أواصل الحديث حول الثورة اليمنية الخالدة من خلال تناول أهدافها.. فإذا كان الهدف الأول، العبارة الأولى منه تؤكد واحدية الثورة اليمنية للتحرر من الاستبداد الحميدي الأسري في الشمال، والاستعمار الأجنبي الجاثم على محافظاتنا الجنوبية وأزلامه من حكام جنوبنا الحبيب.. فإن الحيث اليوم سيكون حول بقية الهدف الأول الذي ينص على: »التحرر من الاستبداد والاستعمار، ومخلفاتهما، وإقامة حكم جمهوري عادل«. إن الجزء الثاني من الهدف الأول بعد التحرر من حكم الاستبداد والاستعمار هو التحرر من مخلفاتهما.. ومخلفاتهما الجهل والفقر والمرض والتخلف العام والشامل. كانت تعاني اليمن في ظل حكم بيت حميد الدين، والاستعمار الإنجليزي من حياة كلها بؤس وحرمان من أبسط مقومات الحياة الإنسانية.. كانت العزلة تقتلهم، والفقر ينهشهم، والابتزاز والنهب لشقاهم وعرقهم وإنتاجهم اليسير يؤول إلى إمامهم، الذي كانت مدافنه مليئة بالحبوب، ومخازنه تزدحم بالمال والسمن والعسل، وحظائره بالأغنام والماعز والماشية، بينما الشعب يموت جوعاًَ.. وتمر الجنائز يومياً من أمام قصوره بالعشرات دون أن يرق له قلب، أو تدمع له عين.. عاش الشعب اليمني على الدجل والشعوذة وبركات الإمام غير »المبروك« لأنه لا طرق، لا مواصلات، لا صحة، ولا مدارس سوى في تعز مدرسة وصنعاء مدرسة لتأهيل كتّاب وكتبة لحكمه، وتخريج فقهاء للكتاتيب لتعليم أبناء اليمن في حدود ما يعينهم على الصلاة.. أما الانتقال فكان على الحمير والجمال وسيراً على الأقدام، وفي حدود التواصل إلى العزل وقراها.. أما الاقتصاد فبدائي يقتصر على إنتاج الكفاف والمقايضة، وفوق البؤس والحرمان ظلم وابتزاز ونهب من قبل الحكام سواء في الشمال أم الجنوب اليمني الذي لم تتميز فيه سوى عدن كمقر قيادي للإنجليز. كل هذه العوامل هي التي أدت إلى الثورة التي تعهدت في هدفها الأول على التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما.. والتحرر من المخلفات هو بإنهاء العزلة الداخلية بين اليمنيين مع بعضهم، وبين اليمنيين وأشقائهم العرب، وبين العالم، ونشر التعليم وإقامة الطرق والمطارات والموانئ وتطوير نظم الإنتاج والتجارة والاهتمام بصحة الشعب وتحريره من الظلم والابتزاز.. وحين نقارن اليوم ما هي عليه اليمن وبين ما قبل الثورة، فإن النتيجة فرق كبير كالفرق بين الحياة والموت.