يبدو أن النظام الرسمي العربي قد أعطى العدوان الإسرائيلي الذي يجرى الآن على لبنان صك براءة من الدماء التي تسفك والأرواح التي تزهق جراء هذا الاعتداء الوحشي الفظيع. إن أرواح الضحايا تستصرخ السماوات والأرض ، وتنادي الإخوة العرب القيام بواجبهم وما من مجيب .. ليس كذلك فحسب بل إن بعض الأنظمة العربية مع شديد الأسف قد أعطت غطاءً سياسياً لعدوان إسرائيل الآثم !؟ تشرئب الأعناق وتتطلع الأفئدة إلى الجنوباللبناني ومقاومته الصامدة حتى الآن ، ويأسى القلب كثيراً وهو يرى بسالة وصمود حزب الله واقعاً بين فكي كماشة ، كماشة إسرائيل من جهة وكماشة الإخوة «الأعدقاء» من جهة أخرى. كم يستطيع حزب الله أن يصمد في وجه وحشية إسرائيل بترسانتها العسكرية العملاقة ، واحتشاد العالم الغربي والأوروبي إلى جانبها، والدعم الأمريكي اللامحدود عسكرياً وسياسياً؟! صارت أهداف العدوان الإسرائيلي جلية الآن بعد عشرة أيام من بدء العدوان ولم يعد موضوع تحرير الجنديين الإسرائيليين الأسيرين لدى حزب الله يقنع أحداً ، بل إن الشروع في تنفيذ ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي وقفت سورية والمقاومة الوطنية والإسلامية في لبنان عقبة كأداء في طريقه قبل وبعد تدمير العراق .. هو الهدف الرئيس لهذا العدوان. تتملكنا مشاعر اليأس والغضب ، ونحن نرى الصلف الأمريكي يقف بكل جبروته إلى جانب العدوان الإسرائيلي بعد أن جرى التسويق لأمريكا والموقف الأمريكي من قضية السلام باعتبارها الراعي الأول لمسيرة السلام التي صارت شبيهة تماماً بكرة الثلج، وكاد بعض حسني النية من إخواننا العرب يقنعون تماماً بمنطق أمريكا ودورها في عملية السلام الزائفة !! وهاهي الولاياتالمتحدةالأمريكية تقدم لنا الدليل تلو الآخر بأن إسرائيل هي أمضى وأقوى سلاح صنعته ، إلى جانب أسلحتها التدميرية الفتاكة براً وبحراً وجواً ، ما يضمن باستمرار تفوق إسرائيلي في وجه الحقوق العربية ومحاولتهم تحرير أرضهم المغتصبة وكرامتهم المنقوصة ، ولعل ذلك يقودنا لسؤال مهم : هل ثمة احتمال للنصر يلوح في الأفق تستطيع المقاومة الإسلامية في جنوبلبنان إحرازه!؟ أقول : إن النصر والهزيمة هي لغة الجنرالات ، فضلاً عن نسبية معانيهما ولكن المقاومة معنية في الدرجة الأولى بالدفاع عن وطنها ووجودها، والاستبسال في ذلك مهما كلّف هذا الأمر من تضحيات ، ويبقى مُهماً أن نقول: إن الخلافات أو الاختلافات المذهبية لا ينبغي أن تكون عائقاً أمام تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة لهذه المقاومة الباسلة ، وألا تكون هذه الاختلافات مبرراً لمنح العدوان صك براءة من الدماء التي تسفك يومياً والأرواح التي تذبح ، على مرأى ومسمع العالم دون أن يحرك ساكناً لوقف الجريمة. ثمة سؤال آخر .. وربما أسئلة : - هل ستنجح إسرائيل في نزع سلاح حزب الله كي تضمن عدم سقوط الصواريخ على شمال فلسطينالمحتلة من خلال الشروع في هجوم بري كوسيلة لذلك؟ - هل سينجح حزب الله من خلال اتصالاته وتنسيقه مع بقية الفرقاء اللبنانيين في ضمان تماسك الجبهة الداخلية ، وعدم انجرارها لصف العدوان؟! - أما آن الأوان للنظام الرسمي العربي ومروجي السياسة الأمريكية في المنطقة العربية أن يكفوا عن الوثوق بأمريكا ومشروعاتها المشبوهة المكرسة لخدمة إسرائيل وإسرائيل فقط؟؟ - ثم أخيراً وليس آخراً ما الذي يمكن أن يقوله بعض إخواننا الصحفيين الآن بعد أن كتبوا يوماً في واحدة من الصحف اليومية أن شارون زعيم بطل ينبغي الحذو حذوه ، وأن إسرائيل دولة ديمقراطية لا مثيل لها في المنطقة . وأن السيد/ حسن نصر الله ليس إلا مجرد ساموراي الميكرفونات؟؟ أقول : ما الذي يمكن أن يكتبوه الآن بعد أن رأوا وسمعوا بالصوت والصورة هذا العدوان الوحشي الفظيع على الإنسان والأرض في لبنانوفلسطينالمحتلة .. وفي فمي ماء..!!