بجسارة الرجال وكبرياء الأمة، وفي مواجهة أسطورية مفتوحة وغير مسبوقة مع قراصنة جيش العدو الصهيوني، وقد دخلت الحرب السادسة بيننا وبينهم أسبوعها الخامس على التوالي، تواصل المقاومة الوطنية اللبنانية توجيه ضرباتها الموجعة إلى أهدافها المبتغاة في العديد من مدن الكيان العنصري المصطنع، مكبدة أعداءنا وأعداء أمتنا المزيد من الخسائر البشرية في صفوف قواتهم، فضلاً عن تدميرها عدداً لا بأس به من آلياتهم الحديثة والمتطورة.. وهو ما لم يكن يتوقعه مغتصبو حقوق أهلنا في الوطن المحتل على وجه الإطلاق. صحيح أن ما اصطلح على تسميته عدوانياً بأمطار الصيف الصهيونية الحارقة.. قد أدى إلى سقوط قرابة الألف شهيد من أبناء شعبنا العربي اللبناني، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى أضعاف أضعافهم من الجرحى والمصابين، كما تجاوز عدد النازحين من المناطق المنكوبة، بفعل هذا العدوان الصهيوني الهمجي سقف المليون مواطن ممن دمرت منازلهم وتضررت مصالحهم، غير أن كل هذا وذاك لم يؤثر سلباً على توحد أشقائنا هناك بصريح ما جبلت عليه وجداناتهم من قيم ومبادئ ومثل عليا، من حيث إصرارهم العنيد على الانتصار لإرادة المقاومة الحقة.. دفاعاً عن كل ما هو مشرق وأصيل في جوهر ثوابتهم ومعتقداتهم، وهو ما لم يكن يدور بخلد أي من قادة العدو كذلك. وفي اعتقادي إن المقاومة الوطنية اللبنانية هذه قد حققت من الانتصارات الميدانية الملموسة، وعلى كافة الصعد والمستويات، ما لم يكن يخطر على بال جميعنا، على تواضع ومحدودية ما لديها من إمكانات، لا وجه لمقارنتها مع ما يمتلكه الجانب الصهيوني في مثل هذه المواجهة العسكرية غير المتكافئة. ومعايير الانتصار هنا لا ينبغي إخضاعها لما هو متعارف عليه في غيرها من المواجهات القتالية ذات الطابع الكلاسيكي، إنما يقاس انتصار الجانب المقاوم في حالة كهذه على ضوء ما تحقق ميدانياً ومعنوياً، من حيث الحيلولة دون تمكين العدو من تحقيق أهداف عدوانه إلى الآن على الأقل، يضاف إلى ذلك ما تمثل في دحض أكذوبة الجيش الذي لا يقهر، وهو ما أدى إلى تأليب الرأي العام في أوساط النخبة السياسية لبني صهيون ضد قادة جيشهم، ممن أكدت وقائع هذه الحرب على ضراوتها عقم ما افترضته تقديراتهم المسبقة في مجملها. ومع تسليمنا المبدئي بأنه لا مكان للحسابات الجغرافية في مواجهة عسكرية كهذه، إلا أن المناطق الحدودية التي أعادت قوات جيش العدو احتلالها داخل الأراضي العربية اللبنانية.. لم تكن سهلة المنال هذه المرة، لدرجة أن بسالة المقاومة أجبرتها على الادعاء مراراً وتكراراً بأن تراجعها إلى الوراء كلما فشلت محاولات تقدمها، إنما هو مجرد انسحاب تكتيكي، وهو ما ليس صحيحاً بطبيعة الحال. ودرس المقاومة الوطنية اللبنانية المراد استخلاصه من مواجهتها الأسطورية الراهنة لجحافل العدوان الصهيوني على لبناننا العربي الشقيق، وما حققه مقاتلوها من انتصارات ميدانية ومعنوية في آن معاً.. إنما يكمن في كونها تمتلك إرادتها، بعيداً عن كل ما يسعى إليه صنّاع الوهم من بني قومنا، عبر ترويجهم المتعمد لأكذوبة الجيش الذي لا يقهر إياها.. بغية غرسهم بذور اليأس والتيئيس في عميق دواخلنا نحن أبناء أمة العرب.