نحن في الوطن العربي والعالم الإسلامي .. وأقصد الأنظمة العربية والإسلامية ، وحتى الأنظمة في بلدان العالم الثالث.. بإمكاننا أن نعيد للعالم توازنه ، واستقراره ، وأمنه ، الذي كان سائداً في الفترة التي سبقت انهيار الاتحاد السوفيتي كقوة عملاقة رادعة أمام القوة الغربية «حلف الاطلسي» بزعامة الولاياتالمتحدةالامريكية. إن إعادة النظر من قبل الأنظمة العربية والإسلامية في علاقاتها الدولية ، وفقاً لسياسة عدم الانحياز والحياد الإيجابي ، واقامة علاقات متوازنة مع كل القوى العالمية الكبرى حسب ماتمليه عليه المصالح العربية الإسلامية ، وبما يحقق ويعيد التوازن الدولي .. لأن ماحدث من توجه ، وارتماء في احضان الغرب ، وبالذات الولاياتالمتحدةالامريكية يعد انهيار الاتحاد السوفيتي كان سبباً فاعلاً في غرور ، وتعالي ، واستكبار القوى الغربية ، وخاصة الإدارة الامريكية ، والاندفاع بكل غطرسة لامتهان وانتهاك سيادة واستقلال العالم ، والاعتداء على الشعوب والتآمر على الانظمة الوطنية في مختلف بقاع العالم ، ولم تسلم من غطرستها وامتهانها حتى الأنظمة التي كانت حليفة لها طيلة عقود من الزمن.. بل شاركت بإيجابية وبمباشرة معها في الحرب ضد الاتحاد السوفيتي والتآمر عليه حتى انهار.. لتنفرد امريكا بالعالم.. وتتدخل في شؤونه منتهك كل القوانين والمواثيق والإعلانات الدولية ، بل ومنتهكة حتى دستور الولاياتالمتحدة.. نعم حتى الأنظمة التي كانت حليفة إيجابية ومباشرة ضد الاتحاد السوفيتي.. لم تسلم اليوم من غطرسة وتآمر الإدارة الامريكية التي تنكرت لجميل هذه الأنظمة الحليفة في الوطن العربي والعالم الإسلامي وبعد أن حققت هدفها ، واسقطت الاتحاد السوفيتي الذي كان يقف حائلاً بينها ، وبين الهيمنة على العالم. واليوم ، وبعد أن أدركت الأنظمة العربية والإسلامية أن الغرب والولاياتالمتحدة بالذات ، ادراكاً بالتجربة والمعايشة لايحفظون جميلاً ولايعترفون بمعروف .. ويتنكرون لكل حليف وصديق بعد أن يحققوا أهدافهم.. وان تبدأ تستيقظ لنفسها ، وتعيد النظر في علاقاتها الدولية بحيث تبدأ بالتوجه لتوسيع علاقاتها الاقتصادية ، والتجارية والعسكرية نحو بقية القوى الاخرى بدلاً من أن تظل علاقاتها محصورة مع الغرب الذي لايؤمن .. إن العودة اليوم نحو روسيا الاتحادية والصين الشعبية وكوريا الشمالية وكوبا والهند وماليزيا واليابان كقوى اقتصادية وعسكرية ، ورفع مستوى العلاقات معها وفتح الطريق أمامها للاستثمار في الأقطار العربية ، والامصار الإسلامية ورفع مستوى التعاون التقني والعلمي معها في مجالات التطور والتنمية وبالذات أن هذه القوى أصبحت على درجة عالية من التطور الاقتصادي والعسكري والتقني والعلمي ، ناهيك أن التعاون مع هذه القوى أرخص كلفة واضمن وأكثر أماناً وايسر شروطاً إلى جانب ماستجنيه البلاد العربية والإسلامية من مواقف سياسية حازمة مع القضايا العربية ضد الغرب الامبريالي وعودة التوازن للعالم.. وأرى أن الوقت حان لذلك.