عيد مبارك.. وها نحن نعود بالسلامة إلى حياة قبل العيد، وحياة بعد العيد، نرجو أن تكون إجازة العيد قد منحتنا جميعاً النشاط وكثير الحيوية والعزم على إنجاز الأعمال بضمائر حيّة وخوف من الله وحب لهذا الوطن العزيز. لقد كانت إجازة العيد فرصة طيبة ونرجو إن كانت كذلك لمراجعة النفس ومحاسبتها، جنباً إلى جنب مع الترفيه عنها، فالسلبيات التي نعبّر عن انزعاجنا منها لا تأتي إلينا عبر أشعة الشمس، ولا همس الرياح، ولا عبر ظلمات الليل، وإنما نحن الذين نصنعها وبشغف وإصرار، وقد آن الأوان للخلاص منها إذا أردنا أن نعيش حياة محترمة سعيدة، والاقتصاد الذي نشكوه لم يفرضه أحد علينا وإنما كسلنا عن فلاحة الأرض والتماس الخيرات من باطنها واعتمادنا على الغير هو الذي منحنا كل هذا الضيق والملل والشكوى المرّة من تدني العملة وعدم قدرتنا على مواجهة المتطلبات الأسرية والحياتية بشكل عام. أما علاقاتنا العامة داخل الأسرة وخارجها، علاقتنا بالله والحاكم والمحكوم والأرض والطبيعة والمعارف التي سبقنا إليها العالم المتحضر، فنرجو أن تكون إجازة العيد قد منحتنا فرصة كافية للنظر في أسباب تأزمها واهترائها وتدهورها كذلك. وإذا كانت إجازة العيد قد علّمتنا أشياء إيجابية كصلة الأرحام وزيارة الأصدقاء والصلة بالله عن طريق الأذكار والأوراد والدعاء والتبسط مع الأهل والأطفال والإحسان إلى الأيتام والأرامل فنرجو أن نتمسك بهذه العادات ونحرص على أن تظل معنا، فهي عادات تعبدية جميلة ورائعة من شأنها أن تنقلنا إلى مصاف الصادقين الأبرار. أما العادات السيئة التي ربما مارسها كثيرون منا أيام العيد فهي مضغ القات، هذه النبتة السيئة التي لا نعلم متى سنتخلص منها، فبعض «المخزنين» حرموا أولادهم بهجة العيد وكبش العيد وكسوة العيد بسببها. كما أن هناك عادة أخرى مصاحبة للقات وهي التدخين، فأنت عندما تزور بعض الأصدقاء «المقيلين» ستجد أنهم غارقون في غمام أسود كثيف من الدخان القاتل، وبعض الناس علّمته إجازة العيد أن يستمر في هذا الإسراف الذي هو السبب في تعاسته وعيشه الذليل بين الناس، كما أن من هذه العادات السيئة عند بعض الناس هو الخلود للكسل، فالقات يبدأ من بعد العشاء حتى مطلع الفجر، حتى ليذهب وقت صلاة الفجر، فلا تؤدى هذه الفريضة إلا قضاءً. ها نحن نعود من الإجازة فتنظرنا أعمالنا التي نحن مسؤولون أمام الله عنها في تجويدها والإخلاص فيها، فهل كان العيد فرصة مناسبة لمحاسبة النفس على التقصير؟! نأمل ذلك.