اليمن في سياستها الداخلية تتمسك بأهداف الثورة اليمنية الخالدة.. هذه الأهداف التي يجب أن يعيها جيل ما بعد الثورة حتى لا يغرر بهم، وتطرح أمامهم الثورة مشوهة في المعنى والمفهوم والأهداف. وعليه فإن على أبنائنا أن يعوا أن الثورة عملية تغييرية إنسانية سياسية اقتصادية اجتماعية.. والتغيير هو لمصلحة الشعب، وليس لمصلحة فئة أو طبقة أو سلالة، أو مذهب أو منطقة.. ولكن لمصلحة الجماهير اليمنية دون تمييز أو تفريق.. وأول تغيير هدفت إليه الثورة هو تحرير الإنسان اليمني من الاستبداد والاستعمار.. كما جاء في الهدف الأول.. حيث يقول: «التحرر من الاستبداد والاستعمار». والاستبداد، أي الانفراد في الحكم، والطغيان في ممارسته وانتهاج سياسة ظالمة ضد المواطنين لإخضاعهم وتركيعهم، وجعلهم يستسلمون لإرادة الحاكم المستبد كما كان الحال عليه أثناء الحكم الأسري الحميدي، الذي حصر الحكم على أسرة بيت حميد الذين في محافظاتنا الشمالية. أما الاستعمار هو أن تستعمر الأرض والإنسان من قبل الأجنبي، كما كان الحال في محافظاتنا الجنوبية.. حيث حل الاستعمار البريطاني وحكم البلاد والعباد وطغى وبغى وظلم بعد أن استولى على البلاد بالقوة العسكرية، وظل يحكمها لأكثر من 139 عاماً بالحديد والنار، والقهر، والعنف، والقتل. لذا كان أول هدف من أهداف الثورة اليمنية كما سبق ذكره هو «التحرر من الاستبداد والاستعمار» أي إزالة وإزاحة الحاكم المستبد بالحكم في المحافظات الشمالية، والمستعمر المحتل الغازي من المحافظات الجنوبية.. وفي هذا أبعاد كبيرة أهمها أولها هو إزالة العائقين الرئيسيين من أمام إعادة توحيد اليمن الذي دون التحرر من الاستبداد والاستعمار يتسحيل إعادة توحيد اليمن كهدف أساس من أهداف الثورة سنأتي له فيما بعد. ماذا بعد ذلك؟!.. إن على أبنائنا أن يستوعبوا أن الهدف الأول للثورة لم ينحصر في التحرر من الاستبداد والاستعمار فقط.. لكن أيضاً التحرر من مخلفاتهما ومخلفات الاستبداد والاستعمار هي التخلف والجهل والمرض والفقر والعزلة الداخلية والخارجية والظلم والقهر والذل والمهانة واستعادة حرية الإنسان وتخليصه من الفقر والجهل والمرض، والقضاء على العزلة، واستعادة العزة والكرامة للإنسان، والتحرر من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية المتخلفة البدائية، وبناء اقتصاد وطني قوي، وتحرير الجيش من أحواله وقدراته وكفاءاته وأسلحته المتخلفة، وبناء جيش وطني جديد مدرب ومؤهل، ومزود بأسلحة حديثة تمكنه من حماية البلاد والدفاع عنها، وهكذا في مجال الإدارة والتعليم والصحة، والمواصلات و... و... إلخ هدفت الثورة إلى النهوض بهذه المجالات خدمة للإنسان اليمني وتحريراً لحياته من التخلف. إن على أبنائنا الذين لم يعيشوا قبل الثورة ولم يعرفوا حياة ما قبل الثورة أن يعلموا وقبل أن يغرر بهم أحد أو يغالطهم موتور أن كل ما يتمتعون به اليوم لم نكن نجد منه شيئاً قبل الثورة، ولولا الثورة لعاشوا حياة آبائهم، حياة البؤس والحرمان.. فالثورة هي الحياة.. وقبلها الموت.