بعد أكثر من أسبوعين على اعتقاله، وجهت محكمة عسكرية اسرائيلية إلى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، عزيز الدويك، تهمة الانتماء الى حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي تعتبرها اسرائيل "منظمة إرهابية محظورة"، وأخيراً اكتشفت اسرائيل أن الدويك ينتمي لحماس، وهل الانتماء لحركة مقاومة صار تهمة؟ نعم تهمة في ظل واقع تنفرد فيه أمريكا المتصهينة في جر العالم إلى التنكر لكل مبادئ القيم الإنسانية من عدالة ومساواة وغيرهما، ولكن على الجميع أن يعرف أنها أشرف تهمة وجهت لرجل يمثل شرف الشعب الفلسطيني الذي اختاره ليمثله في المجلس التشريعي. والأغرب مما فعلته اسرائيل هو سماح المجتمع الدولي باعتقال رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني وأعضائه ووزراء الحكومة وهم منتخبون ديمقراطياً!! وغض الطرف عن هذه الجريمة النكراء والمخالفة لكل القوانين الدولية. إنه أمر دُبر بليل، وكله على "شان عيونك يا إسرائيل"، وهذه الأخيرة بعد تلقيها الدعم "الوافي" من الأنظمة العربية المتهالكة في حربها مع حزب الله وجدت المناخ مناسباً لصب ويلات حماقاتها على حماس وقادتها، فالمباركة العربية والدعم المستمر أعطاها الضوء الأخضر لتفعل ذلك، فتصاعد المد الإسلامي في المنطقة على ما يبدو يثير مخاوف الجميع، إذاً الحل هو ضرب حماس وإفشالها حتى لا تتكرر التجربة في دول عربية أخرى. إسرائيل من خلال أعمالها الأخيرة تحاول جاهدة إيجاد فراغ دستوري في السلطة الفلسطينية يؤدي في التهاية إلى عزل حكومة حماس، يتضح ذلك من خلال اختطاف د.عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني و(38) نائباً ووزيراً ومحاولة اغتيال اسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني وهي تحاول إجبار حماس على تقديم تنازلات من أجل إنقاذ حكومتها من الانهيار، وكل ذلك من أجل القضاء على الخيار "الديمقراطي" وتفويض النظام الفلسطيني وإذلال الشعب ومعاقبته على اختياره الديمقراطي. الاحتلال الصهيوني ومن خلفه الولاياتالمتحدة وحلفاؤها في المنطقة لا يريدون سوى تقويض حركة حماس سواء كان تنظيماً أم حكومة، يتضح ذلك من إعلان الولاياتالمتحدة أنها لن تتعامل مع أية حكومة يوجد بها وزير واحد من "حماس" فهم على ما يبدو يريدون حكومة فلسطينية تدور في فلك بني صهيون ولا علاقة لها بالشعب الفلسطيني. وبالعودة إلى عزيز سالم مرتضى الدويك الذي يبلغا من العمر (58) عاماً، وهو من مدينة الخليل المحتلةجنوبالضفة الغربية وولد في العاصمة المصرية القاهرة، من أب فلسطيني وأم مصرية، وحصل على شهادة الدكتوراه في التخطيط الإقليمي الحضري بالجغرافيا، إضافة إلى ثلاث شهادات ماجستير حصل عليها من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقبل انتقاله إلى منصبه كان محاضراً في جامعة النجاح الوطنية، ويعد الدويك من القادة المؤسسين لحركة الإخوان المسلمين في فلسطين التي انبثقت عنها حركة حماس في العام 1988م على يد الشيخ الشهيد أحمد ياسين، وشغل مؤخراً رابع رئيس للمجلس التشريعي بعد أحمد قريع، وروحي فتوح، وحسن خريشة، كان جل همه تعزيز الوحدة الوطنية وتقليص الخلافات الداخلية فهو "رجل المرحلة" كما يقول الفلسطينيون. الدويك الذي تحدث من داخل قبة المجلس التشريعي الفلسطيني "نقولها بصراحة حرروا ما لديكم من أسرانا من البواسل نطلق سراح جنديكم جلعاد شليت"، معلقاً على عملية اختطاف الجندي الاسرائيلي على يد مقاومين فلسطينيين في قطاع غازة خلال عملية "الوهم المتبدد". هو الذي شدد من داخل معتقله على ضرورة طرد الكيان الصهيوني من اتحاد البرلمانات الدولي لجرائمه وعدم احترامه للبرلمان الفلسطيني واعتقال أعضائه، وصاح بأعلى صوته: "لا أعترف بالمحكمة «الاسرائلية»، وأنا أمثل جميع جماهير شعبنا وأتعامل ضمن صلاحيات قانونية ولا أخضع للقانون «الاسرائلي»، وأن المحاكمة غير شرعية ولا أعترف بشرعيتها". إن اعتقال هذا الرجل المجاهد يكشف لنا المستور ويوضح لنا مدى الضعف الذي يعانيه الصهاينة الذين لم يتخيلوا يوماً أن تكون حماس في قمة السلطة الفلسطينية، ولذلك لم يحاولوا بهذه الأعمال السخيفة إعادة خلط الأوراق محاولين إعادة اللعبة إلى المربع الأول، ولكن هيهات أن ينالوا ذلك "فالواقع السياسي الآن في فلسطين أثبت أن لا أحد يمكن أن يُقصي أحدا، وأن نظام الفساد السياسي الفلسطيني قد ولّى إلى غير رجعه، وأن الممانعة والصمود والحفاظ على المكتسبات والثوابت الفلسطينية هو الساند الآن.