اليوم .. حركة عدم الانحياز، والحياد الإيجابي ما زالت حية ترزق وينضوي تحت لوائها عدد كبير من دول العالم التي تملك من القوة والامكانات، والموارد الهائلة والاستراتيجية .. فيما لو وظفت بشكل سليم صحيح لمصالح دول وشعوب الحركة ولخدمة أمنها واستقرارها وصيانة سيادتها وخدمة الحركة الانسانية على المستوى العالمي .. وأهمها الأمن والسلام الدوليين والتعايش السلمي بين الأمم، والتعاون غير المشروط بين الشعوب وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبلدان العالم، وإعادة صياغة النظام العالمي الجديد على أساس من العدل والمساواة والندية، وحق الشعوب في تقرير مصيرها واختيار أنظمتها، واحترام ثقافات وديانات الآخرين، وتصفية بقايا الاستعمار ومخلفاته، وتعويض البلدان التي استعمرت من البلدان المستعمرة عما لحق بها من اضرار .. إن حركة عدم الانحيار والحياد الإيجابي يجب ان تعود للعب دور إيجابي في السياسة الدولية وإعادة توجيهها الوجهة السليمة لصالح الاستقرار الدولي، والأمن والسلام العالميين. إن العالم اليوم يعاني الفوضى والابتزاز والظلم والقهر من قبل القوى الغربية.. وبالذات الإدارة الأمريكية والحكومة البريطانية .. بينما من يتلقى الظلم ويقع عليه القهر، هم بقية العالم الذين ينتظمون في إطار حركة عدم الانحياز، فهم المجتمع الدولي، وهم الذين يقع عليه ظلم وقهر القرارات الدولية وهو ما يستدعي من الحركة تبني سياسة واضحة وعملية تحرير القرار الدولي من الهيمنة الأمريكية.. واعادته فعلاً إلى المجتمع الدولي. كما ان حركة عدم الانحياز تملك الثروات والأموال والامكانات البشرية وبإمكانها فيما بينها ان تخطو خطوات كبيرة في مجال التنمية التكاملية والتعاون المشترك وإقامة شراكة حقيقية فيما بينها وتشكل تجمعاً دولياً سياسياً واقتصادياً لمواجهة الاقتصاديات الابتزازية وحماية نفسها من التهديدات والمخاطر الاستعمارية الجديدة التي تسعى لتحويلها إلى دول تابعة خانعة خاضعة .. ولتجاوز وضعها الحالي الذي لا يزيد عن المواجهة السلبية الإعلامية تجاه القضايا والمشاكل والنزاعات الدولية.. وتبدأ تتبنى مواقف إيجابية وعملية ومادية قادرة على كبح جماح النظام العالمي الجديد الذي يستهدف دولها وشعوبها بالابتزاز السياسي والاقتصادي والثقافي والتدخل في شؤونها الداخلية بطرق سافرة وفاضحة. حركة عدم الانحياز كيف لا تفكر في سياسات جديدة تواكب التحولات الدولية وتمكنها من التحرر من هيمنة السياسات الاستعمارية الجديدة التي تتخفى تحت ما يسمى «النظام العالمي الجديد».