لقد بات من الأمر الواقعي تقريباً أن يكون انسحاب القوات الأمريكية من العراق هو الخيار المطروح في ظل ما أكده الديمقراطيون وما أعلنه وزير الدفاع الأمريكي عن فشل استراتيجية الولاياتالمتحدة في العراق وهو في حد ذاته انتصار ساحق ستحققه المقاومة العراقية والشعب العراقي للخروج من المأزق الظلامي والاحتلال الأمريكي والانفلات الأمني ومؤشرات حقيقية لحرب أهلية بعد ما أصبح لامبرر لوجود القوات الأمريكية ولامتعددة الجنسيات في العراق في ظل عهد ديكتاتوري أذاق العراقيين الأمرين ونهب كل ثروات العراق النفطية وآثاره التاريخية القديمة بهدف طمس الهوية العراقية اضافة إلى الآلاف من المواطنين الذين سقطوا نتيجة للسياسة الهوجاء للرئيس بوش وبعد أن أفلست كل السيناريوهات التي كانت تعزف على أوتارها الولاياتالمتحدة وتسويقها إلى العراقيين الحرية والديمقراطية والرخاء الاقتصادي والاستقرار الأمني وبعد فشل مشروعها الشرق الأوسط الكبير والجديد الذي جعل من العراق انطلاقاً إلى دول الشرق الأوسط ولم يتحقق من الغزو الأمريكي للعراق إلا توفير الأمن والسلام للعدو الصهيوني والمعاناة للشعب العراقي والفقر والبطالة والفساد وتحقيق المصالح الأمريكية وحكومة هشة لاتعرف ولاتجيد إلا هز الرؤوس. لقد سجلت المقاومة العراقية الباسلة قفزات نوعية في التصدي لمخططات الولاياتالمتحدة ولقنتها دروساً قاسية وهزائم مادية وبشرية لم تعلن عنها حتى اليوم خوفاً من الغضب الشعبي الأمريكي وهي الانتصارات التي قلبت الموازين في العراق رأساً على عقب وبالذات ماحدث في انتخابات الكونجرس الأمريكي الأخيرة وفوز الديمقراطيين وهي الصفعة التي تلقاها الحزب الجمهوري ازاء السياسة الرعناء والتخبط العشوائي للرئيس بوش وسياسته الفاشلة والمفلسة وهذه لها انعكاساتها في الانتخابات الأمريكية القادمة. لقد بات الفشل واضحاً للعيان في العراق يذكرنا بهزيمة الولاياتالمتحدةالأمريكية في فيتنام والصومال وسقوط خيار مشروع الشرق الأوسط الكبير والتغيير الجذري للأنظمة العربية والمناهج التربوية والتعليمية والدينية خدمة لتوفير الأمن والاعتراف بإسرائيل وصار جلياً أن تدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية في العالمين العربي والاسلامي جاء في المقام الأول للحفاظ على مصالحها القومية بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م وفرض الرأسمالية والديمقراطية على دول منطقة الشرق الأوسط بإعطاء مشروعها السيء الصيت لاعادة تشكيل المنطقة ثقافياً واقتصادياً وسياسياً ومثل ذلك ضمانة للأمن القومي الأمريكي وخلال الفترة السابقة أفرزت تناقضات السياسة الأمريكية ومنذ الحادي عشر من سبتمبر ومابعدها مفارقات غريبة بإلصاق تهمة الارهاب بالعرب والمسلمين وازدياد الضغوط الاقتصادية مما زاد الكره والغضب العربي والإسلامي على هذه السياسة الهوجاء والاستبداد والهيمنة والغطرسة لضمان أمن اسرائيل وتحقيق الحلم اليهودي دولة اسرائيل الكبرى.