الإثنين , 21 أغسطس 2006 م لم تشفع كل حالات الدمار التي ألحقتها آلة الحرب الاسرائيلية بالمدن والبلدات اللبنانية خلال خمسة أسابيع متتالية للكيان الصهيوني الغاصب في كل الأراضي المحتلة، حيث أجمع الخبراء والمراقبون ومعهم كل الفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية بأن ما حققته حكومة العدو في حربها المفتوحة على الجمهورية اللبنانية لا يمكن وصفه إلا بالفشل والإخفاق الذريعين، ولم يكن ذلك الإجماع الذي بات ينذر بالكثير من الأخطار والاضطرابات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية الناجمة عن ذلكم الإخفاق المذل محصوراً بمؤسسات المجتمع الغاصب، بل تجاوز حدود الأراضي المغتصبة والمحتلة ليصل إلى كل أرجاء المعمورة، حيث تجلى للجميع وبدرجة أساس للمجتمع الاسرائيلي بأن كل تلك الغارات الوحشية البربرية التي نفذها العدو الحاقد بالتزامن مع ذلك القصف العنيف والهستيري من الجو والبحر وعلى مدى خمسة أسابيع لم يحقق حتى الجزء اليسير من الأهداف السياسية المعلنة قبل وأثناء الحرب الجائرة والمفتوحة، وهي الحرب التي أفقدت ذلكم الجيش الذي قيل عنه بأنه لا يقهر سمعته وهيبته وكرامته، ولأنه قد فقد كل تلك الصفات والمزايا الهشة والواهمة التي ظل لعقود يفاخر بها بين الدول وجيوشها فإنه آثر ومنذ الوهلة الأولى للحرب الخاسرة اللجوء إلى محو ذلك العار عبر قصفه المسعور لكل الأهداف المدنية من أحياء سكنية وجسور وطرقات ومدارس ومستشفيات ...الخ، ولأن آثار تلك الهزيمة العسكرية التي مني بها الكيان الغاصب ما زالت جلية وواضحة للعيان، بل وستظل كذلك ملقية بظلالها على كل ما يتعلق بشؤونه السياسية والاقتصادية والعسكرية لشهور وربما لأعوام قادمة وإلى أن تتهيأ له وللولايات المعتدية الامريكية الظروف والمناخات الملائمة لرد الاعتبار...فإن ذلك العدو الذي رحب بالقرار الدولي «1701» والذي سبق له اعتبار مجيئه الإنجاز السياسي بعد تحقيقه للانتصار العسكري الذي ادعى دون خجل أو حياء بأنه قد أنجزه خلال حربه على الشجر والحجر على المباني والزروع والأطفال سيظل يمارس خروقاته وتحدياته لكل المواثيق والقرارات الأممية ضارباً عرض الحائط ببنود ذلك القرار وغيرها من القرارات الصادرة عن الأممالمتحدةالامريكية ومجلس الحرب. وكل تلك المحاولات والتحديات لا تنضوي إلا تحت شعارات الغطرسة والكبرياء وعدم الاحترام للمواثيق التي أدمن على عدم الاكتراث بها بفعل الفيتو الأمريكي، وكل هذا وذاك يأتي في إطار تجميل الصورة التي تشوهت بفعل المقاومة الباسلة لحزب الله، ويأتي في الوقت نفسه في إطار المحاولات البائسة لاسترداد تلك الكرامة التي سلبت على أيدي أولئك الأبطال الأشاوس من رجال المقاومة في الجنوب اللبناني الباسل، علماً بأن العالم أجمع أصبح على قناعة تامة بأن الكرامة والأخلاق واحترام الآخر هي شعارات ومفردات غائبة عن القواميس والنواميس الخاصة بالكيان الغاصب، ولعل الأيام القادمة ستثبت ذلك من خلال خروقاته القادمة والتي لم تتوقف إلا بالعودة مرة أخرى إلى أجواء تلكم المعارك البرية الطاحنة التي خاضها رجال المقاومة أمام ذلك العدو المتغطرس في الجنوب اللبناني، والذي استحال بكل بلداته إلى مقابر جماعية لجنوده وضباطه وآلياته العسكرية التي طالما تغنى بحداثتها وبقدراتها القتالية الفائقة ليثبت الصامدون والمقاومون بأن ما يتمتعون به من إيمان جم بقضيتهم وإيمان لا يضاهى بتحقيق الانتصار الموعود هو أقوى من تقنيات العدو ودباباته ومدافعه وبوارجه وطائراته وأقوى من كل صواريخه الذكية والانشطارية وأقوى من كل قنابله العنقودية والفوسفورية الذكية منها والغبية على حد سواء. والآن وبعد أن بدأت معارك البناء والإعمار في لبنان العروبة والحضارة هل آن الأوان لكي تتضافر كل الطاقات والجهود لدحر المؤامرات التي أفرزتها الحرب، وهي مؤامرات تبدو أكثر شراسة من تلك الحرب التي أرغمت العدو الغاصب على الاندحار تاركاً خلفه أذيال الخزي والعار والانكسار غير المسبوق في تاريخه الدموي والعدواني؟ وهل آن الأوان لإغلاق كل الثغرات والمنافذ التي يسعى ذلكم العدو من خلالها وبمؤازرة من أمريكا ومن يدور في فلكها ليس لتشويه ذلك الانتصار واغتصابه من صناعه فحسب، وهذا ما لا يقدر عليه أو على محوه وإزالته من ألباب المنتصرين أو من ذاكرة التاريخ، ولكن لتفتيت التعاضد والاصطفاف اللبناني وبالتعاون والتنسيق مع حلفائه في الداخل والخارج وهم وللأسف الشديد كثيرون هنا وهناك..؟!