية تمارس مهمة الحرب على الفساد والكشف عن الفساد والفاسدين والخسائر المالية التي سببها الفاسدون في مرفق اقتصادي أو خدماتي أو مؤسسة، والتشهير بالفاسدين وبجرأة صحفية نادرة.. كما نقرأ الكثير من حملات الصحافة العربية على الفاسدين والفساد وإجراءات حكومية قضائية. والشيء الآخر الأهم هنا انتقائية الصحافة والصحف من ترسبات عقيمة وترهل قلمي، ونفاق وعشوائية مميتة لإبداع الصحافة، لأن الصحافة نضال شأنها شأن البندقية والرشاش.. فقد كان لصحافتنا اليمنية في أتون التحرير والكفاح الوطني بمثابة ملحمة وقذيفة قاتلة لأساليب الظلم والاستبداد الأساسي والكهنوتي والاستعماري في الشمال والجنوب وتلاحم الكلمة مع البندقية، وكان اليوم المنتظر انتصار ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م وثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م، وكانت كثير من الإضاءات الصحفية تلتمع بين آونة وأخرى لتضيء جوانب اللوحة الكئيبة وتشعل في وجدان الجماهير اليمنية شعلة الخلاص والتحرر الوطني، فقد صورت صحافتنا اليمنية مسيرة النضال الثوري تصويراً رائعاً وامتزج الحرف الصحفي بالكلمة المقدسة بالحماس الوطني فكانت الملحمة.. وهي المسيرة التي تواصلت وعمدت بالدماء الزكية لتخلق لنا الحلم الوطني في الثاني والعشرين من مايو 2006م الوحدة اليمنية. لهذا نحن نرى أن الصحافة اليمنية في المستوى المطلوب الذي يمكنها من تطوير إبداعاتها وعطاءاتها الصحفية، ناشبة أظفارها في جسد الفاسدين.. متواصلة مع الجهود التي يمكن أن تقوم به الحكومة من خطتها للقضاء على الفساد والفاسدين على مستوى السلم الوظيفي الأعلى والثانوي ولا تأخذها لومة لائم في قول الحق والحقيقة.